خبز و ورود
بقلم / سهام عزالدين جبريل
يأتى اليوم الثامن من شهر مارس من كل عام ، ليحتفل العالم كله باليوم العالمي للمرأة ويقام هذا الإحتفال الذى إعتمدته الامم المتحدة عندما أصدرت المنظمة الدولية فى عام سنة 1977 م ، قراراً يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للإحتفال بالمرأة ،
فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من مارس،لإعتماد هذا اليوم الذى تحول إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء من كل دول العالم لتحييه وتعبر عنه من خلال مظاهر عدة منها ماهو خاص بإعتبارة يوم وطنى ترصد فية الدول وتترجم مدى إهتمامها بالمرأة من خلال العديد من المظاهر الإحتفائية المختلفة ، أو لدعوة النساء للمطالبة بحقوقهن المشروعة والضغط على الحكومات لتلبية مطالبهن ، والإستجابة لتحسين ظروفهن وإقرار القوانين المنصفة التى تحقق قدرا من المساواة والعدالة الاجتماعية ،
لذا فإختيار هذا اليوم يعبر للدلالة على الاحترام العام للمرأة وتقدير لدورها ، وتقدير وإحتفاء المرأة بإنجازاتها الاقتصادية، والسياسية والاجتماعية. وفي بعض الدول كالصين وروسيا وكوبا تحصل النساء على إجازة في هذا اليوم.
وقد جاء الإحتفال بهذه المناسبة على إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي والذي عقد في باريس عام 1945 ، ومن المعروف أن اتحاد النساء الديمقراطي العالمي يتكون من المنظمات الرديفة للأحزاب الشيوعية، وكان أول احتفال عالمي بيوم المرأة العالمي رغم أن بعض الباحثين يرجح أن اليوم العالمي للمرأة كان على إثر بعض الإضرابات النسائية التي حدثت في الولايات المتحدة. في بعض الأماكن حيث يتم التغاضي عن السمة السياسية التي تصحب يوم المرأة فيكون الإحتفال أشبه بخليط بيوم الأم، ويوم الحب، ولكن في أماكن أخرى غالباً ما يصحب الاحتفال سمة سياسية قوية وشعارات إنسانية معينة من قبل الأمم المتحدة، للتوعية الاجتماعية بمناضلة المرأة عالمياً.
ويلجأ بعض الأشخاص للتعبير عن إحتفالهم بهذا اليوم بلباس أشرطة وردية رمزا لدعوات النساء لدولهن بتلبية مطالبهن وتحقيق نسب متوازنة من العدالة والمساواة ، ويرجع نضال المرأة الى سنوات طويلة ومراحلة متعددة من المطالبات بتحقيق ذلك،
ويقرن البعض هذا التاريخ الى ماحدث للنساء فى الولايات المتحدة الأمريكية
فى أواخر القرن التاسع عشر، حيث خرج آلاف النساء عام 1856م للإحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروف اللإنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها، ورغم أن الشرطة حينها تدخلت بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات إلا أن المسيرة نجحت في دفع المسؤولين من السياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية.
وفي 8 مارس 1908م عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك لكنهن حملن هذه المرة قطعاً من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية لها دلالتها واخترن لحركتهن الإحتجاجية تلك شعار : “خبز وورود”.
طالبت تلك المسيرة هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الإقتراع. شكلت مُظاهرات الخبز والورود بداية تشكل حركة نسوية متحمسة داخل الولايات المتحدة خصوصاً بعد انضمام نساء من الطبقة المتوسطة إلى موجة المطالبة بالمساواة والإنصاف رفعن شعارات تطالب بالحقوق السياسية وعلى رأسها الحق في الإنتخاب، وبدأ الإحتفال بالثامن من مارس كيوم المرأة الأمريكية تخليداً ، لخروج مظاهرات نيويورك سنة 1909 وقد ساهمت النساء الأمريكيات أيضا في دفع الدول الأوربية إلى تخصيص الثامن من مارس كيوم للمرأة وقد تبنى اقتراح الوفد الأمريكي بتخصيص يوم واحد في السنة للاحتفال بالمرأة على الصعيد العالمي بعد نجاح التجربة داخل الولايات المتحدة.
غير أن تخصيص يوم الثامن من مارس كعيد عالمي للمرأة لم يتم إلا بعد سنوات طويلة من ذلك، لأن منظمة الأمم المتحدة لم توافق على تبني تلك المناسبة سوى سنة 1977م عندما أصدرت المنظمة الدولية قراراً يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للإحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من
مارس ، يوما عالميا لكل نساء العالم .
وفى مصر كان دور المرأة المصرية ليس بعيدا عن ذلك التاريخ فقد كان سباقة بحضارتها العريقة وحضورها المميز ومسيرتها التى تحمل تاريخ نضال وطنى طويل سبق كثير من دول العالم ، حيث لعبت المرأة المصرية دوراً مهماً في المجتمع , وكان لها مكانة خاصة ودور فعال حيث تساوت مع الرجل وتقلدت أمور السياسة والحكم . فقد حكمت حتشبسوت مصر فى الفترة من 1479 قبل الميلاد حتى 1457 قبل الميلاد ، وكان لها دور تاريخي في تعضيد أركان الدولة في ميادين الدين والتجارة والسياسة الداخلية والخارجية .. وعلى هذا النهج سارت نفرتيتي وكليوباترا .
ومع قيام الدولة الحديثة في عهد محمد علي برز دور المرأة واضحاً حيث أنشئت مدرسة الممرضات عام 1832م حيث كانت النواة الأولي التي مهدت لخروج المرأة المصرية إلى العمل ،
وفي أوائل القرن العشرين أسست مجموعة من النساء المصريات أول تنظيم غير حكومي للخدمات ليكون ايذاناً بمشاركة أوسع للمرأة المصرية في العمل العام وقد برز دور المرأة المصرية في القضايا الوطنية حيث كان خروج النساء المصريات في طليعة الجماهير المشاركة في ثورة 1919م ، حيث اعتمدت مصر يوم 16مارس 1919م ، يوما للمرأة المصرية .
خالص تحياتى / سهام عزالدين جبريل