آراء وتحليلات

فى سيناء نحن نماذج وطنية للتحدى والنجاح كنا نكتب مناهجنا ،،، من ذاكرة مدرسينا

بقلم / سهام عزالدين جبريل


مع كل عام تأتى نتائج الثانوية العامة من كل عام التى تعيد لى عرض شريط ذكرياتى لهذه المرحلة من حياتى ، وفى هذا العام كانت للذكريات حضور أكثر ، نتيجة ظروف العملية الشاملة وتأثرالعملية التعليمية بها ، وإجتيازأبنائنا إمتحانات ، الثانوية العامة فى شمال سيناء فى نفس توقيت إمتحانات كافة المحافظات ، جاء ذلك نتيجة منظومة متكاملة الأدوار بين دعم وتأمين الأجهزة المعنية باالعملية الشاملة والقائمين على العملية التعليمية بشال سيناء وأهالى الطلاب والطالب الذى إجتهد وقدم نموذج متميز من الإجتهاد والتحدى والتغلب على الصعاب كلها أدوار تكاملت فأنتجت هذا النجاح الذى أدخل البهجة إلى قلوبنا جميعا ، وأثبت أن أبنائنا على قدر المسؤلية وعلى قدر التعامل مع ظروف شمال سيناء الإستثنائية ، إنه نموذج من الصمود يضاف الى ماسبقة من نماذج لأجيال سابقة إجتهدت وتحدت وعبرت وتخطت أصعب الظروف ، وإن إختلفت الاوضاع وتباعد الزمن والتاريخ والأحوال ولكنها ظروف تصنع وجه جديد للفرحة والنجاح ومعنى جديد لمفهوم الصمود والإنتصار، معنى يؤكد حبنا لوطننا العزيز الغالى ويترجم معانى عظيمة ومفاهيم أكثر عمقا ، نحن فى أمس الحاجة إلى إستحضارها واخذ الخبرة والعظة منها ، وتقديمها لشبابنا واجيالنا الصاعدة ليست فى سيناء فط بل فى كل ربوع مصر وطننا العزيز الغالي ،
ففى أواخر السبعينات ، كانت ظروفنا أصعب وأوضاعها أقسى ، فحياتنا كانت قاسية للغاية كنا نعيش تحت وطأة إحتلال بغيض ، سنوات مريرة من الصبر على المعاناة والألم ،
أتذكر سنوت الكفاح والسهر والاجتهاد لقد كنا نذاكر من كتاباتنا فى كراساتنا البسيطة ، ونستذكر دروسنا من شرح مدرسينا الذين كانوا يكتبون المناهج على السبورة مستعينين بذاكرتهم ، ومنا من كان يذاكر على أعمدة الإنارة ، أو على لمبات الجاز ، لان قوات الإحتلال كانت تطقع الكهرباء بعد منتصف الليل لتوفيرها ولضعف شبكة الإنارة ،،،
ورغم ذلك تحدينا وتفوقنا وأحرزنا درجات عليا والتحقنا بكليات القمة فى جامعاتنا المصرية ،
هذا ماحدث لنا عندما إحتلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء فى 1967م ، وعاصمتها العريش وكافة مدن الشمال والجنوب ، من رفح شرقا وحتى القنطرة والضفة الشرقية للقناة غربا ومن طابا على خليج العقبة فى الجنوب الشرقى وحتى عيون موسى وخليج السويس فى الجنوب الغربى ، فترة إحتلال دامت حوالى 15عاما حتى أبريل 1982م ،
حاول الإسرائيليون خلال هذه الفترة العصيبة بكل الطرق التأثير فى كافة المجالات ولكن باءت كل محاولاتهم الى الفشل الذريع ، كان المحور الثقافى والتعليمى أحد إهتمااتهم الرئيسية ، حاولوا إدخال المناهج الاسرائيلية الى الاراضى المصرية المحتلة ومن ضمنها تطبيق مناهج التا ريخ والجغرافيا واللغة العبرية وتحية العلم ونشيدهم الوطنى ، وقوبل هذا برفض شديد من قبل الأهالى والطلاب ،،،
لقد رفضنا ذلك ونحن اطفال صغار فى الابتدائى اللعب بمناهجنا المصرية ، وظلت مدارسنا مغلقة لمدة عامين رافضة كل محاولاتهم ، واستنجد الأهالى بهيئة الصليب الأحمر الدولى ومنظمة اليونسكو وطالبوا سلطات الإحتلال بحق أطفال سيناء فى التعليم بمناهج دولتهم المصرية وبحقهم كمصريين ان يتعلموا مثل أ قرانهم فى كل محافظات مصر،
وحتى مهما طالت سنوات الإحتلال فهم مصرييون أسرى لدى سلطات الإحتلال ولن يتخلوا عن حقهم كمواطنين مصريين على أرض مصرية تحفظها سيادة القانون الدولى وأقرتها الحقو ق الإنسانية ،
ومن هنا كان ذلك أحد أساليب المقاومة الوطنية والحفاظ على الأرض والتاريخ والثقافة المصرية على أرض مصرية تحت ، إرهاب الألة العسكرية الإسرائيلية ، والتى أجبرت قوات الاحتلال على تلبية مطالبنا فى دراسة المنهج المصرى ولكنهم حرمونا من إقتناء أي كتب دراسية مصرية أو حتى ملخصات ، وكان يحر قون أى كتب يجدونها بين أيدينا ، فكنا نكتب مناهجنا من ذاكرة مدرسينا ، ونمتحن بإشراف هيئة الصليب الأحمر وكانت إمتحانات الثانوية العامة تتم باشراف منظمة الصليب الأحمر الدولى وتنقل إلى القاهرة وتصحح ويتم إعلان النتيجة عبر برنامج الشعب فى سيناء عبر إذاعة صوت العرب ، ويتم التنسيق لنا ونأتى لنلتحق فى كلياتنا بالجامعات المصرية عن طريق رحلات الطلاب بواسطة باصات هيئة الصليب الأحمر الدولى بالتنسيق مع الهلال الأحمر المصرى والمخابرات الحربية ،
هذا مافعلناه ونحن أطفال صغار للمحافظة على هويتنا ومصريتنا و لمواجهة مخططات اللعب بالعقول والتأثير الثقافى وتشوية التاريخ وتغيير الجغرافيا ، من خلال التعليم ،،،
واليوم وفى حاضرنا هذا يشرفنى أن أقدم هذا النموذج إلى أبنائنا وأقول لهم مليون مبروك لكل أولادنا فى الثانوية العامة فى شمال سيناء ، لقد احدثتم حالة من الفرح وادخلتم البهجة والسرور الى قلوبنا ، وانتم تؤدون امتحناتكم فى مدارسكم ، تحت عزة وطنكم ورأيته العظيمة وعلى ترابها الغالى ، واثبتم أنكم أبطال التحدى برغم ظروف إغلا ق مدارسكم منذ بدء العملية الشاملة فى فبراير الماضى ، لقد اثبتم أنكم على قدر المسؤلية ، وأن أبنائنا قادرون على صنع الأمل من رحم المعاناة وأن القادم سيكون أفضل إن شاء الله .

خالص تحياتى / ىسهام عزالدين جبريل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *