زيارة الشيخ محمد العريفي للعلا ومدائن صالح
هناء السيد
لطالما كانت زيارة مدائن صالح وآثار قوم ثمود الواقعة على مساحات من محافظة العلا شمال غرب السعودية والتابعة إداريا لمنطقة المدينة المنورة..
مثار جدل وأخذ ورد بين التيارات الدينية المتمسكة بالنصوص الحرفية من الحديث الشريف والسنة المطهرة وضرورة تمثلها وتطبيقها حرفيا.
وبين التيارات العلمية الأكاديمية في علم الآثار والتنقيب المهتمين بمدائن صالح تحديدا والمتشبثة بموقفها المختلف المتشدد هو الآخر مع الطرف الآخر(الديني) لدرجة أودت بأساتذة الآثار إلى تبني دراسات وأبحاث علماء الآثار الغربيين الماديين بالكامل لإزاحة القرآن الكريم كمرجع وهو المنزل المدون قبل أكثر من 14 قرنا واعتماد نصوص مدونة خلال القرن الأخير الحديث تحت بند مايسمى ب(الدراسات العلمية)من بشر غير مسلمين لنزع أثار مدائن صالح من جذورها الثمودية الثابتة بالنص القرآني المقدس في آيات محكمات قص بها الله عز وجل قصص ثمودية مدائن صالح واستيطان النبي صالح عليه السلام وناقته وغدر قومه بها ونزول العذاب بهم وهلاكهم بالصيحة.
بل إن أكثر الآيات دلالة وثبوتية على جغرافية مدائن صالح الواقعة اليوم في محافظة العلا وثبوت نسبة المكان لثمود في قوله تعالى:( أتتركون في ماهاهنا آمنين في جنات وعيون…..الآية)
حيث في هذه الآية الكريمة وحدها فقط تفصيل طبوغرافي دقيق لايتوفر في بقعة واحدة في كل أصقاع الأرض غير المساحة الجغرافية الصغيرة في العلا (الوادي) بزرعه ونخيله وعيونه وجناته الغناء وسهوله ووديانه وجباله المنحوته بكل هذا الفن الإعجازي الفاره الذي تعجز عن محاكاته كل تقنيات آلات العصر الحديث وطاقاته البشرية المعاصرة الإبداعية في نحت ومحاكاة بضعة أمتار من جبل كما فعل قوم صالح بأمر ربهم.
ومع ذلك ظل الجدل ساخنا دائرا طيلة الخمسين عاما الأخيرة منذ عام 1970م.تاريخ فتوى هيئة كبار العلماء الشهيرة التي نصت على تحريم زيارة مدائن صالح إلا وفق مانص عليه الحديث النبوي المعروف.
وأيضا حددت الفتوى في طياتها المساحة الجغرافية المحرمة.
ورغم رجوع هيئة كبار العلماء عن الفتوى واعتبارها كأن لم تكن بعد أقل من مضي عام على الفتوى الأولى.
لكن ظل الجدل الدائر كما أسلفنا في هذا الصدد دائما على صفيح ساخن لايكاد ينقطع بتشنجاته حتى العدائية منها بين التيارات المختلفة المتخالفة في الرأي والتسبيب.
وتعلو حدة الأصوات وتطغى بحسب المناسبات التي يرد فيها ذكر..أو مجرد إشارة لمدائن صالح..!
غير أن هيئة السياحة ومع طفرة اهتماماتها خلال السنوات العشر في صيانة وترميمات آثار مدائن صالح..وبعد تسجيلها في اليونسكو كأول موقع في الجزيرة العربية ضمن التراث الإنساني الحضاري العالمي غير المادي..
أقدمت الهيئة على خطوة غير مسبوقة وذات بعد أيدولوجي تمت تغطيته إعلاميا بما يوافق رؤية هيئة السياحة من الهدف الإعلامي الآيدولجي المنشود من هذه الخطوة.
والتي تمثلت في دعوة الشيخين المطلق والمنيع من هيئة كبار العلماء لزيارة آثار مدائن صالح ومنطقة الخريبة كأول بادرة من هذا العيار العلمي الشرعي الثقيل.
وبالفعل حدثت الزيارة..وتم تصويرها كتوثيق وتغطيتها إعلاميا وتسويقيا بما يليق بها كحدث غير مسبوق.
واليوم ومنذ انطلاقة مهرجان شتاء طنطورة الذي أقامته الهيئة الملكية وأطلقت أولى فعالياته مع بداية دخول فصل مربعانية الشتاء في العلا يوم 22 ديسمبر الماضي وماتزال فعالياته ممتدة حتى كتابة هذه السطور.
شهد المهرجان بهيئته الملكية المنظمة والراعية للمهرجان هجوما كاسحا من كل حدب وصوب..جله معروف أهدافه السياسية من ثلة من المعادين للسعودية المتربصين بقيادة البلد الشر في كل شاردة وواردة وتتلبس هذه الدعاوي لبوس الدين متمسحة بمسوح المنصوص من الأحاديث الشريفة والمرويات عن السنة النبوية.
لتجيء زيارة الشيخ محمد العريفي المفاجئة وغير المتوقعة لمدائن صالح ومهرجان شتاء طنطوره يطوي ساعاته الأخيرة من مشواره الاحتفالي الماراثوني الذي شهدته العلا وصدرته للعالم فتحيي زيارة الشيخ العريفي في الأذهان زيارة الشيخ المنيع والشيخ المطلق مع الفارق في المكانة العلمية ونوع التمثيل الرسمي للمؤسسة الشرعية بين الزيارتين.
الهدف واضح من زيارة الشيخ العريفي لمدائن صالح والرسالة جلي مغزاها في الدعم اللوجستي بهذا الغطاء الشرعي(الجماهيري) بعد كل الجدل والصخب الذي كان دائرا،ومايزال..وسيظل حول مشروعية زيارة مدائن صالح من غير التقنع والبكاء والإسراع في المرور من أرضها..بين المتشبثين بتطبيقات نصوص الأحاديث الشريفة بحرفيتها..وبين المتوسطين في الأمر القائلين ب(لاضرر ولاضرار).
فضلا عن بقاء الحالة الإنكارية المستمرة لثمودية مدائن صالح على الضفة المقابلة الأخرى من قبل الدائرة العلمية الأكاديمية السعودية المعنية بالآثار ومدائن صالح على وجه التحديد.
لكن اللافت في أمر زيارة الشيخ العريفي..توقيتها المتأخر جدا..!
فهل سيخذل التوقيت الرسالة المنشودة من الزيارة ولاتكون ذات جدوى؟
أم الأمر سيان..ولاثمة فرق؟!
هذا مع العلم بأن مهرجان شتاء طنطورة..لايقام في الأصل على أرض مدائن صالح.
وإنما في منطقة مستقلة من محافظة العلا تسمى(عشار) اختارته الهيئة الملكية لمحافظة العلا لتشيد على كثبانه الخلابة وبين جباله الساحرة مسرح المرايا المدهش.
غير أن موقعه في تقاطع أودية وملتقى مصبات سيول الأمطار وإن كان منسوب المياه طفيفا لكن حالة مطرية قبل أيام أثرت على المسرح ومحيطه وكادت تحدث به مالايحمد عقباه لولا رحمة الله وستره.