رجل أعمال يدعو لثورة جياع 11/11 يقيم فرح ابنته فى «فلورنسا» بإيطاليا
اليوم السابع ، دندراوي الهواري
مليارديرات يمتلكون أبواقا إعلامية يتاجرون يوميا بأوجاع الفقراء
من حق أى غنى، لديه أموال، وحسابات بأرقام المليارات فى بنوك سويسرا وبريطانيا وأمريكا، أن ينفق أمواله فى أى وجه من وجوه الإنفاق، حسب أهوائه ورؤيته.
لكن ليس من حق هذا الثرى، الذى كون ثروته فى عصر مبارك، الفاسد والمفسد، أن يعتلى منبر الدفاع عن الغلابة والبسطاء، والمتاجرة بآلامهم وأوجاعهم، والمزايدة السمجة بأنه يتألم لحال ملايين الغلابة، دون أن يبادر ولو بوضع يده فى جيبه لاستخراج جنيه واحد يساعد به فقيرا، أو حتى يدشن مبادرة تساعد الغلابة.
مليارديرات، يمتلكون أبواقا إعلامية، يتاجرون يوميا بأوجاع الفقراء، من خلال عناوين ومانشيتات صاخبة، ظاهرها الرحمة، وباطنها العذاب.
هذه المنابر، سواء كانت قنوات فضائية، أو صحف، تصرخ فى وجه الدولة، من خلال فتح أبواقها لحفنة من الكارهين والمعقدين نفسيا، ينفثون أحقادهم ويسكبون «قيح» كراهيتهم، فى الاستديوهات أمام الكاميرات، وفوق صفحات الصحف، بلغة ممجوجة وكتابات مبتذلة، كل حرف منها يصرخ «بالمتاجرة والمزايدة» والبحث عن تحقيق مصالح شخصية.
وعلى غرار القول المأثور، أسمع كلامك أصدقك، أشوف أمورك استعجب، فإن رجلين من رجال الأعمال المصريين، أحدهما يتبنى قضايا الغلابة والفقراء فى منبره الإعلامى، ومساندة قضاياهم، من خلال الاستعانة بنشطاء وحقوقيين وثوار يكتبون عن همومهم، وهو أمر رائع وعظيم الأثر إنسانيا، فجأة قرر الرجل أن يقيم فرح زفاف ابنته، على ابن رجل أعمال مصرى أيضا شهير، وذلك فى «فلورنسا» بإيطاليا، الشهر المقبل.
وفلورنسا لمن لا يعرف، مدينة تقع فى الجزء الشمالى لوسط إيطاليا، وتعد مدينة تاريخية عريقة، وكانت عاصمة لإيطاليا بعد توحدها، فى الفترة ما بين «1865 و1871».
وعراقة مدينة فلورنسا، تعود إلى أنها كانت مركزا ثقافيا واقتصاديا كبيرا ليس فى إيطاليا فحسب ولكن فى أوروبا فى العصور الوسطى، وهى المدينة التى انطلقت منها أولى شرارات عصر النهضة الذى أخرج أوروبا من عصور الظلام والجهل والفقر، إلى عصور النهضة والتقدم والازدهار فى كل مناحى الحياة.
وتكتسب مدينة «فلورنسا» شهرتها السياحية، من موقعها الجغرافى الرائع، وبما تضمه من معالم تاريخية، ومتاحف غنية، لا حصر لها، مكنتها من اعتلاء قمة قائمة أجمل وأهم مدن العالم.
لذلك قرر رجلا الأعمال الشهيران، إقامة فرح زفاف أبنائهما، على غرار احتفالات ألف ليلة وليلة، فى المدينة الإيطالية العريقة الساحرة «فلورنسا»، ونسأل هنا، هل إقامة فرح على غرار احتفالات أسطورة ألف ليلة وليلة ألا يمثل استفزازا للمصريين الغلابة الذين يمرون بظروف اقتصادية طاحنة؟ وألا يعد إسرافا وتبذيرا مبالغ فيه فى هذه الأيام التى يطحن فيها غلاء الأسعار أجساد المصريين القادرين قبل الغلابة؟
وكم يتكلف هذا الفرح شديد التبذير، من العملات الصعبة، سواء الدولار أو اليورو والبلاد تحتاج كل سنت الآن؟ ولماذا لا يقيم رجلا الأعمال أفراح زواج أبنائهما فى المدن السياحية المصرية مثل الغردقة وشرم الشيخ أو الأقصر وأسوان؟
بل الأقصر وأسوان تفوق مدينة فلورنسا الإيطالية عراقة، لتجذرهما فى عمق التاريخ الإنسانى منذ بدء الخليقة، وأيضا ما كان لرجلى الأعمال أن يتخذا مثل هذا القرار فى هذا التوقيت العصيب من عمر الوطن، وكانا لهما أن يكونا قدوة فى كيفية مساندة ودعم بلادهما، فعلا لا قولا، وأقلها توفير العملات الصعبة التى تعانى من نقصها مصر بشكل خطير.
هكذا يتصرف أثرياء مصر بعبث فاق كل التصور، وهكذا يثبت الفقراء والغلابة، أنهم عمود خيمة هذا الوطن.