عبدالعزيز سعود البابطين يلقي كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحده
هناء السيد
في مسعاه للتحضير لمنتدى دولي واسع عن السلام في محكمة العدل الدولية بلاهاي، من خلال مؤسسة
عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية، ألقى رئيس المؤسسة كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بدعوة من
رئيس الجمعية ميروسلاف لاشجاك، شرح من خلالها المقررات التي وضعتها المؤسسة لتدريس مناهج
السلام في مختلف المراحل الدراسية حول العالم.
وفي البدء قال: البابطين: بمناسَبة هذا المُنْتَدَى رَفيعِ المستَوى أُجَدِّد التزامَ مُؤسَّستنا بالعملِ على تَعزِيزِ ثقافَةِ
السَّلامِ العادل، وهو التزامٌ يأتي من التزامِ دولةِ الكويت بقيادةِ سُموّ أميرِها الشيخ صباح الأحمد الجابر
الصباح بالدعم الدائم للسلام في كل أنحاء العالم. وإننا بالتعاونِ معَ شُرَكائِنَا نُرَكِّزُ على ثلاثَةِ مَبادِئَ:
الأوَّلُ: طَبيعَةُ كلِّ هويَّةٍ أنَّها مُسَالِمَةٌ، وإنَّ التَّحدِّياتِ لهذا المَبدَأ لا يُمكنُ أنْ نَترُكَهَا لتُؤَثِّرَ في الطبيعةِ
الحقيقيَّةِ للهويَّة، بَلْ نقدِّم بَرَامِجَ ناجِعَةً مَانِعَةً لتلكَ التحدِّياتِ ودَاعمةً للهويَّة؛ إذْ نُؤمِنُ أنَّ تلكَ الهويَّةَ-بَعيدَةً
جغْرافيًّا كانتْ أم قَريبةً-إنَّما هيَ جزءٌ منْ عَالمنا ومَا يَمَسُّها يَمَسُّنا. والهويَّاتُ لا يُناقِضُ بَعضُها بعضًا بلْ
تتكامَل. أما عن الركيزة الثانية، فذكر البابطين أنها تتمثل في التَّفاعُلُ الإيجابيُّ للهويَّات، فالهويَّةُ الخاصَّةُ
المحليَّةُ LOCAL لا يمكنُ أنْ تَحيَا دُونَ أنْ تتفاعَلَ إيجابيًّا معَ الهويَّاتِ الأُخرى، لِتُشكِّلَ سويًّا الهويَّةَ
الكونيَّةَ الجامِعَةَ GLOCAL. والركيزة الثالثُة هي مَركزيَّةُ ثقافَةِ السَّلامِ يجبُ أنْ تكُونَ كَونِيَّةً عالَميَّةً
فثقافَةُ السَّلامِ والمُواطَنَةُ الكونِيَّةُ والهويَّةُ الكونِيَّةُ مُثَلَّثٌ مَفاهِيميٌّ لا يَستَغنِي بَعضُهُ عنْ بَعض، فبثَقَافةِ السَّلامِ
الكَونيَّةِ التي نُريدُ تَعميمَها بينَ الجميعِ في كُلِّ أنحَاءِ العالَمِ نُؤَسِّسُ مُواطَنَةً كَونيَّةً تَحفظُ هويَّتَنا الكونيَّةَ
الجَامِعَة.
وقال البابطين: في جَلسَتِكُمْ العامَّةِ في العام الماضي في السَّابعِ مِنْ سبتمبر 2017 كنتُ عَرضْتُ عليكُمْ
مَشروعَ ثقافَةِ السَّلامِ مِنْ أجلِ أمنِ أجيالِ المُستقبَل، ومنْ خِلالهِ اقترحتُ وَضعَ دُرُوسٍ حولَ ثقافَةِ السَّلامِ
في بَرامجِ التَّعليمِ ومَوادِّهِ، انطلاقًا مِنَ الحَضَانَةِ، فالمَدرَسَةِ، ثمَّ المَعْهَدِ، إلى بَرامِجِ التَّعليمِ في الجَامِعة، وقدْ
لاقَى المَشرُوعُ قَبُولاً وتَرحِيبًا منْ قِبَل الجَمعيَّةِ العامَّة، وإنِّي أُوَجِّهُ إليها جَزيلَ الشُّكر. وكان ذلكَ حَافِزًا لي
بأنْ أتقدَّمَ الخُطوَةَ الأُولَى في إنجَازِهِ ، فافتَتَحَتْ المُؤَسَّسةُ في 22 نوفمبر 2017، بِرُومَا كُرسيَّ عبدِالعزيز
سُعود البابطين مِنْ أجلِ ثقافَةِ السَّلام. وقدْ عَهِدْنَا إلى المَركزِ الأوروبيِّ المُشترَكِ بينَ الجَامِعاتِ للدِّيمقرَاطيَّةِ
وحُقوقِ الإنسانِ أنْ يُبَاشِرَ تَدريسَ ثقافَةِ السَّلامِ مِنْ خِلالِ المِئَةِ جامعةٍ التي يَضُمُّها مِنْ مُختلفِ بُلدانِ العالَم.
وإنِّي لَسَعِيدٌ أنْ أُعلِمَكُمْ أنَّ ثقافَةَ السَّلامِ بدَأتْ تُدرَّسُ في جميع القاراتِ. ثُمَّ إنَّ المُؤسَّسةَ بعدَ ذلكَ شكَّلتْ معَ
شُرَكَائِها لجنَةً دوليَّةً للإشرَاف والتوجيه لتَسهيل مُهمَّة مَنْ سَيُعَلِّمُونَ هذهِ الأجيالَ الصَّاعِدَةَ ثقافةَ السَّلام.
وكانتْ مُهمَّةُ اللجنةِ التفكيرَ في إِعدادِ كُلِّ مَناهِجِ التَّدريسِ مِنَ الحضانَةِ إلى الجَامِعَة. وإنَّنا نُقدِّمُ إليكُمْ اليومَ في
هذهِ الجَلسَةِ المَنهَجَ النمُوذَجَ مَطبُوعًا، آملينَ أنْ يَنالَ رِضَاكُمْ.
وشرح البابطين للحضور آلية التحضير للمناهج قائلاً: تَقومُ حَاليًّا ثلاثةُ فِرقٍ مِنَ المُختصّين، بتَحريرِ جُملَةِ
المَنَاهجِ وعَدَدُهَا سَبعَةَ عَشرَ مَنهجًا مُنطلقةً مِنَ الخُطوطِ الكُبرَى المَرسُومةِ في هذا المَنهجِ النَّمُوذَجِ،
هيَ:فَرِيقُ خُبَرَاءِ التَّعليمِ الابتدائيِّ وَالأَساسِيِّ، وفَريقُ خُبَرَاءِ التَّعليمِ الثَّانَويِّ، وَفَريقُ خُبَرَاء التعليم العالي.
وَسَتُقَدَّم جَميع المَناهِجِ جَاهِزَةً مَطبُوعَةً إلى ضيوفِنَا الكِرَامِ في المُنتَدَى العَالَمِيِّ لِثَقافَةِ السَّلامِ الذي سَتُنَظِّمُهُ
المُؤسَّسةُ في دَورَتِهِ الأُولَى في مَحكَمَةِ العَدلِ الدوليَّةِ في مَدينَةِ لاهَاي بتاريخ 13 يونيو 2019، وسيكونُ
ذلكَ بِحُضُورِ بعضٍ مِنَ الرُّؤساءِ في العَالَمِ والفَاعِلينَ السياسيِّينَ والاجتِمَاعيِّينَ والثَّقافِيِّين.
من جانب آخر، كان البابطين قد تحدث قبل ذلك في المعهد الدولي للسلام بحضور رئيس المعهد تيري رود
لارسن وقال في كلمته:
تَنْبَنِي رُؤيَتُنَا للسَّلامِ على قاعِدَةٍ أساسيَّة هيَ: أن السَّلامَ ضَرورَةٌ حياتيَّةٌ، فنحنُ اليومَ في حَاجَةٍ – أَكْثَرَ مِنْ أيِّ
وقتٍ مَضَى – إلى نَقْلِ السَّلامِ مِنَ المُمْكنِ إلى الضَّروريِّ لأجلِ استمرَارِ الإنسانيَّةِ. علينا إِذَنْ أنْ نَتَجاوَزَ
فِكْرَةَ السَّلامِ المُمْكِنِ إلى فِكْرَةِ السَّلامِ الضَّروريِّ، فالضَّرورةُ تَجعَلُنا نُفَكِّرُ في الواجِبِ والمَسْؤوليَّةِ
الاجتماعيَّةِ. نحنُ في حاجَةٍ إلى الاقتِنَاعِ بأنَّ السَّلامَ ضَرورةٌ وليسَ مُجَرَّدَ إمكَانٍ. نحنُ نَرغَبُ في الحياةِ التي
ليسَ فيها صِرَاعٌ بلْ فيها تنافُسٌ، وحينَ يُصبحُ السَّلامُ ضَرورةً وليسَ إِمْكانًا سَنُؤَسِّسُ العَالَمَ الأفضلَ.
وأضاف البابطين: حينَ نُفَكِّرُ في تَعْميمِ السَّلام باعتبارِهِ ضَرورةً لِيَشمَلَ كُلَّ العَالَمِ، فإنَّ ذلكَ يَعنِي أنْ نُسَخِّرَ
سُلُوكَنَا ورُمُوزَنَا وكُلَّ وَسَائِلِ تَوَاصُلِنَا نحوَ الهدَفِ الأَسْمَى وهوَ السَّلامُ. عالمُ السَّلامِ جَوهَرُهُ التنوُّعُ، ليسَ فيهِ
لُغَةٌ أو لَونٌ أو ثقافَةٌ أو عِرْقٌ أو طَائِفَةٌ أو دِيْنٌ، بلْ فيهِ لُغاتٌ في لُغَةٍ واحِدَةٍ، وألوانٌ في لَونٍ واحدٍ، وثقافاتٌ
في ثقافَةٍ واحدةٍ، وطوائف في طائِفةٍ واحدة..بِبَسَاطَةٍ هوَ عالَمُ الإنسانِ المُتَعَدِّدُ