منوعات

حكاية لوحة فنية: الفتاة التي أرضعت أباها كي تنقذه من الموت

يحكى ان لرجل مس بنت حكم على والدها بالاعدام بالموت جوعا والدها ، يبدو عجوزًا ، بلحية وقورة ، لكنّه قويّ كالحصان ، بعضلات مفتولة ، ورأس حليقة ، ولباس قديم ، يشبه لباس سكّان روما القديمة في التّماثيل .
المفترض في القصّة هو أنّ الأب سجين محكوم عليه بالإعدام ، بالموت جوعًا ، أن يبقى هناك دون طعام أو شراب ، حتّى الموت.
هذا هو حكم الآلهة العادل فيه.

الحرّاس كانوا أقلّ قسوة من الآلهة ، لم يمنعوا ابنته من زيارته ساعة في النّهار ، فقط كانوا يفتّشونها جيِّدًا ، قبل أن يتركوها تدخل الزّنزانة ، حين يغلقون باب الزّنزانة عليهما ، وينسحبوا جنب الحائط كي يثرثروا ، ترضع اباها

مرّت شهور وشهور ، والآلهة تنتظر أن يموت العجوز جوعًا ، والحرّاس ينتظرون أن يجدوه في الصّباح جثّة هامدة، يحملونها على خشبة ، ويلقونها في حفرة في ساحة السّجن دون تابوت ، ودون صلوات.

لكنّ العجوز لم يمت بعد شهر ، ولا بعد شهرين، لم يمت أبدًا! بل ظلّ قويًّا كالحصان ، وعضلاته ظلّت مفتولة كدافعيّ العربات.

انتشر في السّجن عدد لا بأس به من الإشاعات الجيّدة أنّ العجوز قدّيس حقيقيّ ، وأنّ الملائكة تأتيه بطعام من السّماوات كلّ ليلة ، وأنّ الآلهة ندمت ، فسامحته ، ومنحته شرف المعجزات ، وأنّ من يؤذيه أكثر فالشّياطين ستفسد عليه حياته وحياة عياله.

جاء الحرّاس بخشوع، فتحوا زنزانته فأحدث بابها صريرًا عميقًا ، ركعوا قرب قدميه ، وطلبوا منه المغفرة بمهانة لم يفهم ما بهم !
رجوه بخنوع وذلّ أن يغادر الزّنزانة والسّجن ، فهو حرّ طليق ، وذلك بأمر الآلهة كلّها.
في كوخه، كانت البنت ترضع طفلها على ضوء اللّمبة ، كان هو حزينًا مغمومًا طيلة المساءات ، رغم نجاته ، يراقبها بصمت. حليبها الّذي سرى في عروقه وفي روحه حوّله من أب إلى طفل.

أراد أن يلعب وأن تهدهده حتّى ينعس وينام ، أراد أن يبكي ، أن يقول لها : يا أمّي، يا أمّي، وكانت هي بين الفينة والأخرى ، تحيطه بنظرات شفوقة.

وقد اكد الفنان كاووش ان هذه اللوحة هي للرسام ماكس ساوكو الذي رسمها حديثاً حول الفتاة التي ترضع أباها ( سيمون وبيرو ) الموجودة في متحف رايكس ميوزيام في أمستردام التي رسمها روبنز سنة 1630، وموضحا ان هناك لوحة أخرى رسمها روبنز حول نفس الموضوع سنة 1612 موجودة في متحف الهارميتاج، روسيا )
ويوضح كاووش: أمام هذا العمل الفني، يهتاج الناس في الغالب قبل معرفة خلفية الموضوع أو الإحاطة بتفاصيله الكاملة. في هذه اللوحة التي تظهر فيها فتاة في ريعان الشباب وهي ترضع من صدرها رجلا كبير السن، نرى بشكل واضح موضوعا غريبا،ويبدو غير لائق أيضاً ، ولكن عندما نبحث عن بعض المعلومات التي تتعلق بهاتين الشخصيتين، ونعرف أن هذه الفتاة الجميلة كانت ترضع أباها ، نصاب بالذهول أكثر.
لكن حين نتعمق بكل تفاصيل القصة، نعرف الحقيقة الكاملة والمدهشة لما حدث، ونفهم لماذا قام برسم هذا الحكاية أو الحدث عشرات الرسامين من مختلف العصور، الفتاة هي (بيرو) والاب هو (سيمون)، مشيرا الى انه رأى مؤخرا لوحة جديدة تحمل الموضوع ذاته للرسام الروسي الموهوب ماكس ساوكو ( ولد 1969 في مدينة أركوتسك )، ضمن لوحاته الجديدة لعام ( 2013 ) معيداً أمجاد روبنز وكارافاجيو وباقي الرسامين العباقرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *