أخبار دولية

رئيس وزراء ماليزيا يسعى لتجاوز فضيحة مالية بلقاء ترامب

فى غرفة تكتظ بالموظفين الحكوميين رفع رملان إبراهيم السكرتير العام لوزارة الخارجية الماليزية يده اليمنى وتلا قسما بأن يعمل على مكافحة الفساد.

كان إبراهيم واحدا من آلاف من مسؤولى الدولة الذين أدوا هذا القسم فى الأسابيع الماضية على مستوى البلاد فى إطار حملة لمكافحة الفساد دعا إليها رئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق.

وقال رملان بعد أداء القسم فى بوتراجايا العاصمة الإدارية لماليزيا “المواطنون يزدادون وعيا … ويطالبون بأن تكون الخدمة العامة أكثر كفاءة وشفافية وإنصافا”.

تأتى هذه الحملة فى وقت يتأهب فيه نجيب للقاء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى الولايات المتحدة هذا الأسبوع حيث تواصل وزارة العدل ومكتب التحقيقات الاتحادى تحقيقاتهما بشأن صندوق (1إم.دي.بى) التابع للدولة الذى كان رئيس الوزراء يشرف عليه.

ويتعين على نجيب أن يدعو إلى إجراء انتخابات عامة بحلول منتصف 2018 رغم أن بعض المعلقين أشار إلى أنه قد يفعل ذلك خلال العام الجاري.

وتوضح بيانات اللجنة الماليزية لمكافحة الفساد أنها ألقت القبض على عشرات من كبار المسؤولين بموجب حملة مكافحة الفساد ومنهم مسؤولون فى شركة بتروناس الوطنية للنفط وشركة فيلدا لزيت النخيل الخاضعة لسيطرة الدولة.

وتجاوز عدد من ألقت السلطات القبض عليهم هذا العام وحده 600 مسؤول.

وكل هذه التحركات غير عادية فى ماليزيا حيث يرى أغلب الماليزيين أن الفساد منتشر فى البلاد على نطاق واسع.

فقد أظهر استطلاع نشر نتائجه الشهر الماضى برنامج تابع للمنتدى الاقتصادى العالمى إن أربعة أخماس الماليزيين بين الثامنة عشرة والخامسة والثلاثين وصفوا الفساد بأنه أخطر مشكلة تواجه البلاد.

غير أن المنتقدين يقولون إن هذه الحملة تتجاهل أكبر مشكلة تتعلق بالفساد وهى الصندوق (1إم.دي.بي).

ويخضع هذا الصندوق للتحقيقات فى ست دول على الأقل فى عمليات غسل أموال وإساءة استخدام أموال من بينها ما تردد عن تحويل 681 مليون دولار إلى الحساب الشخصى لرئيس الوزراء.

وكان المدعى العام فى ماليزيا قد أغلق التحقيق فى معاملات الصندوق فى يناير كانون الثانى 2016 وبرأ نجيب من ارتكاب أى مخالفات.

وسعت وزارة العدل الأمريكية لمصادرة ممتلكات قيمتها 1.7 مليار دولار تردد أنه تم شراؤها بأموال مسروقة من الصندوق. وتشير الدعاوى القضائية المرفوعة إلى أن من بين المتورطين رضا عزيز ابن زوجة نجيب وشريكه المقرب جو لو.

وفى وثائق تم تقديمها إلى المحكمة يوم الثلاثاء الماضى قال مكتب التحقيقات الاتحادى الذى يجرى تحقيقا جنائيا فى الأمر إن الشهود المحتملين فى القضية يخشون على حياتهم ويطلبون الحماية.

غير أن كل الشواهد تشير إلى أن التحقيقات فى معاملات الصندوق فى ماليزيا انتهت. وقال مسؤول سابق فى اللجنة الماليزية لمكافحة الفساد لرويترز إن اللجنة لديها حجرة تمتلئ عن آخرها بملفات عن الصندوق غير أن اللجنة لا يمكنها متابعة التحقيقات بعد أن أغلق المدعى العام باب التحقيق.

قال المسؤول السابق الذى طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية المسألة “نوعا ما هذه الحملة هى حملة اللجنة الماليزية لمكافحة الفساد لإظهار أنها تؤدى عملها. وحتى إذا لم تستطع اللجنة أن تضمن إدانة (أحد المستهدفين) فيمكنها أن تظهر أنها فعلت كل ما فى وسعها للقضاء على المظاهر الكبرى للفساد”.

وقالت سينثيا جابرييل مديرة مركز مكافحة الفساد والمحسوبية فى كوالا لمبور إن ثمة “مادة كافية” لكى تعيد اللجنة فتح التحقيق فى قضية الصندوق (1إم.دي.بي).

وامتنعت اللجنة عن التعليق فيما إذا كانت ستعيد فتح التحقيق.

وقال عزام باقى نائب رئيس اللجنة للصحفيين فى بوتراجايا “لا تعليق على ذلك. نحن فى غاية الإنصاف فى التحقيق مع أى أحد هنا أيا كان”.

ويقول دعاة مكافحة الفساد إنهم يخشون أن تؤثر دعوة ترامب لنجيب لزيارة الولايات المتحدة على التحقيقات التى يجريها الجانب الأمريكي.

وقالت جابرييل “النفوذ الإقليمى والمصالح الجيوسياسية للولايات المتحدة أفرغت فيما يبدو التزاماتها بمكافحة الفساد على المستوى الدولى من مضمونها بما يضر بمستقبل ماليزيا والعالم”.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن دعوة ترامب لنجيب “غير مناسبة بشكل خاص” فى ضوء استخدام نجيب قوانين قمعية لإسكات منتقديه.

وقال فيل روبرتسون نائب مدير منطقة آسيا فى المنظمة لرويترز “ما من شك أن نجيب سيتغل هذه الزيارة للبيت الأبيض فى تلميع مؤهلاته وهو مقبل على انتخابات العام المقبل فى ماليزيا ويضاعف قمعه للمنتقدين باستخدام ختم القبول الذى تمنحه له هذه الزيارة”.

وكان نجيب قال إنه يأمل أن يستغل الزيارة فى الدعوة لمزيد من التجارة والاستثمار فى ماليزيا.

وقال للصحفيين يوم الجمعة “أحب أن أنظر إلى هذه المسألة كشراكة مزدوجة مفيدة للطرفين. وأرجو أن تعتبر الولايات المتحدة ماليزيا شريكا يعول عليه فى قضايا مثل التجارة والاستثمار والشراكة الأمنية ومكافحة الإرهاب وأرجو أن تعتبرنا الشركات الأمريكية من بين أفضل مقاصد الاستثمار”.

وقال مصدر حكومى إن من الموضوعات المطروحة أيضا اتفاقا دفاعيا رغم أنه لم تتوفر تفاصيل عنه على الفور.

تشعر القيادات الكبرى فى حزب المنظمة الوطنية المتحدة للملايو الحاكم بأن الحزب قد يمنى بخسائر فى الانتخابات من جراء سلسلة من فضائح الفساد التى ارتبط بها اسم نجيب وذلك على حد قول مصدر مطلع على المباحثات الدائرة فى الحزب.

وقال المصدر إن الحزب يأمل فى ضوء حملة التطهير التى يقودها نجيب واللجنة الماليزية لمكافحة الفساد تهدئة خواطر الماليزيين المستاءين من الفساد واستمالة المستثمرين الأجانب من جديد بعد أن انصرفوا عن البلاد مع اتساع نطاق التحقيقات فى معاملات (1إم.دي.بي).

وبخلاف صرف الأنظار عن الصندوق يقول المنتقدون إن نجيب يستغل حملة مكافحة الفساد التى تشنها اللجنة الماليزية لاستهداف خصوم سياسيين مثل ليم جوان إنج زعيم المعارضة الذى يشغل أعلى منصب عام منتخب فى إقليم بينانج. فقد وجهت إليه اتهامات بإساءة استخدام السلطة فى صفقة عقارية.

وقال ليم الأمين العام لحزب العمل الديمقراطى “أنت تطارد كل أنواع المخالفات لكن أكبرها رائحته تزكم الأنوف حتى أعنان السماء. والكل يشمها إلا أنت”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *