هل مازال دور الجد مؤثرًا فى البيت المصرى؟
“وداعًا جدو أبو الفضل” عبارة عبر بها الكثيرون على مواقع التواصل الاجتماعى عن حزنهم الشديد بعد رحيل الفنان الكبير “جميل راتب”، الذى قدم واحدًا من أفضل أدوار الجد فى مسسلسل “يوميات ونيس”، فنقل من خلاله صورة حقيقية تعرفها البيوت المصرية جيدًا للجد الذى يمثل القدوة والنصح، والصوت الحكيم لدى أحفاده، وهو ما يطرح تساؤلًا بعد رحيله، هل ما زال دور الجد موجودًا لفى البيوت المصرية مع كل ذلك التغير الاجتماعى الذى أصاب طبيعة الحياة الأسرية؟
ويجيب على ذلك استشارى العلاقات الأسرية “أحمد علام”، موضحًا أن الدور الكبير الذى يقدمه الجد لأحفاده لا يزال موجودًا فى بعض البيوت التى مازالت محتفظة بـ”بيت العيلة”، أو الأسر التى تواظب على تبادل الزيارات والتواجد باستمرار فى بيت العائلة بعد الزواج.
فيوضح أن دور الجد يكمن فى كونه طاقة من الحنان المتجدد، المصحوب بسيل من الحكمة والتمسك بالقيم، فالجد يمثل لأحفاده حكمة الزمن، والاهتمام المتواصل بالاختلاف عن الأب والأم اللذين ينشغلان لبعض الوقت بسبب ضغوط الحياة، لكن السن الكبير للجد يتيح له فرصة التفرغ لأحفاده لذا يعطيهم جانبا كبيرا من وقته الذى تتخلله الحكمة والحنان.
أما عن البيوت التى اختفى منها دور الجد فيرى أحمد علام أن الأسر التى ابتعدت عن الأماكن الأصلية لنشأة العائلة، فترتب عن ذلك قلة الزيارات، أو التواصل بين الأحفاد والأجداد، ففى ذلك الوضع يختفى دور الأجداد نسبيًا، ما يؤثر بالطبع على شخصية الأطفال.
وتابع استشارى العلاقات الأسرية أن شخصية الأطفال تتأثر كثيرًا بوجود الجد من عدمه داخل الأسرة، حيث يمثل له القدوة والصوت الحكيم، وركن من الأمان الذى لا يجده مع الأصدقاء، أو حتى مع الأب والأم، مضيفًا أنه يتعرض يوميًا لكثير من الاستشارات أغلبها من الأمهات يشتكين من التدخل الكبير للأجداد، خاصة أهل الزوج فى طبيعة شخصية الأحفاد، وذلك يرجع لتأثرهم الكبير بهم، وفى ذلك الأمر ينصح استشارى العلاقات الأسرية الوالدين بتقديم النصح للأجداد بضرورة عدم تقديم أفكار متعارضة مع طريقة تربية الأب والأم لأولادهم.
كما يرى علام أن التعارض بين ما يقدمه الجد والوالدان للطفل يؤثر كثيرًا على شخصيته، فينتج عنه شخصية متربصة، ومهتزة نفسيًا وحيرة كبيرة عن اتخاذ القرارات المهمة، وهو ما على الأسر الانتباه له، على الجانب الآخر عندما يأتى دور الجد فى مكانه السليم فيؤثر ذلك إيجابيًا على الأحفاد وشخصيتهم، حيث النشأة السليمة، ووجود القدوة الحسنة الحكيمة، بالإضافة للاستقرار النفسى وإشباع الجانب العاطفى بشكل سليم بدلًا من البحث عنه فى الأصدقاء أو بأى طرق أخرى.
أما عن الأجيال الحالية من أبناء العشرينات والثلاثينات ومستقبلهم فى أن يكونوا “أجداد صالحين”، يرى أحمد علام أنه أمر صعب وفقًا للتغيرات الاجتماعية التى حدثت فى الـ15 عاما الأخيرة، حيث الصور العديدة للتفكك الأسرى، وتراجع دور الكبير وغياب القدوة فى الكثير من البيوت، وهو ما ينذر بأن نبحث فى المستقبل عن “جدو أبو الفضل” فى كل بيت ولا نجد من يقوم بدوره وحنانه على أحفاده.