رغم التباين فى تحديد النسبة الحقيقة لحجم المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى الاقتصاد المصرى، إذ تدور الترجيحات بين نسبة 60 إلى 80% من الاقتصاد، إلا أن الجميع اتفق على أن للمشروعات الصغيرة والمتوسطة أهمية كبيرة باعتبارها أحد أهم روافد التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك انطلاقا من مساهمتها ومعالجة مشكلة بطالة الشباب ورفع وتيرة التشغيل فى القطاع الخاص ودعم الأنشطة الاقتصادية.
وللمشروعات الصغيرة والمتوسطة دور رئيسى وحيوى فى تطوير اقصاديات العديد من دول العالم وتنمية مواردها البشرية والمادية، وذلك وفقاً لاحتياجها وأهدافها التنموية، لاسيما وأن العديد من المشروعات الضخمة الناجحة القائمة اليوم فى معظم دول العالم كانت نواتها فى الأساس أفكار فردية ومشروعات صغيرة.
التمويل
ويعتبر التمويل أحد أهم التحديات التى تواجه قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، نظراً لافتقار عنصر الثقة فى القائمين على المشروع وعدم توفر الضمانات الكافية ونقص الخبرة فى أساسيات التعامل المصرفى، وواجهت الدولة هذا التحدى من خلال محورين، الأول هو إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسى، مبادرة تخصيص 200 مليار جنيه بأسعار فائدة منخفضة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
ونفذ البنك المركزى المبادة فى يناير 2016 بتوفير 200 مليار جنيه بفائدة 5% متناقصة للمشروعات الصغيرة، وبفائدة 7% متناقصة للمشروعات المتوسطة لتمويل القطاع الزراعى والصناعى، وبفائدة 12% متناقصة لتمويل المشروعات المتوسطة لتمويل رأس المال العامل للمشروعات الصناعية والزراعية والطاقة المتجددة.
ووفقا لتصريحات محافظ البنك المركزى طارق عامر، بلغ إجمالى التمويلات التى ضخها البنك ضمن مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة 70 مليار جنيه لحوالى 62 ألف مشروع.
أما المحور الثانى من خلال جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، والذى ضخ 16.7 مليار جنيه لتمويل هذا القطاع مع بداية تولى الرئيس السيسى منصبه فى عام 2014، حتى نهاية شهر يناير 2018 الماضى، وهو ما يوازى حوالى 50% من إجمالى التمويل الذى قدمه الجهاز طوال فترة عمله منذ 1992والبالغ قدرها 34 مليار جنيه.
في حين بلغ حجم التمويلات التى قدمها الجهاز خلال الفترة من يناير إلى نهاية مايو 2018 لتسجل 2.4 مليار جنيه أول 5 أشهر من العام الحالى، ويسعى الجهاز للوصول بالتمويلات المقدمة لقطاع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر إلى 6 مليارات جنيه بنهاية العام الجارى، بحسب نيفين جامع رئيس الجهاز.
ولم يكتف البنك المركزى بمبادرة الرئيس فقط، بل وافق مؤخرا على إصدار ضمانة لشركة ضمان مخاطر الائتمان CGC بقيمة 2 مليار جنيه، والتى ستمكن الشركة من إصدار ضمانات للبنوك بنحو 20 مليار جنيه مخصصة لشريحة الشركات الصغيرة والمتوسطة، مع التركيز على القطاع الصناعى الزراعى والطاقة الجديدة والمتجددة وتكنولوجيا المعلومات، بما يساهم فى توسع البنوك فى تمويل تلك المشروعات.
كما وافق البنك المركزى على رعاية مبادرة “رواد النيل” بالشراكة مع جامعة النيل لمدة 5 سنوات، تهدف لتمكين الجهاز المصرفى من طرح “خدمات تطوير الأعمال” للشركات الصغيرة والمتوسطة فى مراحلها المختلفة بدءا من الفكرة وحتى مرحلة النمو والنضوج لتشجيع الشباب على ريادة الأعمال.
وتتضمن المبادرة إنشاء “مراكز تطوير الأعمال” فى المناطق الجغرافية ذات الفرص الاستثمارية لطرح خدمات تطوير الأعمال للشركات الصغيرة والمتوسطة، وتشمل عددا من الأنشطة المختلفة، مثل إنشاء بيت التصميم لمساعدة الشباب على تصميم النموذج الأولى لمنتجاتهم وكذلك إعادة تصميم منتجاتهم القائمة لسهولة تسويقها.
منصة إلكترونية
ولم تحل الدولة تحدى نقص التمويل فقط، بل أطلقت منصة إلكترونية تفاعلية للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، لتوفير كافة المعلومات والخدمات اللازمة لتنمية المشروعات ودعم رواد الأعمال.
بيئة تشريعية
ولاكتمال نجاح منظومة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، كان لا بد من إصدار تشريع ييسر بيئة هذا القطاع، ولذا أعدت وزارة الصناعة مشروع قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وتم إرساله إلى مجلس الوزراء لدراسته، تمهيداً لرفعه الى مجلس النواب لإقراره، ويتضمن مشروع القانون التعريفات والحوافز المقدمة لهذه النوعية من المشروعات، والتى تمثل أكثر من 80% من هيكل الاقتصاد المصرى، فضلاً عن آليات التمويل، وكذا تشجيع القطاع غير الرسمى للانضمام إلى المنظومة الرسمية.
الاستفادة من التمويل
ويقدم “اليوم السابع”، خطوات للراغبين فى الحصول على تمويلات مشروعاتهم الناشئة من جهاز تنمية المشروعات الصغيرة، والذى يمول كافة أنواع المشروعات الصغيرة الجديدة والقائمة الإنتاجية، والصناعية، والتجارية، والخدمية، والحرفية، وكذلك مشروعات الثروة الحيوانية، والسمكية والداجنة، والتمويل بحد أقصى 2 مليون جنيه للمشروع الواحد.
ويشترط للحصول على تلك التمويلات وهى الأهلية القانونية وحسن السير والسلوك وإجادة القراءة والكتابة، والتفرغ للمشروع وإدارته والتواجد بنفس المحافظة محل النشاط أو المحافظة المجاورة، وتأدية الخدمة العسكرية أو تأجيلها أو الإعفاء منه لفترة تغطى مدة القرض مع توافر السجل التجاري، والبطاقة الضريبية، وعقد الملكية أو الإيجار لمقر المشروع على أن يكون ثابت التاريخ فى الشهر العقاري، وبطاقة الرقم القومى للمشروعات الصغيرة، والتراخيص اللازمة لمباشرة النشاط، ودراسة جدوى فنية واقتصادية للمشروع، أية مستندات أو بيانات أخرى قد تطلبها الجهة الوسيطة لدراسة طلب العميل، والضمانات المطلوبة للحصول على قرض.
ويقدم الجهاز مزايا وتسهيلات لأصحاب المشروعات الممولة منها إعفاء ضريبى لمدة خمسة سنوات للمشروعات الفردية الجديدة الحاصلة على تمويل قبل بدء مزاولة النشاط الفعلى، وسعر فائدة يقل عن الأسعار التى تفرضها البنوك، وأفكار مشروعات مصحوبة بدراسات جدوى، وتدريب متخصص ودعم فنى، وخدمات تسويقية من خلال معارض الصندوق التى تقام بجميع أنحاء الجمهورية، والمساعدة فى استخراج المستندات المطلوبة من خلال مجمعات خدمات المنشآت الصغيرة التابعة للجهاز والمنتشرة بجميع المحافظات، وتيسير إجراءات منح القروض من خلال تطبيق على القروض المباشرة حتى 50 ألف جنيه، ولا يطالب العميل بتقديم أية ضمانات عينية مثل الرهن التجارى أو العقارى أو تحويل المرتبات وما إلى ذلك.
اهتمام حكومى
وعلى الرغم من قصر فترة تولى حكومة المهندس مصطفى مدبولى، إلا أنه يولى اهتماماً كبيراً بهذا القطاع إذ عقد يوم 25 يونيو الماضى، اجتماعاً مع نيفين جامع الرئيس التنفيذى لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، لمتابعة خطة الجهاز لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
كما عقدت اللجنة الوزارية الاقتصادية، اجتماعاً ناقشت فيه سبل تشجيع إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر لما لها من مردود إيجابى فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة بمختلف القطاعات، وتوفير المزيد من فرص العمل الحقيقية ونشر ثقافة ريادة الأعمال، حيث تم استعراض المقترحات الخاصة بتوفير الاحتياجات التمويلية اللازمة لجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر خلال الفترة القادمة بما يدعم دور الجهاز فى وضع وتطوير السياسات والخطط الاستراتيجية لإقامة المزيد من تلك المشروعات، أخذاً فى الاعتبار فرص التوسع فى المجالات والمشروعات التى يمكن للشباب المساهمة فيها.
كما عين عمرو نصار وزير التجارة والصناعة، حسام فريد حسنين عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات ورئيس لجنة تعميق التصنيع المحلى والتكامل الصناعى للعمل مستشارا للوزير لشئون المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وريادة الأعمال بدون مقابل مادى.