الشعب المصرى معروف عنه أنه شعب محب “للطرفة” أو “النكتة” فهو بطبعه شعب لا يميل إلى الكآبة، ولكن للنكتة حدود فقد تجاوز الأمر من مجردة نكتة إلى الوقوع فيما نهى الله عنه، معظم النكت لدى المصريين تكون عنصرية فمثلا تجد نكتة تبدأ “مرة واحد صعيدى”، وأخرى “مرة واحد فلاح”، بل نجد أن من النكات أنها وصلت للجنسية فتجد من يقول “مرة واحد سعودى وواحد لبنانى وآخر مصرى”، وهكذا من النكات التى توقع صاحبها فيما حرمه الله، وهى السخرية من الناس فقال تعالى فى القرآن الكريم “لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم”. وتجاوز البعض فى النكات إلى الدين نفسه فنجد نكات تقول مرة واحدة مسيحى وآخر مسلم وآخر يهودى “،وهكذا بل وصل الأمر إلى “الملائكة” لدى البعض، اليوم السابع استطلع آراء علماء الأزهر والإفتاء الذين أكدوا أن النكات التى تحوى سخرية من أقوام أو الدين منهيا عنها وحرام شرعا، مشيرين فى الوقت ذاته إلى جواز إطلاق النكات والطرفة ما دامت قد خلت من السخرية من البعض،مستندين إلى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يطلق النكات أو الطرفات،مستشهدين بقوله لحنظلة “ساعة وساعة”. فى البداية يقول الدكتور عبد المنعم فؤاد، عميد كلية العلوم الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، إن النكتة معناها الشىء النادر،فإذا استمر الإنسان على الأمر الجاد فترة طويلة قد تمل النفس ونحن مطلوب نروح النفس ولو ساعة فتأتى بما يسمى بالطرفة أو النادرة والطرفة هى الشىء البسيط والنادر هو الشىء الذى ليس هو الأساس، مضيفا أن الإنسان إذا ما تحدث حديثا كثير شريطة أن لا تكون النكتة فيها سخرية من القوم أو فى شخص ما أو فئة ما فإن وقعت عن طريق السخرية فهذا منهى عنه شرعا لقوله تعالى “لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم”. وأضاف فى تصريحات لـ”اليوم السابع”، أما اذا كانت نكتة تحكى طرفة معينة لا تختص بفئة معينة قد تكون عن شجرا او مكانا معينا أو واقعة معينة حدثت لا تضر الآخرين فهذا لا بأس به، أم المنهى عنه هو النكت التى تسخر بالقوم، ولذلك من نتائج النكتة الساخرة من أقوام قد تؤدى إلى الفتن وإثارة البغضاء فى النفوس بين القوم أما الطرفة او النكتة الخفيفة التى تضحك القوم ولا تؤذى الآخرين فهذا شىء مطلوب فكان النبى كانت تقع أمامه بعض هذه الأشياء من الصحابة وهو نفسه كان صلى الله عليه وسلم يعطى طرفة أو نكتة فيها من الابتسامة وترويح القلب ما فيها. وهناك أمثلة كثيرة فى ذلك منها المرأة التى دخلت على النبيى صلى الله عليه وسلم وسألته سؤالا وقالت يا رسول الله هل أن ادخل الجنة وكانت امرأة عجوز فضحك النبى وقال لها النبيى لا يدخل الجنة عجوز فهذه النكتة جعلتها تتخذ جانبا وهى لا تفهم المسألة وتبكى فقيل له يا رسول أنها لا تضحك إنها تبكى فقال لها يا امرأة أما قرأتى قول الله تعالى “إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا ” فأنتى فى الآخرة تأتين بكرا فابتسمت المرأة رضى الله عنها. ومن الأشياء التى وقعت فى عهد النبى أن أحد الصحابة ذهب إلى رسول الله فوجده فى خيمة صغيرة جدا نادى يا رسول الله أنا خارج القبة أدخل يا رسول الله قال له النبى ادخل فلما أراد أن يدخل قال يا رسول الله أدخل كلى أم بنصفى فضحك النبى فقال النبى ادخل به كله أى جسده. وعلى ضوء ذلك نرى أن الطرفة مطلوبة والنكتة مطلوبة شريطة ان لا تضر الآخرين وأن لا يكون فيها شىء يؤدى إلى العنصرية والفتن بل أن هناك من الطرف ما يفيد ويؤدى إلى تجدد الحركة الدموية وفكر الإنسان وهذا نجده فى كتب كبار العلماء. فالنكتة ضمن المناهج فى الغرب وكيفية فائدة الطلاب منه حيث أن المدرس فى بعض المدارس يدخل فيعطى نكتة للطلاب قبل بداية الدرس فيضحكوا فإذا لم تكن معه طرفة يدعوا احد الطلاب أن يقول نكتة لزملائه فإذا لم توجد نكتة يلغى الدرس ليوم آخر، والنبى قال يا حنظلة ساعة وساعة فالعالم أو المدرس أو الاستاذ أو المحاضر عليه أن يتخير أوقاتا فيه إلقاء الطرفة أو النادرة أو النكتة ولكن يراعى المقام الذى هو فيه لابد من مراعاة المقام ولابد أن يكون أكثر أقواله فى الجدية أما إن كان الدرس كله فى النكت وطرائف قد خرج من الجدية إلى عدم الجدية. أما هذا الذى يقال عن الصعايدة أو الفلاحين قد يؤدى إلى تقليل قيمة هذه الفئة من الناس فتثير الفتنة ومن هنا يجب أن يراعى شعور الآخرين ويطبق منهج الله”لا يسخر قوم من قوم”، ومن الشروط الواجبة فى النكتة أن لا تكون السخرية من أشياء فى الدين نرى البعض يسخر من الملائكة أو الدين، فهذه الأمور يجب أن يحذرها الإنسان ويأتى بما يفيد من الطرائف التى ترفع السآمة أى الملل والضجر من النفوس ولا تدعوا إلى العنصرية والكراهية والتقليل من الآخرين فالإسلام راعى هذا الشعور كله فالإسلام ليس دين منغلقا إنما فيه ساعة وساعة. من جانبه قال الشيخ خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية،أن السخرية من الخلق فعلا حرام لكن ليس كل النكت يقصد بها السخرية،النكت التى تشتمل على الحرمة هى السخرية من الناس فالإنسان محل تكريم الله تعالى والله تعالى يقول “يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم”،والنبى صلى الله عليه وسلم كان يمزح ولا يقول إلا صدقا،فمراعاة الأخلاق حتى فى حال المزاح والضحك أمر واجب. من جانبه قال الدكتور مختار مرزوق،عميد كلية اصول الدين بجامعة الأزهر فرع أسيوط،أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ” إن أعظم الناس جُرْمًا إنسان شاعِر يَهجو القبيلة مِن أسْرِها”،مضيفا أن إطلاق النكات على الصعايدة او غيرهم من جنسيات مختلفة إنما يعد غيبة لكل أفراد تلك الفئة وهم غرماؤك يوم القيامة،ومادام الكلام على رجل معين أو قوم معينين فالحرمة مؤكدة.