الأدب

“من سرَّه زمن ساءته أزمان”.. مؤرخون يرصدون جرائم العباسيين ضد بنى أمية

“هى الأيامُ كما شاهدتها دُولٌ/ مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ/ وهذه الدار لا تُبقى على أحد/ ولا يدوم على حالٍ لها شان” هذه الكلمات للشاعر أبى البقاء الرندى، فى رثاء دولة الأندلس، وهى حتما تنطبق على حالة دولة الأمويين التى سرها الزمن بتأسيسها على يد معاوية بن أبى سفيان إلى نهايتها على بنى العباس.
ومع سقوط دولة وبداية حكم دولة أخرى تكون هناك العديد من التساؤلات حول طبيعة الأسباب التى أودت بسقوط الخلافة السابقة، ومع مرور الذكرى الـ1269 على سقوط دولة بنى أمية على يد أبى العباس الشهير بـ”السفاح”، بمقتل آخر الخلفاء الأمويين مروان بن محمد، يبقى السؤال الأهم هل كان أسباب السقوط دينية حول أحقية من يتولى حكم أمة محمد، أم كان خلافا سياسيا يحمل أطماع فى حكم المسلمين، وطبيعة المواجهات والمواقع والثورات التى وقعت؟ وهل كانت دموية وشهدت مجازر كما يدعى بعض المؤرخين؟ كلها تساؤلات طرحناها على عدد من أساتذة التاريخ والمؤرخين بجانب الاستعانة بعدد من الدراسات والمراجع التاريخية.

الثورة العباسيةالثورة العباسية

الدكتور أيمن فؤاد، مجلس إدارة الجمعية المصرية للدراسات التاريخية قال إن طبيعة الخلاف التى أدت إلى سقوط الدولة الأموية كان لها جانب دينى بأنهم يرون أن آل البيت هم الأحق بالحكم والخلافة بعد النبى محمد، بمنطق “الرضا من آل محمد” وكان آل البيت كل سوا كانوا العباسيين من نسل العباس بن عبد المطلب، والعلويين والشيعة من اتباع الإمام على بن أبى طالب.

الدكتور أيمن فؤادالدكتور أيمن فؤاد

وأضاف “فؤاد” فى تصريحات خاصة لـ”اليوم السابع”، أنه كان هناك أيضا جانب سياسى فى الأمر الغرض منه الوصول للحكم منطلقا من إشكالية الأحق بحكم العالم الإسلامى، موضحا أن العباسيين كانوا أول من استخدموا عناصر غير عربية، مشيرا إلى أبى مسلم الخراسانى وهو خطيب بارع نجح فى استمالة العرب والفرس فى خراسان فيما عرف بـ”الثورة العباسية”، بينما كانت الدولة الأموية عربية بالكامل.

وحول ما إن شهدت فترة سقوط الدولة الأموية مجازر من العباسيين، أشار “فؤاد” إلى أن المعارك كانت مع الأمويين فى الحكم وهم الممثلون للدولة، وبالتحديد مع الخليفة مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين الذى هرب إلى مصر، فلاحقوه كى يقضوا على آخر سلالة دولة الأمويين ويتمكنون من السيطرة على الدولة بأكملها.

أما الدكتورة زبيدة عطا الله، أستاذ التاريخ الإسلامى، العميد السابق لكلية الآداب بجامعة حلوان، فأكدت أن الصراع بين العباسيين والأمويين كان فى النهاية صراعا سياسيا من أجل الوصول إلى الحكم، مشيرة إلى أن الدولة الأموية دولة عربية واعتمدت فى كامل هيكلتها على العرب، وأعطت لهم ميزة على موطنى الدول المفتوحة والتى يطلق عليهم “الموالى”، وكان ذلك من أسباب زيادة الكره ضد الدولة الأموية.

الدكتورة زبيدة عطاالدكتورة زبيدة عطا

وأضافت “زبيدة” أنه من تلك النقطة بدأ الخلاف بين العباسيين بجانب العلويين، مع الدولة الأموية، واستعملوا اسما مبهما للدعوة بحسب وصفها هو “الرضا من آل محمد” فى إشارة إلى أحقية آل بيت النبى محمد فى الحكم وخلافة المسلمين، لافتة إلى أن العباسيين المنسوبين إلى عم النبى محمد، العباس بن عبد المطلب، أول من استعانوا بالعناصر غير العربية “الفرس” فى إشارة إلى ثورة أبى مسلم الخراسانى، ومن هنا كانت بداية ثورات العباسيين ضد الأمويين والتى انتهت بانتصارهم، بعد سقوط مروان بن محمد والذى قتل فى مصر.

وأكدت عميد كلية الآداب السابق بجامعة حلوان أن العباسيين بمجرد سيطرتهم على الحكم قاموا بملاحقة وقتل جميع الأمراء الأمويين، حتى الخليفة العباسى الأول جمع من تبقى من الأمراء الأمويين وأمر بذبحهم أمام عينيه ثم غطى جثثهم ببساط ودعا بطعام وأخذ يأكل ويشرب بينما لا يزالون يتحركون فى النزع الأخير، كما أنهم قاموا بنبش مقابر جميع خلفاء وأمراء الدولة الأموية ما عدا الخليفة عمر بن عبد العزيز، ولم يفر منهم إلا عبد الرحمن الداخل والذى أسس بعد ذلك الدولة الإسلامية فى الأندلس، بالإضافة إلى أنهم قاموا بمطاردة العلويين الذين ساندوهم فى تحقيق مرادهم، ما يعكس طبيعة الخلافات السياسية وليست الدينية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *