حدوته مصرية … عيد القيامة المجيد و شم النسيم .. لماذا هذا الارتباط؟!!
كتبت الاعلامية عبير محمود كبير مذيعات بالتليفزيون
إرتبط شم النسيم و هو عيد مصري فرعوني منذ آلاف السنين بعيد القيامة المجيد للسيد المسيح عليه السلام .. حتي أن كثيراً من المصريين يعتقدون أنهم عيد واحد أو بمناسبة تاريخية واحدة و هذا غير صحيح .. و تلك أصل الحكاية …!!
عيد القيامة المجيد هو الأحد الختامي للأسبوع الأخير من الصوم الكبير و هو خمسة و خمسون يوم .. و هو أسبوع مليئ بالأحداث التاريخية في العقيدة المسيحية كما ذكرنا في مقال سابق .. أما عن شم النسيم فهو عيد مصري فرعوني منذ آلاف السنين .. حتي من قبل عهد الأسرة الثالثة و هي أسرة بناة الأهرام حوالي عام ٢٧٠٠ قبل الميلاد .. أي نحو خمسة آلاف عام من زماننا هذا .. و لكن لماذا هذا الارتباط …؟!
تزامن عيد المصريين (شم النسيم) مع عيد القيامة القبطي طبقاً للتقويم المصري القديم في شهر برموده من كل عام و لكن ليس تحديداً باليوم و الساعة .. حيث كان يجيئ عيد شم النسيم دائماً في أيام الصوم الكبير في المسيحية و هو خمسة و خمسون يوم .. و بعد أن دخل الدين المسيحي الي مصر و استقبله المصريون القبط بحفاوة و اعتنقوه و ليس ذلك بغريب فهم علي مر التاريخ في بحث دائم عن الإلاه و هم أول الموحدين (إخناتون – و الذي يعتقد البعض الكثير أنه هو ذاته نبي الله إدريس) و كذاك استقبلوا الإسلام فيما بعد ذلك بما يزيد عن خمس مائة و سبعون عام حيث ولد نبي الله و رسوله الكريم محمد عليه أفضل الصلاة و السلام عام ٥٧١م – عام الفيل .. إرتأي المصريون تأجيل الإحتفال بعيدهم الوطني و طقوسه مراعاةً لتعاليم دينهم حيث الصيام حتي أحد القيامة .. فكانوا يحتفلوا بعيدهم الوطني في اليوم التالي مباشرةً لعيدهم الديني .. يوم الإثنين التالي لعيد القيامة …!!
و يتزامن أيضاً عيد شم النسيم مع عيد الفصح اليهودي و لهذا قصة و رواية .. فعندما اشتد المصريون علي اليهود أتباع موسي عليه السلام قرر اليهود الترحال عن مصر .. فخرجوا في هذا اليوم معتمدين علي انشغال المصريين بعيدهم (شم النسيم) فبذلك لن يلحظوا خروجهم بأموالهم و ما ملكت أيديهم و ما سلبوه من ذهب المصريين و خيراتهم .. و خرجوا الي سيناء مع موسي عليه السلام بعد أن شق البحر بعصاه و منها الي أرض الكنعانيين (فلسطين – أورشليم) .. و يصف ذلك “سِفْر الخروج من العهد القديم” .. و عرف هذا اليوم عند اليهود بعيد الفصح و اختاروه يوم بداية التقويم اليهودي (و الفصح كلمة عبرية تعني الخروج او الخلاص) …!!
و عن طقوس عيد شم النسيم و أسبابه فقد كان يعتقد المصريون القدماء أنه يوم بدئ الخليقة بحسب دلالات و حسابات زمنية منها أن في هذا الْيَوْمَ يتساوي عدد ساعات الليل و النهار تماماً .. حتي انه تم تصميم الهرم الأكبر بحيث تخترق أشعة الشمس قمة الهرم في هذا الْيَوْمَ فتبدو واجهة الهرم أمام أعين المشاهدين وقد انشطرت إلى قسمين و كان من طقوس الاحتفال تجمُع المصريين امام الواجهة الشمالية للهرم منذ الصباح الباكر لمشاهدة هذه الظاهرة .. و هكذا و الي الآن تبدأ طقوس الاحتفال في الصباح الباكر .. و لإعتقادهم انه يوم بدئ الخليقة أخذ المصريون القدماء البيض رمزاً لاحتفالهم بما فيه من دلالة علي بداية حياه .. و كانوا يلونونه بالألوان المبهجة تعبيراً عن استقبال حياة جديدة للكائن المولود حديثاً بألوان مرحة لحياة سعيدة .. و كانوا يحنطون الأسماك (الفسيخ و الرينجة) مع المومياوات ليأكلوا منها في العالم الآخر بعد بدئ حياة جديدة .. و يعلقون البصل و الملانة لإيمانهم بأنها تطرد الأرواح الشريرة .. و الإسم شم النسيم محرف من الاسم الأصلي الفرعوني و هو ‘شمو’ الذي يعني بدئ الخليقة و قد حُرِّف علي مر العصور و أضيف له كلمة ‘النسيم’ حيث يتزامن مع بداية الربيع و الجو البديع و هكذا الدعوة الي شم النسيم العليل …!!
هذه هي مصر .. حاضنة الأديان .. و هؤلاء هم المصريون المتدينون بالفطرة .. آمنوا بالله و أجلّوا الدين و أنبياء الله و رسله و أحبوا الوطن .. و عاشوا من أجله و ماتوا أيضاً .. فمن الذي يمكن أن يفرقنا و فينا عمق و عبق كل هذا التاريخ..؟! هيهات .. كل عام و مصر و كل المصريين بخير………..!!