الأدب
قرأت لك .. الفتوح العربية الكبرى.. كيف فعلها المسلمون؟
لماذا كان نجاح المسلمین سريعا وواسع النطاق بحیث فتحوا معظم أنحاء عالم القرنین السابع والثامن المیلاديین في غضون قرن من الزمان تقريبا؟ وكیف تمكنوا من تحويل الفتح إلى تغییر دائم في مصائر المناطق والشعوب؟ ھذان السؤالان الجوھريان وما يتفرع عنھما بالضرورة من أسئلة، ھما اللذان تدور فصول كتاب الفتوح العربية الكبرى لـ هيو كيندى، ترجمة قاسم عبده قاسم، والصادر عن المركز القومي للترجمة.
والكتاب مناقشة علمیة مدھشة لكافة جوانب ھذين السؤالین؟ ويطرح المؤلف أفكارا جديدة مدھشة حول قیمة المصادر التاريخیة العربیة وما تحمله من سرديات، ومعلومات تعبر عن رؤية النخبة الإسلامیة لنفسھا زمن تدوين ھذه الروايات. كما يربط بین ھذه الروايات التي حملتھا المصادر العربیة عن حركة الفتوح الإسلامیة، وما جاء في المصادر الأخرى المعاصرة؛ وفي ھذا كله يعتمد المؤلف على النصوص الأصلیة على نحو يكشف عن اطلاعه الواسع على المصادر العربیة ومعرفته الواعیة بالشعر العربي الذي يستشھد به في كثیر من الأحیان.
ومن ناحیة أخرى، فإن فھم المؤلف للمصادر العربیة جعله يفھم تاريخ الفتوح الإسلامیة على نحو يخالف التیار السائد في البحث التاريخي الأوروبي والأمريكي.
وھو أيضا، ينطلق من أرضیة علمیة وأكاديمیة واعیة لا تشوشھا عوامل الھوى، ولا تضعفھا علامات الموقف المسبق والانحیازات الثقافیة أو العداء السیاسي للمسلمین.
فالمؤلف “ھیو كینیدي” يسعى وراء الحقیقة التاريخیة سعیا موضوعیا حسبما تكشف صفحات ھذا الكتاب وفي سعیه ھذا بحثا عن الإجابة المناسبة للسؤال لماذا؟ والسؤال كیف؟ يتناول المؤلف جوانب تاريخ حركة الفتوح الإسلامیة كافة، وھو في تناوله ھذا يطوف بنا أرجاء العالم الذي فتحه المسلمون: الشام العراق ومصر وبلاد المغرب وشبه جزيرة أيبیريا وإيران وبلاد ما وراء النھر وحوض نھر السند في شبه القارة الھندية.
ويكشف المؤلف عن عدد من الحقائق المھمة في ھذا الموضوع؛ كیف كانت معظم ھذه الفتوح ” فتوحا سلمیة” فقد كانت المعارك التي جرت في غمار حركة الفتوح الإسلامیة قلیلة ودارت حول بعض المدن والحصون في معظمھا، على حین كانت فتح مناطق كثیرة يتم صلحا. ومن ناحیة أخرى كانت كثیر من المناطق التي تم فتحھا ترى في الفاتحین المسلمین سادة أفضل من سادتھم القدامى؛ ولذلك فإن السكان عموما اتخذوا موقفا محايدا، أو ساعدوا المسلمین أحیانا كما حدث في مصر وفي أعالي العراق … وغیرھا.