قفز سعر الدولار فى السوق الموازية بمصر اليوم الاثنين، ليصل إلى تسعة جنيهات لأول مرة مع تفاقم شح العملة الصعبة وتراجع إيرادات السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة. وقال متعاملان فى السوق الموازية لوكالة رويترز اليوم إن الدولار قفز إلى تسعة جنيهات مقابل 8.85 جنيه أمس الأحد. وفى جولة لمراسل رويترز على عدد من شركات الصرافة فى وسط القاهرة أكدوا جميعا عدم توافر دولار لديهم. وقال متعامل فى السوق الموازية “هناك تكالب كبير على شراء الدولار وسط ضعف فى المعروض من قبل شركات الصرافة. والرغبة الشديدة فى الاحتفاظ بالدولار هى سبب تفاقم الأزمة.” وتقاوم مصر بشدة ضغوطا لخفض قيمة الجنيه وتعمل على ترشيد مبيعات الدولار عن طريق عطاءات أسبوعية لبيع العملة إلى البنوك مما يبقى الجنيه عند مستوى قوى بشكل مصطنع. وقال هانى جنينة من بلتون المالية “هناك مشكلة حقيقية يشعر بها الجميع. لابد من زيادة الحد الأقصى للإيداع عن 250 ألف دولار أو إلغاء هذه الآلية من الأساس حتى لا يتم حجز الدولار فى السوق الموازية.” ورفع البنك المركزى المصرى فى يناير الحد الأقصى للإيداع النقدى بالعملات الأجنبية إلى 250 ألف دولار شهريا من 50 ألفا وبدون حد أقصى للإيداع اليومى وذلك لتغطية واردات بعض السلع والمنتجات الأساسية. وذكر البنك أن السقف الجديد البالغ 250 ألف دولار أو ما يعادله بالعملات الأجنبية يسرى فقط على “الأشخاص الاعتبارية” بغرض تلبية الاحتياجات لتغطية واردات بعض السلع والمنتجات الأساسية ولا ينطبق على “الأفراد الطبيعيين”. وقال مسؤول مصرفى بقطاع الخزانة فى أحد البنوك الخاصة فى مصر لرويترز “سقف الإيداع أحد أسباب العملة بجانب خفض حد السيولة للمسافرين إلى الخارج. لابد من تحرك جوهرى من قبل المركزى قبل زيادة السعر عن ذلك.” ويمنح البنك الأهلى المصرى 2000 دولار للمسافر إلى الخارج بدلا من 3000 دولار سابقا بينما يوفر بنك اتش.اس.بي.سى 250 دولارا للمسافر وبنك مصر 500 دولار. وبلغ إجمالى واردات مصر فى 2015 نحو 80 مليار دولار وهو ما يمثل عبئا كبيرا على البنك المركزى لتوفير الدولار اللازم لتمويل عمليات الاستيراد وسط شح الموارد الدولارية للبلد التى يقطنها أكثر من 90 مليون مواطن. وأرجع مسؤول فى أحد البنوك الحكومية قفزة الدولار فى السوق الموازية اليوم إلى المضاربات على العملة بجانب تسعير الحكومة للدولار عند 8.25 جنيه فى الموازنة المقبلة. وكان مصدران حكوميان مطلعان أبلغا رويترز فى وقت سابق من الشهر الجارى إن مصر تضع ميزانية السنة المالية المقبلة 2016-2017 على أساس سعر 8.25 جنيه للدولار مقارنة مع 7.75 جنيه فى السنة المالية الحالية. ويعنى سعر الصرف المقترح فى الموازنة الجديدة أن الحكومة ستتجه بشكل مباشر نحو تخفيض سعر الصرف الرسمى للعملة عن مستواه الحالى عند 7.7301 جنيه للدولار، فى خطوة قد تجذب لها الاستثمارات الأجنبية التى هربت بعد انتفاضة يناير كانون الثانى 2011 من قطاعات اقتصادية كثيرة باستثناء القطاع النفطي. وقال مسؤول فى أحد البنوك الخاصة “شح تدفقات العملة الصعبة من السياحة والاستثمارات الأجنبية أحد أسباب نقص العملة الصعبة بجانب الخفض المتوقع للجنيه الذى ساعد على تسريع وتيرة الارتفاع فى السوق الموازية.” وتمر مصر بمصاعب اقتصادية منذ انتفاضة يناير كانون الثانى 2011 التى أنهت حكم حسنى مبارك الذى استمر 30 عاما. وأدت القلاقل الأمنية والسياسية منذ ذلك الحين إلى إحجام المستثمرين الأجانب والسياح الذين تعتمد عليهم مصر كمصدر للعملة الأجنبية عن المجىء. لكن الحكومة تسعى جاهدة لإقالة الاقتصاد من عثرته وإنعاش الاستثمارات ومساعدة الشركات على النهوض من جديد. وهوت احتياطيات البلاد من النقد الأجنبى من 36 مليار دولار فى 2011 إلى حوالى 16.477 مليار دولار فى نهاية يناير مما يجعل من الصعب على البنك المركزى حماية قيمة الجنيه المصرى. ويسمح البنك رسميا لمكاتب الصرافة ببيع الدولار بفارق 15 قرشا فوق أو دون سعر البيع الرسمي. لكن السوق السوداء فى العملة تنشط مع شح الدولار.