من وحي الخاطر … “نساء تعلمت منهن”
قديماً قالوا “معرفة الرجال تجارة ومعرفة النساء خسارة”..
قد يكون هذا القول ؛ أو في جزئية منه صحيح إلى حد ما في زمن إطلاقه ؛ إلا أنه مع تطور الحياة وتغير النظرة العامة تجاه النساء بعد خروجهن للتعليم والعمل ؛ فإنه بات لزاماً إعادة النظر فيما قيل أو على الأقل في الجزء الأخير منه ..
أقول ذلك من واقع حقائق وتجارب مررت بها في حياتي وعاصرتها وخبرتها ؛ فلا يمكن بالمطلق الحكم على أن معرفة النساء خسارة ؛ فهناك نساء يمتلكن من الخبرة والعقل والرشد والحكمة وتدبير الأمور مالا يمتلكه بعض الرجال ؛ ويمكن الإستئناس برأيهن وأخذ مشورتهن في كثير من قضايا الحياة ؛ بل ولهن القدرة على صنع المعجزات وتغيير مسار الرجل والدفع به إلى الأمام ؛ وكم من نساء أستطعن بحسن تدبيرهن وحنكتهن تربية أجيال ؛ وكم من نساء تجاوزن الكثير من المحن والبلايا والصبر على مشقات الحياة ؛ وكم من نساء بلغن مجداً لم يبلغه بعض الرجال بتحصيلهن العلم والمعرفة وكان مردود ذلك إيجابياً على أبنائهن وأسرهن ؛ ولعلي أذكر نماذج مشرفة من النساء في واقعي الماضي والمعاصر اللاتي تعلمت منهن بعض القيم النبيلة وضربن أروع الأمثلة في قدرتهن على التأثير الفاعل ولعب أدوار مماثلة لأدوار بعض الرجال إن لم تفوقها ومنهن :
١. جدتي لوالدي رحمها الله التي تسنمت زمام أمور تربية أبنائها ذكورا وإناثا بعد وفاة جدي رحمه الله وكيف أستطاعت أن تصنع منهم رجالاً قادرين على مواجهة حياتهم وبناء أسرهم رغم شظف العيش في ذلك الزمان ؛ وقد أعطتنا رحمها الله دروساً عملية في فضيلة صلة الرحم وقراء الضيف وإكرامه .
٢. والدتي رحمها الله التي زرعت فينا الكثير من القيم والمعاني النبيلة كالتعاطف مع معاناة الآخرين والصبر على أذى الناس والتسامح معهم وعدم اليأس من ضيق الحياة وعنائها.
٣. أخواتي الكريمات حفظهن الله اللاتي تعلمت منهن معنى الكفاح والعمل والسعي في سبيل توفير الحياة الكريمة لأنفسهن وأبنائهن وأسرهن وتقديم يد المساعدة للمعتازين والمحوجين .
٤. زوجتي العزيزة التي تعلمت منها حب الحياة وقيمتها ؛ والنظر إلى الأمور بايجابية ؛ وأن قيمة الإنسان وسعادته الحقيقية ليست فيما يمتلك من مال ودُور ؛ بل يمكن تحقيقها من خلال أعماله المجتمعية التطوعية .
٥. إبنتي الحبيبة وما تمتلكه من معارف تقنية حديثة لم تتوفر في زمني ؛ فضلاً عن أحلامها وتطلعاتها المستقبلية ونظرتها للحياة بشكل مختلف .
٦. أخوات فاضلات كريمات في بعض مواقع التواصل الإجتماعي اللاتي أستفدت من معظم مواضيعهن المطروحة وآرائهن ومداخلاتهن وردودهن وأسلوب الحوار الراقي معهن .
هذه نماذج نسائية من مجتمعي المحيط ؛ ومن المؤكد أن هناك الكثير من النماذج النسائية المماثلة اللاتي أعطين وقدمن الكثير لمجتمعهن ووطنهن وبذلن الغالي والنفيس من أجل إسعاد أبنائهن وذويهن والدفع بهم نحو سلالم المجد والرفعة والعزة والكرامة ..
ختاماً لا يفوتني أن أذكر حديث سيدي رسول الله ﷺ “أستوصوا بالنساء خيراً ..إلى آخر الحديث الشريف” وقوله ﷺ “النساء شقائق الرجال”والمعنى أنهن مثيلات الرجال فيما شرع الله وفيما منح لهن من النعم ؛ إلا ما استثناه الشارع فيما يتعلق بطبيعة المرأة وطبيعة الرجل وفي الشؤون الأخرى.
بقلمي
محمد سامي سندي