ماذا يحدث إذا مات مالك عملة “بيتكوين” قبل أن يكشف رمزها الرقمى؟
وسط أنباء الارتفاعات القياسية للعملات الإلكترونية، وفى مقدمتها «بيتكوين» وما حققته من مكاسب واسعة فى فترات وجيزة، استحوذت معها على عناوين الأنباء العالمية، يبرز السؤال بين بعض المتفرجين على شاشات التداول، ماذا سيحدث لو مات حائز العملة الرقمية قبل أن يكشف عن رمزها الرقمى لأحد غيره، هل يمكن أن تنتقل هذه الثروة الموجودة فى عالم افتراضى غير محمى من أى سلطة رقابية للورثة أو حتى للشريك؟
الإجابة قد تبدو صادمة بالنسبة للمستثمرين، خصوصاً المتلفحين بالسرية فى تعاملاتهم بهذا المجال، والذين لا يفضلون كشف حجم تداولاتهم أو حتى مجرد فضح سرهم لأحد، لأسباب متعددة، بعضها عائلية وأخرى تجارية، وأحياناً لأهداف مضاربية، ولذلك نجد العديد منهم يحمل اسماً افتراضياً عبر الإنترنت، دون أن يكشف تفاصيل حيازته لهذه العملة حتى للمقربين منه.
ووفقاً لآلية تداول العملات الرقمية، وفى مقدمتها «بيتكوين»، يقوم الطرف المشترى بتأسيس محفظة يجمع فيها رصيده من العملة المشفرة، ولهذه المحفظة رمز سرى (كود) ضمن سجلات جميع معاملاتها بالدفاتر الرقمية، لا يعرفه إلا حائزها، ومن خلال هذا الرمز يستطيع إدارة محفظته سواء بتوسعتها استثمارياً، أو تخفيض وزنها، أو حتى التخلص منها نهائياً وإغلاقها.
وبشكل مبسط لا بد للطرفين من تثبيت برنامج المحفظة الإلكترونية على جهاز الكمبيوتر أو إنشاء حسابات محفظة فى إحدى المواقع التى توفّر تلك الخدمة كموقع «blockchain.info» مثلاً.
ويقوم الطرف الأول بإدخال عنوان المحفظة التى يرغب بإرسال الأموال لها، وكتابة المبلغ، ومن ثم الضغط على إرسال، ويتم تسجيل العملية فى الشبكة لكى لا يتمكن الشخص المرسل بإرسال تلك الأموال مرة أخرى لجهة أخرى.
وما لم يكن المرحوم أفضى لغيره بكود حيازته لأى سبب ما، وأشهرها حالات الوفاة الفجأة، لا يستطيع أحد بعده فتح المحفظة، حتى الحائز الرئيس لهذه العملة لا يستطيع فتحها مجدداً فى حال فقد «الكود»، حيث تظل خزنته من العملة الرقمية مستغلة حيزاً على الإنترنت من إجمالى رصيد العملة المشفرة دون حائز حقيقى، وقد يستمر ذلك مدى الحياة.
وإحدى خصائص هذه العملة عدم وجود آلية لعكس عمليات التحويل، كما أن التحويل يتم إلى ما يسمى المحفظة (Wallet) مباشرة، والتى يتم الوصول إليها عن طريق عنوان يشبه رقم الحساب، بيد أنه يضم أحرفاً وأرقاماً والمحفظة غير مرتبطة باسم شخص معين أو بريد إلكترونى، ما يجعل نظام «بيتكوين» يوفّر خصوصية كبيرة للمستخدمين.
وربما يكون المستثمرون الأفراد الأكثر عرضة لهذه المخاوف، باعتبار أنهم يعملون فى هذا المجال بشكل شخصى، يضم العميل ونفسه فقط، دون وجود أى أطراف مطلعة على رمز الحماية وحتى ولو كانت مقربة.
أما المحافظ التى تؤسس عبر شركات متخصصة فى إدارة استثمار العملات الرقمية، تكون محصّنة بشكل كبير ضد هذه الاحتمالات، فعادة تكون رموزها محفوظة بطريقة مؤسساتية، تضمن انتقالها وإعادة تشفيرها.
لكن أيعقل أن تظل هذه الثروة خاملة تبحث عن أصحاب جدد مدى الحياة؟ فى الغالب نعم، باستثناء بعض الحالات النادرة والمعقدة التى يمكن خلالها استعادة زمام مثل هذه الثروات الحبيسة فى عالم الإنترنت، حيث يلجأ بعض الورثة أحيانًا إلى القراصنة لمساعدتهم، وغالباً ما يعمل القراصنة بطريقة الذئاب المنفردة، التى تبحث فى الإنترنت على حسابات خاملة للعملات الرقمية.
ومثلما يسعى «الهاكرز» باستمرار إلى اختراق حسابات النقود الخاملة، أو حتى النشطة، غير المؤمنة جيداً بمصدات دفاعية ضد عمليات الاحتيال، يجد المخترقون فى سوق العملات الرقمية، نافذة إضافية، يستطيعون من خلالها توسيع نطاق عملياتهم، حيث يتسابقون باستمرار إلى كسر وسائل الحماية لمحافظ «بتكوين»، وغيرها من العملات الرقمية، خصوصاً العائدة للأفراد، فى مسعى منهم لاستعادة السيطرة عليها، والتصرف فى أصولها لاحقاً.
يذكر أن «بتكوين» تراجعت خلال تعاملات، أول من أمس، لتفقد نحو 40 مليار دولار من قيمتها السوقية منذ بداية الأسبوع، وكانت العملة المشفرة قد سجّلت مستوى قياسياً أعلى من 20 ألف دولار يوم الأحد الماضى، قبل أن تتراجع بشكل حاد.
وهبطت «بيتكوين» عن مستوى 12 ألف دولار أثناء تداول أمس الجمعة بعدما خسرت أكثر من ثلث قيمتها فى خمسة أيام فقط لتتجه العملة الرقمية إلى تسجيل أسوأ أسبوع منذ 2013 بعد صعود قوى وصلت فيه إلى ذروة قرب 20 ألف دولار يوم الأحد.
وحققت «بيتكوين»، الأكبر والأشهر بين العملات الرقمية، زيادة بلغت 20 مرة منذ بداية العام، حيث قفزت من أقل من ألف دولار إلى 16.66 ألف دولار فى بورصة «بيتستامب بلوكسمبورغ» يوم الأحد، وتجاوزت 20 ألفاً فى بورصات أخرى.
ورغم تلك الارتفاعات، هبطت «بتكوين» بصفة يومية منذ ذلك الحين، وتسارعت وتيرة الخسارة، يوم أمس، وانخفضت إلى 12.56 ألف دولار فى «بيتستامب»، مسجلة هبوطاً بنحو 20 فى المئة خلال يوم واحد فقط.
وانخفضت القيمة السوقية لـ «بيتكوين» من 320.9 مليار دولار فى مستهل تعاملات الاثنين الماضى إلى 280 مليار دولار، أول من أمس، لتخسر بذلك نحو 40.9 مليار دولار.
ولا تزال التوقعات متباينة فى شأن مستقبل العملات الإلكترونية، مع تأكيدات متواصلة فى شأن أنها فقاعة لا تستحق هذا السعر، وتحذيرات من انهيار قريب.