تواصل الشركة السعودية بن لادن أعمال ترميم الجامع الأزهر الشريف، حيث بدء العمل فى عام 2015 وينتهى فى 2019، ويفتتحه الرئيس وملك السعودية بعد انتهاء أعمال الترميم، حيث تعد أعمال الترميم هى اكبر عملية فى تاريخ الجامع الأزهر الشريف، وتهدف إلى إعادته كأثر بعد عملية ترميم خاطئة فى عهد مبارك أدت إلى خروجه من منظمة اليونسكو.
بلاط الحرم المكى
انتهت الشركة المنفذة من تركيب بلاط صحن الجامع الأزهر وهو نفس البلاط المستخدم فى الحرم المكى الشريف والمسجد النبوى الشريف، كما تم وضع قبة على موضع استكشاف صهريج المياه تحت الجامع ليكون مزارا بعد اكتشافه خلال عملية الترميم.
عامين وشهر على بدء العمل فى الترميم ويتبقى أقل من عامين، حيث تمت إزالة جميع الطبقات الاسمنتية خلال عملية الترميم الخاطئة التى أدت خروج الجامع الأزهر من تصنيف الآثار لدى منظمة اليونسكو، ويتم معالجتها بأفضل الوسائل فى علم ترميم الآثار.
تم إغلاق جميع اروقة الجامع الأزهر الآن حيث بدء العمل بها بينما تم الانتهاء من صحن الجامع وبعض المآذن، كما تم الانتهاء من منبر الجامع الأزهر وترميمه وطلاءه بالماء المذهب.
استبدال الماكيت من الأحمر إلى الأزرق
وشهدت المرحلة الاولى من أعمال الترميم تجديد منبر الجامع الأزهر الشريف وطلائه بطلاء مذهب، وتركيب أرضيات رخامية كالمستخدمة فى الحرم المكى، بالإضافة إلى فرش المسجد بنوع فاخر من الماكيت، والذى استبدل لونه من الأحمر إلى الأزرق، كما تتواصل أعمال الترميم وزخرفة الجامع بعناية فائقة وذلك تحت إشراف وزارة الآثار.
وتشهد أعمال الترميم الواجهات الحجرية الخارجية والداخلية، وترميم الزخارف الإسلامية والنقوش والأسقف، والنوافذ الخشبية والمشربيات، وترميم مآذن الجامع، وأعمال الإضاءة الخارجية والداخلية، وأعمال مقاومة الحريق، وأعمال النقل التليفزيونى، وتأهيل السور الخارجى وإعادة تنسيق الموقع الخارجى، بالإضافة إلى إعادة إنشاء مبنى دورات المياه.
كما تقوم الشركة المسئولة عن ترميم الجامع بعمل شبكة صرف أمطار وشبكة صرف صحى جديدة للجامع بأحدث نظم الصرف المعروفة حاليًا، بعد تهالك الشبكة القديمة، كما يتم تغيير شبكة الكهرباء بالكامل وجميع نظم الإنارة بأحدث الأنظمة الحديثة المستخدمة داخل الحرم المكى.
اكتشاف صهريج مياه أسفل الجامع الأزهر
وكانت قد أعلنت وزارة الآثار، فى وقت سابق أنه أثناء رفع القطع الرخامية من أرضية الجامع ظهرت فتحة تؤدى إلى صهريج كامل بمساحة ستة أمتار مربعة أسفل صحن الجامع على غرار نمط صهريج جامع محمد على بالقلعة، حيث إنه من المرجح أن هذا الصهريج كان مستخدمًا كمصدر احتياطى للمياه حال ندرتها حتى لا تعوق إقامة الشعائر والمناسك الدينية به.
ووجه حينها المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء السابق، بأن يكون هذا الصهريج موضع زيارة، الأمر الذى تطلب من وزارة الآثار عمل مداميك صغيرة لتحديد مكان الصهريج وسيتم تغطية المكان بسطح زجاجى من أعلى، وكذلك تزويده بشبكة إضاءة لإنارته وتوضيح معالمه للزائرين ليلاً ونهارًا.
منبر الجامع الأزهر
كم مرة تغير فيها منبر الجامع الأزهر الشريف، والى أى عهد يعود تاريخ المنبر الحالى، المصادر العديدة اتفقت على أن منبر الجامع الأزهر تغير بتغير العصور، حيث كان كل حاكم يتسابق على عمارة الجامع الأزهر الشريف، ولكن ما الذى حدث من تغير على منبر الجامع الأزهر.
وفيما يخص منبر الأزهر فإن المنبر كلمة حبشية أصلها “ونبر” أى كرسى قلبت الواو فيها عند العرب ميما، وقال البعض الآخر أن كلمة منبر تطلق عن الأحباش على أى مقعد كان، وانتقلت الكلمة منهم إلى العرب بشكلها الأصلى، ولا غرابة فى ذلك فقد كان بلال مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم حبشيا، وكانت زوجته أم سلمة ممن هاجرن إلى الحبشة قبل الهجرة، وأن أهل مكة كانت لهم صلاة تجارية كبيرة مع الحبشة عبر مينائها مصوع، وبذلك عرفت المنابر الخشبية فى المساجد منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم عندما عمل له منبر من ثلاث درجات فى مسجده بالمدينة.
تذكر كتب التاريخ أن أول منبر أقيم أمر بصنعه القائد جوهر الصقلى بأوامر من الخليفة الفاطمى المعز لدين الله، وبعد العصر الفاطمى وسيطرة الأيوبيين على مصر أغلق الجامع الأزهر، وقيل إن المنبر نقل فيما بعد إلى جامع الحاكم بأمر الله، وذلك رغبة من صلاح الدين الذى كان ضد الفاطميين وذلك للقضاء على المذهب الشيعى.
كان الأزهر أولَ مسجدٍ وُضِع للناس بالقاهرة عاصمة الفاطميين 359هـ – 970م، وتم الانتهاء منه فى 361 هجريا 972 ميلاديا، يرجع إلى القائد الفاطمى جوهر الصقلى الذى افتتحه للصلاة فى السابع من شهر رمضان سنة 361هـ/972م، حيث حكم الفاطميين مصر نحو قرنين من الزمان.
عندما تولى صلاح الدين الأيوبى الحكم وبداية العصر الأيوبى أمر بنقل خُطبة الجمعة من الأزهر سنة 565هـ/1169م، ونقلها إلى جامع الحاكم بأمر الله شمال القاهرة بزعم أنه أكبرُ مساحة؛ مستندًا إلى ما أفتاه به الشافعيةُ من حظر إقامة خطبتين للجمعة فى بلدٍ واحدٍ، وهو ما كان إلا بقصد القضاء على المذهب الشيعى.
بعد انتهاء عصر الأيوبيين وبداية عصر المماليك وفى عهد الظاهر بيبرس تبرع بالمال وأصلح سقوف الجامع الأزهر وبلاطه وعمل له منبرا ثم فرشه واحتفل بإقامة صلاة الجمعة فيه يوم الجمعة 18 ربيع الاول سنة 665هجريا نوفمبر 1266 ميلاديا، أى بعد 100 عام من عدم إقامة صلاة الجمعة به، وقيل ايضا أنه قد فقد المنبر ونقلت لوحته التذكارية إلى أن استقرت فى متحف الجزائر.
وفى العهد العثمانى وتحديدا فى عهد عبدالرحمن كتخدا حدثت اعظم عمارة فى تاريخ الأزهر عام 1167 هجريا وكانت أعظم عمارة أجريت بالجامع الأزهر، حيث قام بها الأمير عبدالرحمن كتخذا القازدغلى فى أواخر القرن الثانى عشر، وانشأ للجامع محرابا ومنبر جديدين وبنى فى أعلاه مكتبا بقناطر معقودة على أعمدة من الرخام لتعليم الأيتام من اطفال المسلمين. القرآن وأنشأ بداخله رحبة متسعة.
إذا فقد مر الجامع الأزهر بالعديد من عمليات التجديد لكن المصادر لم تتطرق بالحديث عن منبر الجامع الأزهر إلا فى مواضع معدودة وبتتبعنا لتاريخ المنبر نجد أن أول منبر وضع بالجامع الأزهر كان فى عام 359 هجريا فى عهد جوهر الصقلى.
المنبر الثانى أنشئ فى عهد العصر المملوكى وأقامه الظاهر بيبرس فى عام 665 هجريا
المنبر الثالث كان فى عهد الدولة العثمانية وتحديد فى عهد عبد الرحمن كتخدا عام 1167هجريا وهو الموجود الآن بالجامع الأزهر أى أن عمره نحو 272 عاما.
الدكتور عبدالمقصود باشا، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر، قال فى تصريحات لليوم السابع أن الأزهر تم بناءه عام 359 هجريا ومن أساسيات المسجد المنبر لأنه المسجد بلا منبر أيا كان هذا المنبر سواء كان درجتين أو غيره، وبنى الجامع الأزهر فى نفس توقيت بناء القاهرة وأسسه جوهر الصقلى بناء على أوامر الخليفة الفاطمى المعز لدين الله وكان لابد للمسجد من منبر، فالمنبر الأول الذى وضع فى الجامع الأزهر هو الذى صنعه جوهر الصقلى القائد العام لجيوش المعز لدين الله الفاطمى، وأمر بصنعه جوهر الصقلى بناء على أوامر الخليفة ظل هذا المنبر يخدم فترة طويلة إلى نهاية الدولة الفاطمية وصدر الدولة الأيوبية.
معلومات مغلوطة حول إغلاق الأزهر
وأضاف أن هناك فكرة مغلوطة عند كثير من الناس أن الأزهر أغلق فى عهد الدولة الأيوبية والأزهر لم يغلق، فقد أغلق فى صلاة الجمعة فقط لأن مذهب صلاح الدين الأيوبى شافعى والمذهب الشافعى لا يجيز أن تعقد جمعتين فى مصر واحد أى بلد واحدة، فما كان من صلاح الدين الأيوبى إلا أن أوقف صلاة الجمعة بالجامع الأزهر ونقل الجمعة لجامع عمرو بن العاص.
وتابع: أعاد الظاهر بيبرس فى عهد المماليك صلاة الجمعة بالجامع الأزهر بعد أن اتسعت القاهرة ولم يتسع جامع عمرو بن العاص للمصليين وكان الظاهر بيبرس مذهبه حنفى والمذهب الحنفى يجيز إقامة أكثر من صلاة جمعة ببلد واحدة، وأقام منبر بالجامع الأزهر يتناسب مع التوسعات الجديدة التى حدثت، مضيفا أن أعظم عمارة حدثت للجامع للأزهر فى العهد العثمانى وقام بها عبدالرحمن كتخدا وأقام منبرا وهو الموجود حاليا بالجامع الأزهر الشريف، حيث كان الأمير عبد الرحمن كتخدا واحدا من أعظم الراعين للحركة المعمارية خلال العصر العثمانى، وربما كان الأنشط فى تاريخ القاهرة كله.