الأدوية المغشوشة تهدد الثروة الحيوانية فى مصر.. و”البيطريين” تطلق حملة للتحذير منها.. ولجنة الشركات بالنقابة: نسبتها وصلت لـ40% من حجم إنتاج المضادات الحيوية.. وتأثيرها يصل لإصابة الإنسان بالعمى والوفاة والعقم
طالب عدد من الخبراء فى مجال الطب البيطرى، بالتدخل فورا لوقف ما يسمى بمصانع بير السلم لبيع الأدوية البيطرية المغشوشة نظرا لما لها من تأثير ضار ومخاطر كبير على الحيوان والإنسان، وذلك فى ظل انتشارها بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة فى المحافظات والمدن والقرى.
نقابة البيطريين تطلق حملة للتوعية بأضرار استخدام الأدوية المغشوشة
وأطلقت النقابة العامة للأطباء البيطريين حملة للتوعية بالأضرار النتاجة من استخدام الأدوية البيطرية المغشوشة، وقال الدكتور يوسف العبد، عضو النقابة العامة للأطباء البيطريين، مقرر لجنة الأدوية والشركات، إن اللجنة أطلقت حملة توعية بالأضرار الناتجة من استخدام الأدوية البيطرية المغشوشة، وخطورة تأثيرها على الثروة الحيوانية، وتسببها فى نفوق كثير من الحيوانات وعدم جدواها، مشيرا إلى أن هذه الأدوية تتسبب فى تفحل المرض، وانتقال الأمراض المشتركة بين الحيوان والإنسان للإنسان.
وأوضح العبد، فى بيان، أنه حرصا من اللجنة على صحة المواطن المصرى، وكذلك حماية صناعة الأدوية من الغش التجاري، مع بداية عام 2019، أطلقت اللجنة تلك الحملة، بعنوان (دواء سليم .. ثروة حيوانية آمنة.. غذاء مفيد)، لتشجيع صناعة الأدوية البيطرية الوطنية، وتسهيل الاستثمار فيها، والتحذير من استخدام أدوية مجهولة المصدر، بمشاركة مجتمعية وإعلامية وبإشراف الأطباء البيطريين المتخصصين.
ودعا الدكتور يوسف العبد رئيس اللجنة، كافة المستثمرين والإعلاميين والأطباء، للمشاركة والتوعية في هذه المبادرة الهامة، حفاظاً علي الصحة العامة وحماية صحة المصريين والصناعة الوطنية، والاستثمارات التى تقدر بمليارات الجنيهات.
ومن جانبه قال الدكتور سامى طه نقيب البيطريين السابق فى تصريح لــ”اليوم السابع”، أن هناك أزمة تتعلق بصناعة وبيع الأدوية فى مصر، فالشركات التى تصدر الأدوية يهمها أن نشكك فى الدواء المصرى باستمرار، فى حين أن هناك بعض القرارات تحتاج إلى إعادة نظر، لافتا إلى أن يوسف والى وزير الزراعة الأسبق أصدر قرارا خاصا بمراكز تداول الأدوية البيطرية تسمح للطبيب البيطرى أن يكون مسئول عنها.
وأضاف طه أن هناك طريقين يتم من خلالهما السماح بترخيص الأدوية، الأول يكون من خلال وزارة الصحة مباشرة لترخيص الدواء وهناك ترخيص آخر للمكملات الغذائية يكون من خلال وزارة الصحة أيضا، أما فيما يخص تراخيص الأعلاف فتتم من خلال وزارة الزراعة، لافتا إلى أن هناك غض طرف واضح عن مصانع غير مرخصة تقوم بغش الدواء فى مصر وتضع اسم ولوجو أشهر الشركات على منتجاتها.
وطالب نقيب البيطريين السابق، بضرورة تعديل المنظومة الدوائية بحيث لا يصرف الدواء إلا من خلال روشتة يوقع عليها الطبيب البيطرى فيصرفها الصيدلى أو طبيب بيطرى آخر، كما يجب على التفتيش الصيدلى أن يقوم بدوره كذلك بالتفتيش بالتعاون مع وزارة الداخلية على ما يسمى بمصانع بير السلم.
ولفت “طه” إلى أن مزارع الدواجن والطيور تستهلك كمية دواء كبيرة وبالتالى يجب أن يكون هناك طبيب بيطرى فى كل مزرعة، فللأسف كان هناك قرار صادر من وزارة الزراعة بأن يكون هناك طبيب بيطرى فى كل مزرعة لكن للأسف تم إلغاؤه ومن ثم يجب إعادة النظر فى هذا القرار فالمسألة تحتاج إلى ضبط.
وأشار نقيب البيطريين السابق أن صرف الدواء بدون ترخيص سيكون له سمية تقتل الحيوان أما فيما يخص الإنسان فمن الممكن أن تتسبب بقايا الأدوية داخل الحيوان من البيضة أو اللحوم أو اللبن فتؤدى إلى إلحاق الضرر بالإنسان حتى لو أدوية سليمة، فما بالنا لو أن الدواء مغشوش وقاتل، لذا يجب التدخل لضبط هذه المسألة بالشكل الصحيح، لافتا إلى أن غش الدواء مثله مثل غش الغذاء وربما يكون أشد، ولذا يجب توقيع أقصى عقوبة على هذه الجريمة.
خبير فى الطب البيطرى: أى دواء يصنع فى مكان غير مرخص لا يجب الاعتداد به
من جانبه قال الدكتور طارق فؤاد الخبير فى الطب البيطرى، إن الدواء المغشوش يصنع فى مكان غير مرخص له بتصنيع الدواء وفى نفس الوقت لا يتبع الإجراءات والمواصفات المطلوبة سواء بالنسبة للمادة الفعالة أو تحليلها المبدئى من قبل وزارة الصحة وهنا يجب أن نفرق بين الدواء الذى لا تتوافر فيه معايير وزارة الصحة وبين الدواء المغشوش الذى يصنع فى مكان غير مرخص له وغير مسجل بالوزارة.
وأضاف فؤاد، أنه من الممكن أن يحصل أى شخص على ترخيص صناعة الدواء ولكن لم يقم بإدخال المادة الفعالة للبلاد بالطرق القانونية، وحينها نعتبر أن هذه المادة مجهولة المصدر طالما لم تعتمد من المعامل المركزية بوزارة الصحة وحين يصنع أى دواء فى مكان مجهول لا يتم الاعتداد به مطلقا حتى ولو كانت المادة الفعالة جيدة.
وأشار “فؤاد” إلى أنه يعترض على مصطلح “مصانع بير السلم” فلا يجب أن نطلق عليها اسم مصنع مطلقا فأى شخص لديه غرفة يصنع فيها دواء بلا أى معايير للجودة فهى أماكن لغش الدواء ولا نستطيع أن نقارنها بالدواء العادى أو ندرس تأثيراتها السلبية لأنه مغشوش من الأساس ولا يجوز عليه إلا إعدامه فورا لأنه من الممكن أن يؤثر بشكل غير محدود ولا يمكن أن نستطيع قياس الآثار الجانبية له ولا يمكن أن نخضعه للتقييم ونجد جاهلا أو معدوم الضمير يأتى بأى مادة ويضع عليها اسم شركة ليغشها وهنا ليس من مسئوليتنا أن نحلله بل يجب مصادرته على الفور وإعدامه ونعاقب المسئول عن هذا الفعل على الفور.
ولفت “فؤاد” إلى أن الدواء البيطرى تائه بين إدارة الصيدلة وبين التفتيش البيطرى، فشرطة المسطحات هى الجهة المنوط بها تنفيذ الضبطيات القضائية على أساس أن هذه المنتجات تخص أكثر وزارة الزراعة وحقيقة الأمر أن الموضوع غير منظم ويحتاج إلى مزيد من التنظيم، هذا بالإضافة إلى ضرورة وجود حملات مكثفة، وللأسف أن المترددين على شراء الأدوية البيطرية فى كثير من المحافظات لا يهتم بمصدر الدواء أو ترخيصه وهذه أدوية متشابكة وبصفة خاصة بعد دخول دخلاء على مهنة الطب البيطرى ليعملوا فى تجارة الأدوية وبعضهم لهم سمعة جيدة فيتردد عليها الناس كثيرا.
نقابة البيطريين: الأدوية المغشوشة انتشرت نتيجة لضعف الرقابة وغياب التشريع
فيما قال الدكتور يوسف العبد، عضو مجلس نقابة الأطباء البيطريين، ومقرر لجنة الشركات والأدوية، إن الأدوية البيطرية المغشوشة أصبحت ظاهرة، لضعف الرقابة وغياب الدور التشريعى، وتهميش دور الأطباء البيطريين فى التفتيش والمتابعة، سواء فى إدارة الصيدلة، أو فى قطاع الإنتاج الحيوانى فى إدارة التسجيلات بوزارة الزراعة، العامل بها مهندسيين زراعيين والمعنيين بتسجيل المنتجات، والأولى فى ذلك العمل هم البيطريين، وهو نفس الحال فى إدارة الصيدلة فى وزارة الصحة، فكل العاملين بها صيادلة ولا يوجد فى عضويتها بيطريين، بجانب أنها تعرقل بصورة مستمرة تسجيل الأدوية البيطرية.
وأضاف العبد: نظرا لطول فترة التسجيل للأدوية البيطرية فى وزارة الصحة والتى تصل إلى 5 سنوات، يتم فتح المجال للعاملين فى غش الأدوية، لتحقيق مكاسب سريعة، استغلالا لضعف الرقابة من وزارة الصحة، موضحا أن انتشار الأدوية البيطرية المغشوشة ينتج عنها 3 أمور، أولها: خسائر مباشرة على قطاع الاستثمارات، والعزوف عنها، والثانى: لا تعالج الأمراض التى تصيب الحيوانات، وبالتالى يستفحل المرض، ويترتب عليه نفوق الحيوانات، وتحقق خسائر فى المزارع، والثالث: انتقال الأمراض من الحيوان للإنسان، وعدم القدرة على السيطرة عليها، وتحولها إلى وباء.
وأوضح أن انتقال تلك الأمراض للإنسان خطورتها تصل إلى حدوث حالات وفاة، أو العقم، أو إصابات مثل العمى، مشيرا إلى أن تلك الأدوية قد تصل إلى الإنسان من خلال الألبان، ويحدث مشاكل للأطفال مثل الإضرابات المعوية وعلى المدى الطويل قد تسبب سرطانات، مضيفا: كما أن استخدام الأدوية بطرق غير سليمة، ينتج عنها وجود ترسبات فى الكبد والكلى بالنسبة للحيوان، وتظهر فى اللحوم والألبان، وبالتالى تصل تلك الترسبات للإنسان وتؤثر على كفاءة الكلى والكبد وتصيبه بالفشل الكلوى.
وتابع: عيب الدواء البيطرى فى مصر، أن مصادر التوزيع لابد من التأكد من صحتها، بمعنى أنه لابد من شراء الدواء من المنبع والشركات المنتجة أو فروعها الأصلية، أو الوكلاء المعتمدين، وليس من خلال صفحات الفيس بوك، أو الباعة الجائلين، لافتا إلى ضرورة أن يحصل كل من يعمل فى بيع الأدوية على مجموعة من التراخيص ومُسجل لدى نقابة الأطباء البيطريين بسجل المنشآت البيطرية، ولكن عدم تعاون الجهات التنفيذية أثر بالسلب على هذه الصناعة الكبيرة وتحقيق خسائر تصل إلى المليارات سنويا، وعزوف الاستثمار فى تلك الصناعة.
واستنكر عدم اتخاذ إجراءات ضد “الباراميديكال” من دخلاء مهنة الطب البيطري، وضبطهم رغم تقدم النقابة ببلاغات بأسماء وتليفونات وعناوين بعض الأشخاص، لكن دون جدوى، فى حين أنه يتم مطاردة الأطباء البيطريين العاملين فى هذا المجال، مما ساهم فى تفحل ظاهرة الدخلاء، مضيفا: المغشوش لم يترك شيئا، فنسبته من إجمالى حجم تصنيع اللقاحات من 5 إلى 10%، وإضافات الأعلاف من 20 إلى 25%، والمضادات الحيوية من 30 إلى 40%، وذلك لتعدد الجهات المعنية بالرقابة على تلك المنتجات بين وزارة الصحة، والزراعة، وهيئة الخدمات البيطرية، وكلما زاد عدد البيطريين وضح دورهم وقلت نسبة الغش.
مدير الرقابة البيطرية على الإنتاج الداجنى بجمصة: الأدوية المغشوشة تسبب أمراض زائدة
بدوره قال الدكتور محمد عفيفى سيف، مدير المعمل المرجعى للرقابة البيطرية على الإنتاج الداجنى بجمصة، إن الأدوية البيطرية المغوشة لها تأثير مباشر على الحيوان، حيث يتم منحه دواء لا يؤثر ولا يعالجه وتزداد حالته سوء، بجانب أن تصنيع تلك الأدوية يتم فى أماكن غير مجهزة، ويتم تعبئتها فى أى مقر، وبالتالى لا يمكن التأكد من جودة الخامات أو صحتها، لافتا إلى أن ذلك قد يؤدى إلى الإصابة بأمراض زائدة بجانب أنها مغشوشة، بالإضافة إلى تأثيرها على الإنسان، خاصة أنه من الصعب التعرف على صحة التركيزات الخاصة بالمواد المستخدمة فى التصنيع، وإن كان هناك ترسبات لها فى لحوم الحيوانات، أم لا.
وأضاف سيف: الدواء البيطري مُهدر دمه بين الوزارات والقطاعات، فهناك أشياء تحصل على ترخيصها من وزارة الزراعة، وأخرى من وزارة الصحة، والتفتيش عليها منقسم بين البيطري والصيدلى، وبالتالى الرقابة مشتتة وفى النهاية تضيع المسئولية بينهم، على عكس الدواء البشرى الرقابة عليه محكومة، والتفتيش الصيدلى فقط المعنى بها، هذا بجانب أن المجال البيطرى به العديد من دخلاء المهنة من غير المتخصصين، ويساهمون بشكل كبير فى الترويج لتلك الأدوية المغشوشة، لافتا إلى ضرورة تفعيل دور الجهات التنفيذية فى التفتيش على مراكز الأدوية من خلال لجان بيطرية متخصصة، ومنح سلطة الترخيص للمستحضرات والرقابة على الأطباء البيطريين، للسيطرة على تلك المشكلة.