حتى لا ننسى أبطالنا: « إبن سيناء الفريق بحري فؤاد ذكرى قائد المدمرات ومغرق الصهاينة»
حرب أكتوبر كانت نتاج عمل وجهد ودماء القوات المسلحة مجتمعة، ودعم الشعب لها التي هي جزء منه والكثير منا بل الأغلبية لا يعلمون شيئا عن بطولات دفنت عمدا حتى لا يبقي إلا المخلوع بطلا ببطولة وهميه ومزيفه، أما بطل اليوم فهو الفريق بحري فؤاد ذكري قائد القوات البحرية الذي لم يظهر اسمه أو انجازات سلاح البحرية الملقبة “بأسياد البحر” عمدا كي تظل الصورة الزائفة موجودة، والتي أراد المولي أن تظهر حقيقته بعد ثورة يناير المباركة. والفريق أول فؤاد ذكري ولد في السابع عشر من شهر نوفمبر عام 1923م، في العريش، وفي الثاني من شهر فبراير عام 1946م تخرج في الكلية الحربية برتبة ملازم بحري، وعمل في وحدات البحرية العائمة بالفرقاطات والكاسحات ثم عمل كقائد لقاعدة الإسكندرية البحرية، وقيادة المدمرة القاهرة ثم المدمرة الظافرة.
=ومنذ عام 1959م وحتى 1963م تولي قيادة لواء المدمرات، ثم تولي قيادة شعبة عمليات القوات البحرية، وبعد أسبوع من هزيمة يونيو عام 1967م صدر القرار بتعينه قائدا للقوات البحرية والتي استطاعت أن تكتب بحروف من نور تاريخا مشرفا ومعطرا بالدم الذكي في حرب الاستنزاف، وحرب أكتوبر 1973م.وانجازات الفريق فؤاد ذكري تدرس في أكاديميات العالم البحرية، ومنها إغراق مدمره بقوة نيرانية جبارة وطاقمها يزيد علي الـ 200 بحار بلنش صواريخ لا يتعدي طاقمه 6 أفراد، بل وسجلت للبحرية المصرية أول استخدام لصواريخ سطح سطح في تريخ الحروب علي مستوي العالم.
=وهو أول قائد للبحرية يقود أسطولها الحربي في حرب حقيقية ويستطيع ان يحقق بها معجزات ويحقق انتصاراً تاريخياً، وهو القائد الذي خطط للضربة البحرية التي تحدث عنها العالم كله، وكانت إشارة النصر في حرب أكتوبر 1973م، وهي حصار مضيق باب المندب والذي جعل إسرائيل لا تنام بسبب آثاره السلبية عليها.. ففي شهر سبتمبر عام1973 منشر خبر صغير بالصحف عن توجه ثلاث قطع بحرية مصرية إلي أحد الموانئ لباكستانية لإجراء العمرات وأعمال الصيانة الدورية لها، وبالفعل تحركت القطع الثلاث وهي “الفاتح والظافر والفرقاطة رشيد” من سفاجا، وكانت أول محطة لها في ميناء عدن وهناك أمضت أسبوعاً ثم صدر لهم الأمر بالتوجه إلي أحد الموانئ الصومالية في زيارة رسمية استغرقت أسبوعاً آخر لزيارة بعض الموانئ الصومالية، ثم عادت القطع الثلاث من جديد إلي عدن وهناك وصلتها مظاريف مغلقة وأوامر بعدم فتحها إلا بعد أن تصلهم إشارة معينة،
=وفي مساء الخامس من أكتوبر 1973م جاءتهم الإشارة الكودية وعندما فتحوا المظاريف الثلاث علموا أنها الحرب المنتظرة، وصدرت الأوامر بالتوجه فوراً ليس إلي باكستان كما هو معلن، ولكن إلي مواقع محددة لها عند مضيق باب المندب في سرية تامة عند نقط تسمح لها بمتابعة حركة جميع السفن العابرة في البحر الأحمر رادارياً وتفتيشها، ولم تجرؤ سفينة إسرائيلية واحدة علي عبور مضيق باب المندب طوال الحصار، وكانت الأوامر لهذه الوحدات الثلاث بتفتيش السفن المشتبه في اتجاهها إلي إسرائيل ومنعها، وإذا لم تمتثل يتم قصفها بالمدفعية من قبل المدمرات المصرية عليها حتى يتم تطبيق الإعلان الملاحي لوزارة الخارجية المصرية والخاص بتحديد المناطق المحظور فيها الملاحة في البحرين الأبيض والأحمر، قد قال “زئيف” الكاتب الإسرائيلي في كتابه – زلزال في أكتوبر- : (فور تلقي قاعدة إيلات بلاغاً من ربان نقالة تم اعتراضها عند باب المندب تم إخطار الحكومة المصغرة برئاسة جولدا مائير وصدرت الأوامر فوراً بوقف ملاحة السفن الإسرائيلية نهائياً في البحر الأحمر، وبذلك أغلق ميناء إيلات طوال فترة عمليات أكتوبر وحرمت إسرائيل من النقل البحري بنسبة 100 % في البحر الأحمر ليتم حرمانها من السلع والأسلحة والذخيرة والبترول وغير ذلك).
= وتم تضييق الخناق علي الملاحة الإسرائيلية في البحر المتوسط حيث تمركزت المدمرات المصرية في المنطقة ما بين مالطة والموانئ الليبية للتعرض للنقل البحري الإسرائيلي، وانتشرت الغواصات بين جزيرة قبرص علي الساحل الشمالي بسيناء لمهاجمة السفن المتجهة للموانئ الإسرائيلية، وأيضا صدرت تعليمات إسرائيلية لسفنها باللجوء إلي موانئ أخرى في البحر المتوسط وعدم التوجه للموانئ الإسرائيلية لحين إشعار آخر، وبذلك انخفضت حركة النقل البحري للموانئ الإسرائيلية في هذا البحر إلي 20% من معدلها الطبيعي.وقد حصل هذا الرجل علي الكثير من الاوسمه والنياشين تقديرا لدوره ولكن هذا لا يكفيه ولابد للتاريخ أن يتوقف هنا كي يعيد كتابة صفحاته بأبطاله الحقيقيين والذين ظلموا عمدا من نظام فاسد ومدعي بطولة.
=وقد ترك الفريق فؤاد عالمنا بهدوء تاركا خلفه تاريخ مضئ يظل يحكي بالفخر والعزة عن صاحبه حيث توفي في لندن في العام1983 حيث اخبره الطبيب الانجليزي ان المرض الخبيث استطاع ان يتمكن منه وعندما خلت غرفته الا من زوجته قالت له: إنك الآن وحدك في غرفتك.. تصرف براحتك.. أبك إذا كنت تشعر بحزن، لا تحبس دموعك.. فابتسم في شجاعة مذهلة وقال : لماذا البكاء والدموع ؟! إنني مؤمن وقد يستطيع الأطباء علاجي أو أموت.. لا فرق.هل تعلم كيف امتلك هذه الارتياحيه في هذا الموقف الصعب ؟ ببساطه لأنه يعلم جيدا أن الأبطال لا يموتون بل فقط تذهب جسامينهم ويبقي التاريخ المضئ والناصع البياض..رحم الله الفريق أول فؤاد ذكري.