لا يحق للمدرسين استخراج رخصة قيادة مهنية.. فتوى فى مجلس الدولة ترفض طلب مدرس للعمل على سيارة أجرة بـ400 جنيه شهريا.. وتؤكد: المعلم “مُربى فاضل” وقيادة سيارات الأجرة تعرضه لسماع ما يؤذى الأذان
لا يصلح المدرس للعمل فى قيادة سيارات الأجرة، ليس هذا قرارا من وزارة التربية والتعليم للحفاظ على كرامة المعلمين، بل هى فتوى جديدة أصدرها مجلس الدولة مؤخرا يحظر على المدرس الحصول على رخصة قيادة مهنية، باعتبار أن المعلم فى المقام الأول “مربى”، غارس لقيم التربية والأخلاق الحميدة فى تلاميذه وتعليمهم القول الحسن، ويجنبهم قالة السوء، وما يمس الخلق، أما قيادة سيارة أجرة تعرضه لسماع ما يؤذى الأذهان وهو ما يتعارض مع رسالة وسمو ومكانة المدرس.
جاءت تلك الفتوى لإدارة الفتوى لوزارة التربية والتعليم، بمجلس الدولة، بناء على طلب تقدمت به محافظة القاهرة تستطلع فيه رأى مجلس الدولة فى مدى أحقية المدرس فى الحصول على رخصة قيادة مهنية، للرد على تقدم أحد المعلمين بطلب لمدير مديرية التربية والتعليم بالقاهرة، يلتمس فيه الموافقة على تجديد رخصة قيادته المهنية، مرفقا به عقد عمل ثابت به أنه يقوم بالعمل على سيارة أجرة مقابل 400 جنيه شهريا.
واستندت إدارة الفتوى، فى فتواها التى تنفرد “اليوم السابع”، بالحصول على نسخة منها، والتى أعدها المستشار محمد سعيد سلامة عضو إدارة الفتوى المذكورة، وبرئاسة المستشار على زمزم نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس الإدارة إلى نقطتين هامتين الأولى تمثلت فى أنه على الرغم من خلو قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016 من نص يحظر على العامل الخاضع لأحكامه الجمع بين وظيفته وبين أى عمل آخر يؤديه بالذات أو بالواسطة، إذا كان من شأنه الإضرار بوظيفته أو يتعارض مع مقتضياتها، فإن هذا الحظر ما زال مقررا باعتباره لا يحتاج إلى نص خاص يقرره بل هو أمر تفرضه طبيعة الوظيفة العامة بالنظر إلى الهدف منها وهو خدمة المواطنين تحقيقا للمصلحة العامة، لا سيما وأنه حظر سارت عليه جميع التشريعات السابقة المنظمة للشئون الوظيفية للعاملين المدنيين بالدولة، كما أوردته الأئمة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية، وعليه فإن هذا الحظر لا زال ساريا ومقررا فى قانون الخدمة المدنية الحالى، ويتعين الالتزام به من قبل الجهة الإدارية والعامل على حد سواء.
أما النقطة الثانية التى استندت إليها إدارة الفتوى، فهى تعارض قيادة سيارة الأجرة مع مقتضيات وظيفة المدرس حيث أكدت الإدارة أن دور المعلم لا يمكن حصره فى مجرد قيامه بإلقاء دروس مقررة فى منهج دراسى على مجموعة من التلاميذ، بل إن دوره يتجاوز ذلك بكثير فهو فى المقام الأول “مربى”، وهذا الدور يجعل المعلم غارسا لقيم التربية والأخلاق الحميدة فى مجموعة تلاميذه، وزارعا للصفات الحسنة فيهم، فيتولى تهذيبهم وتعليمهم القول الحسن، ويجنبهم قالة السوء، وما يمس الخلق، ويجنبهم التردى فى مستنقع سوء الأخلاق، وهو فى الوقت ذاته يمثل لهم مثالا يحتذى به، وتكون محاولة تشبييه والتعلق به عالقة فى أذهانهم.
وتابعت الإدارة، أن حسن قيام المعلم بالدور الملقى على عاتقه يستوجب البعد به هو ذاته عن المؤثرات التى قد تنعكس سلبا على أقواله وأفعاله وتصرفاته، ولا يخفى على الفطنة أن مهنة قيادة سيارات الأجرة، وما يحيط بها من ملابسات وظروف لا تسلم فى كثير من الأحوال من سماع ما يؤذى الأذهان، أو رؤية ما يحزن القلب، ومداومة سماع ذلك أو رؤيته بشكل شبه يومى يستمر لفترات طويلة هى مدة ممارسة المعلم لهذه المهنة، تنعكس بلا ريب على المعلم بالسلب، فيتأثر به ويمتد هذا التأثير السلبى من خلاله إلى التلاميذ.
وأوضحت الفتوى، أن المادة 254 من اللائحة التنفيذية لقانون المرور تشترط للحصول على رخصة قيادة مهنية والتى تجيز لحاملها قيادة سيارات الأجرة أن يرفق بطلب الحصول على الرخصة ما يفيد موفقة جهة العمل إذا كان طالب الترخيص من العاملين بالحكومة أو إحدى وحدات الإدارة المحلية أو القطاع العام.
وأشارت الفتوى، إلى أن ما انتهت إليه من رأى لم يخرج عن ما سبق أن أفتت به الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بجلستها المنعقدة فى 21/5/1986.
وانتهت إدارة الفتوى، إلى أنه لا يجوز البتة للجهة القائمة على مرفق التعليم التصريح للمعلم بمزاولة مهنة قيادة سيارات الأجرة خارج الوظيفة، وبالتبعية يحظر عليها الموافقة على استخراج أو تجديد رخصة قيادة مهنية تمكنه من خلالها من مزاولة هذه المهنة.