نجاح المشروع التجريبى لمعالجة مياه بحيرة المنزلة على مساحة 50 فدانا
كشفت تقارير رسمية للمركز القومى للبحوث المائية، عن نجاح المشروع التجريبى للمعالجة البيولوجية لبحيرة المنزلة على مساحة 50 فدانا، الذى تم تنفيذه بالتنسيق مع وزارة البيئة، وبمشاركة برنامج الأمم المتحدة الإنمائى ومحافظة بورسعيد، لمعالجة مشكلة مياه الصرف الملوثة التى تصب فى بحيرة المنزلة عن طريق مصرف بحر البقر، حيث تقوم المحطة بمعالجة 25 ألف متر مكعب من مياه الصرف يوميا باستخدام نظام المعالجة البيولوجية كوسيلة طبيعية ومنخفضة التكاليف لمعالجة مياه الصرف.
وأوضحت التقارير أن المشروع يعتمد على نظام بسيط يبدأ بضخ المياه من مصرف بحر البقر إلى أحواض ضخمة يسمح فيها بترسيب المواد العالقة، وبعدها تمر المياه فى مجموعه من خلايا المعالجة السطحية والمزروع بها نبات البوص حيث يتم إزالة 75% على الأقل من الملوثات، ثم يتم توجيه جزء من المياه المعالجة إلى المزارع السمكية والباقى يستخدم فى الزراعة أو يتم إعادته إلى المصرف مرة أخرى ويعد المشروع نموذج ناجح لتحقيق التوازن بين الحفاظ على الموارد الطبيعية وتحقيق التنمية.
وأكدت التقارير أن المشروع خطوة رائدة فى تطبيق طرق المعالجة البيولوجية، لما له من فائدة صحية وبيئية واقتصادية، حيث تصل تكلفة هذه التكنولوجيا إلى 10% من تكلفة وسائل المعالجة التقليدية، خاصة أن الأرض تتوفر بسعر مناسب مما يجعلها وسيلة مناسبة لمعالجة تلوث المياه وفى نفس الوقت تعتبر تكنولوجيا صديقة للبيئة حيث لا يستعمل فيها أى كيماويات وصيانتها بسيطة بالمقارنة بالتكنولوجيات الأخرى.
ولفتت التقارير إلى أنه تم تسليم المحطة إلى المركز القومى لبحوث المياه للاستمرار فى تشغيل المشروع وتحويله إلى محطة للبحوث المائية خاصة فى مجال معالجة مياه الصرف كمصدر غير تقليدى للمياه وإعادة استخدامها فى مختلف المجالات.
من جانبه أوضح الدكتور محمد عبد المطلب رئيس المركز القومى لبحوث المياه، أن محطة المنزلة للبحوث المائية، خير مثال على حماية البحيرات الشمالية وبالأخص بحيرة المنزلة وتخفيض أحجام التلوث الداخل لبحيرة المنزلة، حيث توجد المحطة والتى يديرها معهد بحوث الصرف وفريق من الباحثين والمهندسين ذوى الخبرة والكفاءة فى مجال تقنيات معالجة وإعادة استخدام المياه، بالكيلو 3 على مصب مصرف بحر البقر فى بحيرة المنزلة فى زمام محافظة بورسعيد وتشغل مساحة 200 فدان.
وأضاف عبد المطلب فى تصريحات صحفية، أن المحطة تتكون من منظومة معالجة بيولوجية بالأراضى الرطبة المشيدة على مساحة 50 فدان لتنقية 25000 متر مكعب يوميا من مياه مصرف بحر البقر شديدة التلوث، وتتلخص التقنية فى إمرار المياه الملوثة بأحواض ترسيب تليها خلايا نباتية تقوم فيها النباتات المائية (كالبوص وذيل القط) وما تحمله من بكتيريا نافعة بامتصاص وهضم الملوثات بأنواعها وتنقية المياه للحدود المسموحة بها قانونا، وأسلوب المعالجة هذا منخفض التكاليف للإنشاء والتشغيل والصيانة وعالى الكفاءة مقارنة بكل طرق المعالجة التقليدية.
وأكدت التقارير أنه تم إنشاء مزرعة تجريبية وإرشادية مساحتها أربعة أفدنة داخل المحطة بغرض استغلال المياه المعالجة الناتجة لاستصلاح أرض المزرعة وغسيل أملاحها وانتاج محاصيل تقليدية تناسب نوعية المياه (تركيز ملوحة المياه المعالجة تتراوح من 2500 إلى 3200 جزء فى المليون)، والتربة (تركيز ملوحة التربة تتراوح من 100 ألف إلى 125 ألف جزء فى المليون) نظراً لأن أراضى المحطة المعالجة تقع فى زمام بحيرة المنزلة التى توصف بأنها شديدة الملوحة والقلوية وتتجاوز تركيز أملاح التربة ثلاثة أمثال ملوحة مياه البحر كما تعانى التربة من القلوية الزائدة التى تعيق الصرف الطبيعى للمياه.
وأشارت التقارير إلى أن ملوحة التربة انخفضت إلى 16 ألف جزء فى المليون أى بنسبة معالجة قدرها 84%، مما أدى أى التحول لاختيار زراعة محاصيل أقل حساسية للملوحة مثل بنجر السكر والدنيبة، حيث تم زراعة بنجر السكر خلال شتاء 2014 – 2015 والذى كان إنتاجه مبشراً بالنسبة لحالة التربة وملوحتها، حيث كان إنتاج الفدان حوالى 7 أطنان من البنجر وهو إنتاج يضارع مثيله بالأراضى المستصلحة غير المالحة، التى تروى بمياه النيل العذبة، ولكن تميز انتاج المزرعة التجريبية من البنجر بارتفاع نسبة السكر بالدرنات والتى تجاوز 22% مقارنة بحوالى 17% فى انتاج أراضى الدلتا القديمة وحديثة الاستصلاح، وقد تم توريد إنتاج المزرعة إلى أحد مصانع انتاج السكر، وخلال صيف 2015 تم زراعة نبات الدنيبة والذى يتناسب مع درجة ملوحة التربة والمياه وذلك والذى يستخدم كغذاء لطيور الزينة مما يزيد من قيمته المادية عن قيمة محصول الأرز.
وأكدت التقارير أنه يمكن تحويل الأراضى المجاورة لبحيرة المنزلة إلى أراضى مستصلحة ومنتجة لمحاصيل زراعية تقليدية تدر دخلا اقتصاديا، إذا قام قاطنو البحيرة وما يحيطها من أراضى بتكرار التجربة ويمكنهم بذلك الاستغناء عن شراء الأعلاف اللازمة للإنتاج الحيوانى وذلك بإنتاج محاصيل وأعلاف اقتصادية وآمنة بيئيا.
فى الوقت نفسه أكدت الأبحاث أنه نظرا للملوحة الشديدة والقلوية السائدة على الأراضى المحيطة ببحيرة المنزلة فيستحيل زراعة أى محاصيل تقليدية أو خضروات فى تلك النوعية من التربة إلا بعد عشرة سنوات من الاستصلاح وغسيل الأملاح، كما يشكل قش الأرز أحد المشاكل البيئية الخطرة بمناطق زراعة الأرز بشمال الدلتا نظرا لسوء التعامل معه والتخلص منه عن طريق الحرق مسبباً مشاكل بيئية وصحية كثيرة وأشهرها حدوث السحابة السوداء فى مناطق زراعته.
وأكدت التقارير أنه تم تنفيذ تجربة رائدة بمحطة المنزلة للبحوث المائية تتلخص فى زراعة عدد من أنواع الخضروات على طبقات من قش الأرز بديلا عن الزراعة بالتربة الملحية القلوية، حيث تم تجهيز نظام للرى بالتنقيط يعتمد على المياه المعالجة المنتجة من المحطة، وتثبيته على ثلاثة صفوف من بالات قش الأرز (بأبعاد 1.0 × 0.40 × 0.4 متر للبالة الواحدة) يتكون كل صف من طبقتين من البال وفرش طبقة رقيقة سطحية من قشور حبات الأرز (السرس) للمساعدة فى الاحتفاظ بالماء فى منطقة جذور النبات.
كما تم انتخاب أنواع من شتلات الطماطم والباذنجان والفلفل تناسب درجة ملوحة المياه المعالجة (2500 إلى 3200 جزء فى المليون) وزراعة الشتلات على بالات القش مع الرى بالتنقيط، ولم يتم اضافة أى أسمدة كيماوية أو رش مبيدات حشرية وذلك لإنتاج خضروات عضوية، وقد بلغت انتاجية الفدان من محاصيل الطماطم والباذنجان والفلفل ما يعادل 20 و22 و12 طنا على التوالى وهى إنتاجية اقتصادية وتمثل مشروعا ناجحاً إذا أقبل عليه سكان أراضى زمام بحيرة المنزلة وصيادوها، حيث تكون لهم مصدر دخل جيد جدا يمكن أن يساعدهم على تحسين مستوى معيشتهم ببيع الإنتاج الزائد عن حاجاتهم الشخصية.