اكتوبر واعادة قرأءة للتاريخ والجغرافيا ومقومات الأمن القومى المصرى
بقلم / سهام عزالدين جبريل
ونحن على مشارف شهر الانتصارات واحياء ذكرى اكتوبر وذلك النصرالذى أعاد للامة أرضها وكرامتها وعزتها ، النصر الذى أعاد سيناء وعرف لنا قيمة هذه الارض وقيمة مابذل من تضحيات من أجل استردادها حرة أبية وأعاد الحياة الى قناة السويس فدبت الحياة فى ربوع مدن القناة وعادت الى مصر نشوة الانتصارات بعد سنوات المعاناة فأشرقت شمسها الذهبى،،،
لما لانعيد قراءة تاريخ وجغرافية الوطن ونبحث في تلك التوجهات والحيل التي تترجم مؤامرات عزل ذلك الساعد الجغرافى لمصرالممتد من سيناء والذى يربطها إقليميا بمحيطها العربى الأسيوى ، ومقومات أمنها القومى الممتد من جبال طوروس شمالا وحتى منابع النيل جنوبا ، ومابينهما شرقا وغربا تمتد اعمدة وثوابت الامن القومى للدولة المصرية وقيمتها المكانية والتاريخية والجيوإستراتيجية فالجغرافيا تصنع قيمة الموقع والارض والتاريخ وأحداثة تؤكد قيمته المكانية وترسخ حدود الامن القومى فيه ‘ وتحدد نطا ق محيطه وامتداداتها الجغرافية والمكانية ‘وعناصرة الأساسية ، وتأثيره على دوائرة الاقليمية والعالمية ،
وبحكم الموقع فإن مصر تنتمى إلى الدول أصحاب المواقع الاستراتيجية ، فبحكم موقعها بين القارات الثلاث أفريقيا واسيا وأوروبا ، حيث يتميز الموقع المصرى الممتد الى قارة اسيا شرقا والمتمثل فى ذلك المثلث الإستراتيجى الهام الذى يمثل شبه جزيرة سيناء الواقع فى محور الثلاث قارات ذلك الجسر البرى الذى يربط أسيا بأفريقيا وفى غربها يجرى الرافد المائى الذى يربط اوربا وشمال المتوسط بالبحر الاحمر ‘، حيث تتضاعف الاهمية الاستراتيجية لهذا الموقع بحكم وجود قناة السويس ، وقد عبر عن هذا الموقع المفكر المصرى الدكتور جمال حمدان فى كتابه شخصية مصر بأنه الموقع النقمة ، حيث ان هذا الموقع كان ولا يزال سببا فى المتاعب المصرية فعندما تكون مصر فى درجة من القوة تتكافأ وأهمية وإستراتيجية موقعها فان تلعب دورا هاما إقليميا ودوليا ، وعلى العكس تماما عندما تفتقد القوة فأنها تكون ضحية هذا الموقع الهام والحيوى للعديد من القوى الدولية .
وتأتى علاقة التاريخ والجغرافيا ، فالعلاقة وطيدة بين العاملين معا فهى علاقة الزمان بالمكان ، فان الجغرافيا عامل فاعل فى التاريخ وأصيل ويدخل فى تشكيل وتكوين أحداث ووقائع التاريخ فلولا جغرافية مصر وبواباتها الشرقية فى شبه جزيرة سيناء لما كان هذا التاريخ الحافل بالغزوات والفتوحات والحروب والانتصارات والممتد منذ فجر التاريخ ،
وتلك الحقيقة التاريخية التى اكدتها احداث التاريخ ، عبرالعصور ، ومابين محاولات بتر أرض سيناء ، ذلك المثلث الإستراتيجى الهام عن هويته المصرية في العصر الحديث من خلال تلك الخطط الفاشلة من جانب تركيا وبريطانيا لفصل سيناءعن مصر،
تلك الخطط التي بعثتها الى الحياة بحذافيرها تقريبا اسرائيل منذ سنة 1956م ، فحين اُرغمت على التراجع من سيناء فى مارس 1957م بعد أن كانت قد أعلنت رسميا ضمها ، بدأت تراوغ بالمساومة فإقترحت خطوط تقسيم وجهت بالرفض العنيف فباءت بالفشل.
وبعد يونيو 1967 عادت اسرائيل تثيرموضوع مصرية سيناء مرة اُخرى ، ومضت بسياسة الأمر الواقع تعمل لتهويد شبه الجزيرة أوأجزاء منها ومحاولاتها المستميتة لطرد الأهالى وإقامة المستعمرات خاصة حول رفح والشيخ زويد والعريش وشرم الشيخ.. إلخ ، وفشلها إمام حائط الصد البشرى من السكان الذين رفضوا وتصدوا وتحدوا لكل هذه المؤامرات ، فبأت كل المحاولات الإإسرائيلية بالفشل الذريع أيضا ،
ونجح الشعب صاحب الأرض والمكان وأحد العناصر الرئيسية الهامة فى مكونات الامن القومى فى الدفاع عن ارضة وحقة وملكيته وتاريخه وهويتة ومصريته ‘ ومصرية أرض سيناء تاريخا وجغرافيا ،
ومابين محاولات تأجيج مشاعرالإغتراب والإختلاف بين أهلها وبين سكان الوادي حيث خصوصية العادات والتقاليد وتباين اللهجات ، وموجات التشكيك في الولاء والوطنية من بعض الأقلام الذين يحسبون على مصر ، والتي تطل بوجهها القبيح في كثير من الأحيان والتي تطعن كرامتهم وتشوه تاريخ مضئ سطروه بعرقهم ودمائهم ، فهم يدفعون الثمن في كل الأحوال وهذا الثمن لم يدفعوه فقط بعد 1967،أ وخلال حرب الاستنزاف، أونصرأكتوبر 1973، أوحتى السنوات التى تلت ذلك ، والتي لم نر فيها سوى حديث عن تنمية سيناء ، دون أن نرى شيئا يتحقق على أرض الواقع ، إلا من اجتهادات لبوادر تنمية مبعثرة وغير مكتملة ، لم تحقق أهدافها المرجوة منها ، دون أن يشعرأهالى سيناء أنهم نالوا بعض التقدير، واستمرت تضحياتهم طوال الفترة الماضية وحتى اليوم وفى ل اصعب الظروف التى ، زادت فيها حدة ظاهرة الإرهاب العالمية ، وهى موجة حرب جديده أتت المنطقة ، ليس لسيناء ذنب إلا أنها تقع فى مناطق الإستهداف والاطماع والمخططات ، فكان لسيناء نصيب من الاستهداف من اجل احداث خلل اقليمى وتفتيت لمكونات الدولة الوطنية واعادة تقسيم جديد للدائرة الاقليمية فى المنطقة بأسرها ، حيث تداعت قوى دول اقليمية كبرى نتيجة هذه الموجة العاتية من الجيل الجديد من الحروب الغير تقليدية ،
وعلى الرغم من ذلك الدورالوطنى وملحمة البطولة التى تلعبها القوات المسلحة فى إعادة الأمور إلى نصابها ، وإجتثاث جذور الإرهاب من كامل أرض سيناء والحفاظ على تراب الوطن ، ونجاحها فى ذلك ، إلا أن هذا لايمنع القول بحقيقة أن أهالى سيناء جزء أصيل من هذه الملحمة الوطنية العظيمة ، فهم عانوا وعاشوا وعايشوا وعائلاتهم واطفالهم ، كافة ظروف المعاناة بكل صعوبتها وقسوتها على السكان المدنيين ، ورغم ذلك فقد استمروا فى التحمل والصمود ودفع الثمن فى كافة مناحى حياتهم‘ ، جراء مواجهة ذلك العدو الجديد والنموذج المستجد من الحروب الحديثة الوافده الى أرضهم ، فلم يتركوا الأرض ولم يغادروها ، فإيمانهم الراسخ يؤكد بوعى وطنى حقيقى أن وجودهم على الارض والحفاظ عليها ، جزء أصيل وهام من مكون الامن القومى المصرى على ارض المواجهة ، وظل الثبات والصمود ورفع القدرة على التحمل لنوع جديد من حرب شرسة واليات جديدة فاقت قدرات البسطاء ، فاصبحت عقيدة الصمود والتحمل وشرف الالتصاق بقواتهم المسلحة وعدم ترك الأرض منهج حياتهم اليومية ، فهم شركاء فى مواجهة عدوخفى غير واضح المعالم ، وحرب جديدة تختلف عن حرب مواجهة العدو التقليدية ‘
وهنا الاعتراف بذلك هو بداية حل المشكلة ،،،
ومابين إضطهاد العدو وسلاح المواجهة خلال سنوات طويلة من ملاحم الصمود والتحدى وتاريخ مضئ يحمل بين طياته فخر لملاحم البطولة والوطنية ومابين الاتهامات المغلوطة من ذوى القربى ، وقف أهل سيناء يواجهون العدو، ويردون على الالسنة السليطة من قبل من يحملون نفس الهوية المصرية ، الذين يعتقدون ويدعون انهم أكثر ولاء من سكان الصحراء المتاخمة لحدود الوطن ، الذين اصبحوا متهمين ومطالبين بإثبات الولاء والانتماء في كل وقت وفى كل حين ، برغم كل ماقدموه وحجم مابذلوه من تضحيات ، إلا أن كثيرا من يجهلون حقيقة وطنية وعمق هوية سكان أرض المواجهة وطبيعة مجتمع صحرائها الصامدة ، ودورهم كمكون أصيل من مكونات الامن القومى المصرى والهوية الثقافية المصرية ،،،
خالص تحياتى / سهام عزالدين جبريل