الضنا مبقاش غالى.. آباء بلا قلب يرفعون شعار لو جالك الطوفان عذب ابنك أو اقتله
قلوب متحجرة فقدت الرحمة من داخلها، لم يدركوا أن الأطفال نعمة وأن غيرهم يتمنى “ظفر عيل”، أصابهم العمى فى نفوسهم ولم يشعروا أن زينة الحياة الدنيا فى ضحكة أطفالهم ولعبهم وعبثهم وشقاوتهم أيضا، آباء وأمهات تلذذوا بقتل وتعذيب أطفالهم بكل الطرق، بل أبدع بعضهم وتفنن فى التعذيب.
القصة ليست جديدة فكل يوم يخرج علينا المجتمع بصراخ طفل سرعان ما يلفظ أنفاسه الأخيرة، أو يصارح الموت للبقاء، كل قدرهم أنهم جاءوا أبناء لآباء لا يتحملون مسئولية، وكان آخر هذه القصص المأساوية، قيام أب بدمياط بتعذيب طفله الرضيع الذى لم يتعدى وجوده فى الحياة 45 يوما وتعذيبه بآلة حادة دخل على إثرها العناية المركزة.
تعذيب “مالك” الرضيع يعيد لنا ما حدث من قيام آباء متحجرة القلوب بضرب وتعذيب وقتل رضيعها والتى كان من أشدها قصة “عبد الرحمن”، ذلك الرضيع الذى لم تقدر له الحياة أكثر من 4 أشهر قضاها فى تعذيب والده له بمنشأة ناصر، بالعض والتعليق فى سقف المروحة والتفنن فى ضربه، مما أصابه بالكدمات على الوجه والظهر وتورم فى الوجه وأسفل العينين، لتخرج أنفاسه الطفل الرضيع بسبب عدم تحمل المزيد من الآلام.
لم يقتصر القتل الأطفال على يد الآباء، بل دخلت الأمهات فى الموضوع، وكان من آخرها قيام أم بمنطقة المرج، بقتل ابنتها “ملك” التى كانت تسعى للفرار من ظلم أمها، لتهرب من الحياة إلى الأبد ولكن على يد الرحم الذى أنجبها.
وتقول الدكتورة “هالة حماد” استشارى الطب النفسى والعلاقات الأسرية، زميل الكلية البريطانية للطب النفسى، إن الآباء والأمهات الذين يقومون بتعذيب الطفال خاصة الرضع وقتلهم فى بعض الأوقات هو إما مرضى نفسيين، أو أنه اضطراب أخلاقى فى الشخصية.
وأوضحت الدكتورة هالة حماد أن كثيرا من الأشخاص هم مرضى نفسيين لم يتم اكتشافهم نتيجة عدم الوعى بالمرض النفسى، ويظلوا فى المجتمع يتحركون فيه ومرضهم يتفاقم مما يصل إلى هذه النتيجة، فكثير من العائلات يزوجون أبناءهم لعل الزواج يعالج مرض ابنهم النفسى، وبعضهم يلجأ للمشعوذين.
وأشارت الدكتورة هالة حماد إلى أن تصرف الآباء والأمهات بعنف اتجاه أطفالهم بسبب اضطراب أخلاقى وشخصى لهم، فالأب الذى يعذب رضيعا هو معقد نفسيا ويتلذذ بإزاء الآخرين، وغالبا هذا الشخص يمكن اكتشاف سلوكه من الصغر كأنه يحرق قطة أو يعذبها أو شديد العنف مع إخواته ويضربهم بشكل حاد، وهو شخص أيضا بحاجة للعلاج.
وأوضحت الدكتورة هالة أن الآباء والأمهات يتعاملون مع الأبناء على أنهم ملكهم فنجد جمل من نوعية “ابنى وأنا حر فيه، أربيه وأضربه زى ما أنا عايز”، وهذا مرفوض ولا يمثل حرية شخصية، لأن الطفل جزء من المجتمع وهو ملك للمجتمع وليس لفرد، ويتحتم على المجتمع الحافظ على الأطفال، فهى مسئولية اجتماعية، أن ندافع عن الأطفال، ولا يمكن أن ننسى قصة السفينة التى غرقت بسبب أن كل شخص تصرف فى الجزء الذى يملكه بضرر دون أن تتحرك الأطراف الأخرى لإنقاذ السفينة.
وأشارت د. هالة إلى أن العنف الشديد فى التربية يخلق مرضى نفسيين ومضطربين فى الشخصية وهى سلسلة من العنف تمتد من جيل لآخر، مما يتطلب التوعية المجتمعية بأسلوب التربية، وضرورة وجود قانون قوى لحماية الطفل، وإنشاء مؤسسات سواء أهلية أو حكومية لحماية الأطفال من العنف الأسرى فيأخذون الطفل من والديه غير الأجدر برعايته وتربيته ويضعونه فى دور للحماية على غرار الموجود بالدول الأخرى.
كما أن العنف الأسرى خلق لنا ظاهرة أطفال الشوارع، فأصبح الهروب هو الحل الوحيد أمام الأبناء من بطش والده أو أمه، أو زوجة الأب أو زوج الأم، مضيفة: المجتمع أصبح أقل إنسانية وأكثر تحجرا، ففى الماضى الناس كانت قريبة من بعضها ويخافون على بعض، وكان الأب عندما يضرب ابنه تجد الجيران يسرعون للدفاع عنه وتهدئة الأب، لكن للأسف كل واحد بيقول حاليا أنا مالى خلينى فى حالى”.
وتقول الدكتورة فاطمة على أستاذ الصحة النفسية جامعة حلوان، إن حالات كثيرة من اعتداء الآباء على أطفالهم يعانون من مرض انفصام فى الشخصية، ويرى وقتها ابنه فى شكل شيطان أو عفريت، وهو مرض نتيجة اضطراب عقلى ويمكن أن يأتى فجأة وبدون مقدمات.
وتضيف الدكتورة فاطمة: “إننا يمكن أن نصف الآباء الذين يضربوا أبناءهم ويقتلوهم أنهم بدون قلب تماما، لأن العدوان بداخلهم يقتل كل المشاعر الطيبة اتجاه الآخرين، ويصبح شخصا ساديا، وذلك نتيجة التنشئة الاجتماعية الخاطئة، كما يمكن أن يكون العدوان نتيجة ججينات وراثية للسلوك”.
وتؤكد الدكتورة فاطمة أن الضغوط الاقتصادية والاجتماعية وضغوط العمل يمكن أن تتسبب فى العنف الأسرى، لكنها لا يمكن أن تكون مبررا لهذا العنف خاصة عند وصوله لحد التعذيب والقتل، موضحة أن السرعة فى المجتمع جعلت الكثير من الأمهات والآباء يستخدمون أيديهم فى علاقتهم من الأبناء أكثر من اللسان، والتوجيه والتهذيب وهو أسلوب غير سوى.