كأس العالم مصدر ثراء للإتحاد الدولي«فيفا»: “العائدات تتخطى 4 مليارات دولار… و إنفانتينو رئيس الفيفا يتطلع لمضاعفتها”
كتب:شعبان قنديل الفضالي
~تعد بطولة كأس العالم التي تنظم مرة كل أربعة أعوام هي المصدر الرئيسي لإيرادات الاتحاد الدولي لكرة القدم أو بالمعنى الأدق مصدر ثراء «فيفا».ويوفر المونديال عائدات بأكثر من أربعة مليارات دولار، معظمها من حقوق البث التلفزيوني وحقوق التسويق والتذاكر، لأغنى اتحاد رياضي في العالم. في المقابل، تبلغ تكاليف إقامة المونديال نحو ملياري دولار.ويعيد الاتحاد الدولي توزيع أرباحه على المنتخبات المشاركة في كأس العالم، والأندية التي تحرر لاعبيها لخوض غماره، ويعيد استثمار جزء كبير في تطوير كرة القدم من خلال المنح إلى الاتحادات الوطنية.لذا يأمل السويسري جاني إنفانتينو الرئيس الجديد للاتحاد الدولي زيادة عدد المنتخبات في النسخ المقبلة إلى 48 منتخباً من أجل جذب مزيد من المال لـ«الفيفا» وأيضاً للفرق المشاركة.
وحول فكرة توسعة البطولة بمشاركة 48 منتخباً، أشار إنفانتينو إلى أنه من غير المتوقع تطبيقها في البطولة التي ستستضيفها قطر في 2022، قبل أن تتم استشارة البلد المستضيف أولاً، مؤكداً أن ذلك يحتاج إلى تقدم دولة أخرى مجاورة للاشتراك بالتنظيم. وسيزداد عدد المشاركين في كأس العالم من 32 إلى 48 منتخباً بداية من نسخة 2026، لكن اتحاد أميركا الجنوبية لكرة القدم المؤلف من عشر دول اقترح في أبريل (نيسان) الماضي تطبيق نظام 48 منتخباً في كأس العالم 2022 في قطر.وقال إنفانتينو إن المقترح سيعرض على الجمعية العمومية لـ«الفيفا» التي ستجتمع في موسكو غداً على أن يتم اتخاذ قرار بهذا الشأن في غضون عام واحد.وأوضح: «حتى هذه اللحظة فإن عدد المنتخبات المشاركة في كأس العالم في قطر 2022 هو 32 منتخباً. قدم اتحاد أميركا الجنوبية طلباً مثيراً للاهتمام… وعلينا النظر فيه». وقال إنفانتينو إن «زيادة عدد المنتخبات المشاركة تعني عدداً أكبر من الملاعب والمنشآت والفنادق ووسائل المواصلات. ولكن يبقى السؤال إن كانت قطر وحدها يمكنها تحمل كل ذلك وهذا ما ستتم دراسته بدقة».وأضاف: «عليك أن تحصل على موافقة الكثير من الأشخاص لتمضي في هذا الطريق وأعتقد أنه أمر سابق لأوانه. من غير المرجح أن يحدث أي تغيير. لكنني لا أعتقد أن مناقشة المقترحات أمر لا يدعو للقلق، لدينا اتفاق مع الدولة المنظمة لمونديال 2022 بتنظيم بطولة يشارك فيها 32 منتخباً، ويجب احترام هذا الاتفاق. لكن النقاش ليس عملاً سيئاً».وتخطط قطر لاستخدام ثمانية ملاعب في البطولة، لكن تعاني من مقاطعة دول الجوار السعودية والإمارات والبحرين إضافة إلى مصر العلاقات الدبلوماسية والتجارية وطرق النقل مع قطر منذ نحو عام، وهو الأمر الذي قد لا يشهد تقدم أي من هذه الدول للمشاركة في تنظيم مونديال 2022 حال الموافقة على اقتراح الـ48 منتخباً.ويؤمن إنفانتينو بأن الاستثمار في البطولات بتوسعة المشاركة أو إضافة مزيد من المنافسات الجديدة هو أمر جيد للعبه، ودافع عن عرض تقدمت به جهات استثمارية لم يتم الكشف عنها لشراء حقوق بطولتين جديدتين مقابل 25 مليار دولار وهما مسابقة دوري الأمم حول العالم ونسخة معدلة لكأس العالم للأندية..وتعرض «الفيفا» لانتقاد من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الذي قال إنه لم يطلع على معلومات كافية بشأن المقترح.وأوضح إنفانتينو الذي بدا غير مهتم باسم الدولة التي تنتمي لها جهات الاستثمار: «لا يمكنني الإفصاح عن التفاصيل. ليس لديَّ اعتراض إن كان المستثمرون من السعودية أو قطر أو روسيا أو الولايات المتحدة أو الصين أو اليابان…أو غيرها».وأضاف: «نحتاج لتطوير كرة القدم من خلال أفكار جديدة وجهات تمويل جديدة. علينا أن نتجاوز فكرة إقامة بطولة واحدة تستغرق شهراً لمرة واحدة كل أربع سنوات ونعتبر هذا كافياً لتطوير كرة القدم في العالم».
•أول كأس عالم لإنفانتينو:
-وستكون بطولة كأس العالم في روسيا هي أول اختبار لإنفانتينو كرئيس لـ«الفيفا»، وهو يتطلع لرؤية مونديال ناجح على مستوى التنظيم والأداء الفني الرفيع.ويثق إنفانتينو في قدرة روسيا على تقديم مونديال رائع بنسبة 100 في المائة وسيرى العالم بأسره ذلك عندما تنطلق البطولة بلقاء روسيا مع السعودية في استاد لوجينكي الخميس المقبل.وقال إنفانتينو: «سيكون بوسع الجميع مشاهدة مدى روعة الاستادات ومدى الترحاب الذي ستبديه روسيا إضافة لمدى سير التنظيم والاستعدادات على أفضل ما يكون. ستكون خبرة عظيمة».وحول ما تواجهه روسيا من انتقادات بسبب موضوعات تشمل أمن الجماهير والفرق إضافة للعنصرية في المباريات، قال إنفانتينو: «لن أقول إنني قلق بسبب التمييز وحقوق الإنسان أو الأمن لكننا سنتعامل مع هذه الموضوعات بمنتهى الجدية وسنتخذ الإجراءات المناسبة».وأضاف: «لأول مرة نقوم بفحص أعمال البناء الخاصة بالاستادات ومواقع البناء لضمان أن أوضاع العمال ملائمة… وأن تقدما حقيقيا حدث بالفعل على صعيد حقوق الإنسان والطريقة التي نتعامل بها مع التساؤلات الخاصة بحقوق الإنسان».ووعد إنفانتينو بتوفير «بيئة آمنة» للجماهير التي ستسافر لحضور النهائيات. وقال: «السلطات الروسية على علم بالوضع الأمني في بطولة كبيرة مثل هذه. إنهم يعملون بكل ما أوتوا من جهد للتجهيز للحدث بالتعاون مع السلطات الأمنية التابعة لجميع حكومات العالم… ولكي يكونوا على أتم الاستعداد للتصدي لأي مشكلة محتملة».
•إنفانتينو وفرض هيمنته:
-وقبل عام من انتهاء ولايته يتطلع إنفانتينو الذي انتخب في فبراير (شباط) 2016 أن تكون كأس العالم في روسيا واقتراحاته الإصلاحية، هي بوابته للتقدم للفوز بولاية ثانية لرئاسة «الفيفا».ويوم انتخابه رئيساً بعد سلسلة فضائح هزت كرة القدم العالمية، قال إنفانتينو: «سنعيد تلميع صورة (الفيفا)، والجميع سيحترم الاتحاد الدولي».لكن هل احترم الأمين العام السابق للاتحاد الأوروبي للعبة تعهداته حتى الآن؟ يجيب البريطاني باتريك نالي الذي وقع أول عقود تسويقية لـ«الفيفا» أواخر السبعينات من القرن الماضي: «لقد أصبح إنفانتينو رئيسا لـ(الفيفا) بالصدفة أكثر من رغبته الحقيقية. ربما لا يملك كل الأسلحة في يديه».إضافة إلى تطبيق إصلاحات قانونية بعد الفضائح التي هزت كيان الاتحاد الدولي لكرة القدم وأدت إلى الإطاحة برؤوس كبيرة فيه أبرزها رئيسه السابق السويسري جوزيف بلاتر ورئيس الاتحاد الأوروبي سابقاً وعضو اللجنة التنفيذية لـ«الفيفا» الفرنسي ميشال بلاتيني، يريد إنفانتينو ترسيخ أقدامه من خلال اقتراحاته الجديدة التي تجد تجاوب من دول كثيرة خاصة في قارتي آسيا وأفريقيا.ورحَّب أسطورة كرة القدم الأرجنتيني دييغو مارادونا بزيادة عدد المنتخبات، قائلاً: «يبدو لي الأمر فكرة رائعة». وكان لسان حال الهداف السابق للمنتخب الفرنسي ديفيد تريزيغه مماثلا بقوله: «هذا الأمر يمنح فرصا أكبر لدول وتحديدا للاعبين لم يخوضوا غمار هذه البطولة».لكن المؤرخ الكروي بول ديتشي مؤلف كتاب «تاريخ كرة القدم» يرى أنه «غير متأكد» من أن يكون إنفانتينو نجح في تلميع صورة (الفيفا)».وقال ديتشي: «(الفيفا) يعتمد نظاماً رئاسياً إلى حد كبير. لا يبدو لي أن الأمور تبدلت كثيراً، السلطات تبقى بشكل واسع بين يدي الرئيس، مع أنه تكفل بتسهيل الأمور فيما يخص لجنة الأخلاق. وهناك أيضاً مجموعة العمل الشهيرة التي تقوم بالتقييم لملفَّيْ الترشيح المقدمين لاستضافة مونديال 2026 وفق معايير رئاسية. إنفانتينو هو قبل كل شيء مسؤول أوروبي (الأمين العام السابق للاتحاد القاري)، بينما كان بلاتر يتمتع بشبكات عالمية. لكن لم يتغير شيء لأنهما من مصدر واحد: إداريان، أمينان عامان سابقان أصبحا رئيسين، خلال فترة البرازيلي جوا هافيلانج (1974 – 1998)، كانت الرئاسة مثيرة للجدل، والأدوار أكثر تقاسما: كان بلاتر (الأمين العام) يتولى الإدارة اليومية، وهافيلانج الأوجه السياسية». وأضاف: «لست متأكدا من أن إنفانتينو نجح في تلميع صورة (الفيفا)، لأن هناك مشكلة أساسية: هي معرفة متى ستنتهي هذه الأزمة، أزمة طالت الأمين العام (الفرنسي) جيروم فالكه، ومسؤولين في مجلس (الفيفا)، لكن في قضايا خارج المنظمة، وأيضاً بلاتر و(الرئيس السابق للاتحاد الأوروبي، الفرنسي ميشال) بلاتيني في قضايا يجب إثباتها. يستطيع (الفيفا) تلميع صورته عندما تنتهي كل هذه المسائل. هذه القضايا تصدرت الصفحات الأولى. ما يريده عشاق كرة القدم هو مشاهدة كأس العالم، وأن تصبح القضايا التي تمس (الفيفا) ثانوية».لكن بالتأكيد إذا نجح إنفانتينو في نيل ثقة كونغرس «الفيفا» العام الذي يضم كل الاتحادات الوطنية عبر المعمورة، فإنه سيكون قادراً على تنفيذ مقترحاته سواء بتوسعة كأس العالم أو تنظيم بطولة الدوري العالمي وجميعها.