أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، على مواصلة الجامعة دعمها لقضية الأسرى الفلسطينيين فى سجون الإحتلال الإسرائيلى.
جاء ذلك فى كلمته أمام ندوة نظمتها جامعة الدول العربية (قطاع فلسطين والأراضى العربية المحتلة) اليوم الخميس حول “الانتهاكات التى يتعرض لها الأسرى فى السجون والمعتقلات الإسرائيلية”، بمناسبة “اليوم العربى للأسير الفلسطيني” والذى يصادف 17 إبريل من كل عام، وذلك بحضورالأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضى العربية المحتلة بالجامعة العربية السفير سعيد أبو علي، ورئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين اللواء قدرى أبو بكر، ورئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان محمد فايق، بالاضافة الى عدد من مندوبى الدول العربية بالجامعة العربية.
وشدد”أبو الغيط”، على ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطينى وذلك لتعزيز مقاومة الاحتلال، مشيرا إلى أن الأسرى الفلسطينيين يقاومون بمعركة “البطون الخاوية” ومواصلة النضال إزاء المعاملة غير المقبولة من قبل الإحتلال الإسرائيلى والتى لا تقتصر على التجويع فقط بل حرمانهم من حق العلاج أيضا .
وبدوره ،استعرض رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين اللواء قدرى أبوبكر، واقع الأسرى وقدسية قضيتهم، منبها إلى أن الفترة الحالية تشهد تصعيدا إسرائيليا خطيرا ضد الأسرى الفلسطينيين فى سجون الاحتلال، يشجعه ويعززه الدعم الأمريكى الأعمى لإسرائيل،.
واعتبر اللواء “أبوبكر” أن إحياء “يوم الأسير الفلسطيني” داخل مقر جامعة الدول العربية يحمل دلالات عميقة ويبرهن على المكانة المتجذرة التى تحتلها القضية الفلسطينية وقضية الأسرى على وجه الخصوص فى سياسات الجامعة العربية .
وقال”أبوبكر” :” أحدثكم اليوم باسم 6 آلاف أسير وأسيرة داخل المعتقلات الإسرائيلية الذين حملونى هذه الأمانة وأقدمهم الأسيرين كريم يونس وماهر يونس، المعتقلان منذ 37 عاما، إضافة إلى الأسير نائل البرغوثى الذى بلغ مجموع سنوات اعتقاله 39 عاما، وأكبرهم الأسير فؤاد الشوبكى الذى بلغ عامه الثمانين داخل السجون وأصغرهم حاليا الطفل ابراهيم عبيات الذى لم يبلغ الـ14 من عمره”.
وأضاف “أبوبكر”:” أحدثكم باسم المعتقلين المرضى الاسرائيلية منهم معتصم رداد، وسامى ابودياك، ومنصور موقدي، وإسراء جعابيص، ويسرى المصري، وخالد الشاويش وغيرهم، الذين يعانون يوميا من ممارسات إدارة السجون الإسرائيلية الجهنمية بحقهم، حيث تقتحم غرف الأسرى ويتم رشهم بالغاز المسيل للدموع وغاز الفلفل وقنابل الصوت والرصاص والرصاص المطاطى والمعدنى ويتم ضربهم بالهروات والعصى الكهربائية، والتنكيل بهم وتخريب ممتلكاتهم، وإخضاعهم لمحاكمات داخلية تتضمن فرض الغارمات والعزل فى زنازين إنفاردية ومنع الأهالى من الزيارة بالاضافة إلى تركيب أجهزة تشويش ضارة فى السجون، وقرب أماكن نوم الأسرى، الأمر الذى يساهم فى انتشار الأمراض المجهولة بينهم.
معركة الحرية والكرامة
ووجه اللواء أبوبكر التحية لكافة الأسرى الذين يخوضون الآن معركة الحرية والكرامة بإضرابهم المفتوح عن الطعام، مؤكدا على دعم ومساندة الإضراب بكافة الوسائل، ومحذرا إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية من المساس بالأسرى المضربى عن الطعامن، وأن أى تأخير فى تلبية مطالب الأسرى العادلة سوف يفجر الأوضاع فى كافة السجون ويحول الحركة الأسيرة الى جسد واحٍد فى مواجهة كل المتربصين بحقوق الأسرى وكرامتهم.
وشدد على ضرورة استنفار كافة الجهود العربية والأممية لدعم قضية الأسرى والقيادة الفلسطينية فى مواجهة التعنت الإسرائيلى، ودفع الاحتلال إلى الإدارك بأن كافة الخياارت مفتوحة أمام الشعب الفلسطينى من اجل نيل حقوقه الوطنية الكاملة.
وقال “أبوبكر” إنه لا يزال يقبع فى سجون الإحتلال الإسرائيلى ما يقارب 6 آلاف معتقل محرومين من أبسط حقوقهم الأساسية المنصوص عليها فى المعاهدات والاتفاقيات الدولية وعلى رأسها اتفاقية جنيف الرابعة ،التى حددت بنصوص واضحة آلية التعامل مع أسرى حركات التحرر.
وأضاف أن من بين هؤلاء الأسرى (570 ) معتقلا صدر بحقهم حكم المؤبد، و( 430 ) معتقلا يحتجزون بفعل سياسة الإعتقال الإداري، التى تقوم على اعتقال المواطن الفلسطينى بدون أى تهمة أو محاكمة، حيث حولها الاحتلال إلى عقاب جماعى للانتقام من الأسرى وعائلاتهم، كما يحتجز الاحتلال قرابة (250 ) طفلا قاصرا دون سن الـ18 تمارس بحقهم ابشع سياسات التعذيب والقمع واصدار الاحكام العالية والغرامات الباهظة والحرمان من التعليم ومحاكمتهم فى محاكم البالغين وحبسهم منزليا فى القدس.
وأشار إلى أنه لايزال يخضع (36 ) طفلا للحبس المنزلي، منهم (4) أطفال تم إبعادهم عن مكان سكنهم، ما يتسبب بآثار اجتماعية ونفسية وتربوية خطيرة للغاية عليهم وعلى عائلاتهم ومجتمعهم لا تعالج على المدى القريب.
وأوضح اللواء أبوبكر، أن الاحتلال الإسرائيلى يواصل اعتقال (47) إمرأة وفتاة فى سجن “الدامون” الإسرائيلى من بينهن (22) أما لـ (79) إبنا وإبنة يتعرضن لكافة أشكال الضغط والإجراءات التعسفية المشددة سواء من حيث الإهمال الطبى وسياسة اقتحام غرفهن وفرض العقوبات عليهن، ويعشن ظروفا حياتية واعتقالية صعبة وقاسية للغاية، حيث أن سجن “الدامون” هو عبارة عن مكان كان يستخدم لتخزين التبغ ونسبة الرطوبة فيه عالية جدا.
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلى تواصل اختطاف (5) نواب من أعضاء المجلس التشريعى الفلسطينى السابق، كما أن هناك ( 26) معتقلا قبل توقيع إتفاقية أوسلو، منبها إلى أن المعتقلين المرضى، تجاوز عددهم ( 750 ) معتقلا، العشرات منهم فى حالة الخطر الشديد، وأصبحوا قريبين جدا من الموت نتيجة سياسة الإهمال الطبى ومنعهم من العلاج سوى تقديم المسكينات فقط .
ولفت إلى أن عدد شهداء الحركة الأسيرة بلغ (218 ) شهيدا منذ العام 1967،منهم (73) شهيدا سقطوا بسبب التعذيب فى أقبية التحقيق، و(63) شهيدا سقطوا بسبب الإهمال الطبي، و (7) أسرى استشهدوا بسبب القمع وإطلاق النار المباشر عليهم من قبل الجنود و(78) أسيرا استشهدوا نتيجة إعدامهم ميدانيا بعد الاعتقال مباشرة .
القوانين العنصرية
وأكد اللواء”أبوبكر” أن حكومة الاحتلال الإسرائيلى تجاوزت كافة القوانين والأعراف الدولية حيث أقر الكنيسيت الاسرائيلى منذ العام 2015 أكثر من ( 15) قانونا عنصريا للنيل من الأسرى ومن عائلاتهم، بالإضافة إلى العديد من مشاريع القوانين التى لا زالت فى إطار القراءة من قبل اللجان المختصة فى الكنيست، وكان هذا نتاج منافسة شرسة بين السياسيين والعسكريين الاسرائيليين الذين يتسابقون فى سبل تحويل حياة المعتقلين إلى جحيم.
وأشار إلى أن عام 2018 شهد اشتراك الولايات المتحدة الأمريكية بإدارة الرئيس دونالد ترمب بشكل مباشر وغير مسبوق فى محاربة الأسرى وعائلاتهم، حيث صادقت الإدارة الامريكية على ما يسمى بقانون “تايلور فورس” الذى يربط تحويل المساعدات إلى السلطة الفلسطينية، بوقف مخصصات عائلات الشهداء والأسرى، وانسحبت من مجلس حقوق الانسان، واعتبرت محكمة الجنايات الدولية هيئة غير شرعية، لتعطى بذلك الضوء الأخضر لحكومة الاحتلال الإسارئيلى للاستمرار والتصعيد فى انتهاكاتها بحق الشعب الفلسطينى والأسرى داخل المعتقلات الاسرائيلية.
وقال “أبوبكر” إن العام الماضى شهد تغولا إسرائيليا خاصة فيما يتعلق بحقوق الأسرى الفلسطينيين وشهدت أروقة الكنيست الإسرائيلى سباقا بين أعضائها المتطرفين على تقديم إقرارات عنصرية وتعسفية بحق الاسرى، تمثل أبرزها في: حسم رواتب الشهداء والأسرى، وإعدام الأسرى، وتجميد تمويل العلاج للأسرى والمصابين، وطرد عائلاتهم من منطقة سكناهم.
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلى لم تكتفى بهجومها العنصرى على الأسرى
والأسيرات داخل السجون، بل تسعى إلى الضغط على الشعب الفلسطينى وقيادته من خلال سرقة جزء كبير من عوائد ومقاصة السلطة الفلسطينية، الذى يعادل رواتب عائلات الاسرى والشهداء والجرحى كمحاولة فاشلة وبائسة للتخلى عنهم.
وأكد “أبوبكر” أن موقف القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس “أبومازن” كان ومازال واضحا ومعلنا للعالم أجمع، بعدم التخلى عن عائلات هؤلاء المناضلين، وأن قضيتهم لا تقبل المقايضة والابتزاز، وأن آخر رصيد سيكون فى مالية السلطة سيقدم بأولوية لهذه الفئة المناضلة، وأن يكون عام 2019 عام الحرية والدولة، وأن يعود المعتقلون إلى أهاليهم سالمين، فى كنف دولتهم الفلسطينية الحرة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
الدور المصري
وأشاد اللواء أبو بكر، بدور مصر التاريخى فى دعم وإسناد الشعب الفلسطينى وقضيته العادلة بشكل عام، وقضية الأسرى بشكل خاص، خاصة على كل الجهود التى تبذل لدعم وتعزيز دور القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، الذى يتشوق للحرية والإنعتاق من الإحتلال البغيض، وجهودها الحثيثة لتحقيق المصالحة الفلسطينية واستعادة الوحدة الوطنية.
وأثنى”أبوبكر” على الدور الذى يقوم به الإعلام المصرى فى دعم قضية الأسرى وتسليط الضوء على معاناتهم داخل السجون وكيفية التحقيق معهم.
حملة عربية
ومن ناحيته، أكد سفير فلسطين لدى مصر ومندوبها الدائم بالجامعة العربية السفير دياب اللوح، أن الأسرى قضية إجماع وطنى وأن الأمة الحية لا تنسى قادتها وشهداءها وأسراها، مشددا على أن هذه الذكرى تثير المشاعر والغضب والحزن وكل معانى التضحية والفداء، مضيفا “أننا نعتز بأسرانا ونفتخر بهؤلاء المجاهدين وراء قيود وقضبان السجان”.
وطالب “اللوح” بضرورة إطلاق حملة عربية من أجل توفير الدعم العربى لمطالب الأسرى الفلسطينيين، وضرورة تفعيل صندوق الأسرى.
كما طالب السفير اللوح بضرورة إطلاق حملة لتعزيز حضور قضية الأسرى أمام المحافل الدولية، ووضع خطة إعلامية لفضح الجرائم الإسرائيلية بحق الأسرى والأسيرات، ووضع آليات فاعلة على كافة الصعد خاصة السياسية القانونية لإيصال الحقائق المتعلقة بمعاناة أبناء الشعب الفلسطينى فى سجون الاحتلال، والقوانين الإسرائيلية التى تشِّرع الانتهاكات والجرائم بحق الأسرى، وأخطرها المتعلق بقانون الإعدام.
وشدد”اللوح” على أن قضية الأسرى ستبقى على سلم أولويات القيادة الفلسطينية، محملا حكومة الاحتلال الإسرائيلى المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة الأسرى فى سجونها، وما يعانيه من أوضاع صحية متردية بسبب الإهمال الطبى المتعمد.
ومن جانبه، أكد رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان محمد فايق، على ضرورة الوحدة الوطنية الفلسطينية، مشددا على ضرورة مساندة الأسرى فى إضرابهم، وضرورة الإستجابة لمطالبهم العادلة.
وبدوره، قال مندوب الصومال لدى جامعة الدول العربية عبدالغنى محمد، إنه لن يهدأ لنا بال إلا بإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين وألا يبقى فى السجون الاسرائيلية أسير من أسرى فلسطين.
وقد أكد المشاركون فى الندوة من المنظمات الدولية والعربية على دعمهم ووقوفهم بجانب الأسرى الفلسطينيين وقضيتهم العادلة حتى يبزغ فجر الحرية.
وتخلل الندوة عرض فيلم وثائقى عن واقع الأسرى الفلسطينيين، وورقة مقدمة من إتحاد المحاميين العرب تطالب المجتمع الدولى ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية التدخل العاجل لإنقاذ حياة المئات من الأسرى الفلسطينيين الذين يخوضون الإضراب عن الطعام لتحقيق مطالبهم العادلة، وتحذر من النتائج الخطيرة لتجاهل مطالبهم أو الاستمرار فى سياساتها القمعية والعنصرية تجاههم.
ويأتى إحياء “اليوم العربى للأسير الفلسطيني” تنفيذا لقرار القمة العربية فى دمشق عام 2008 بإحيائه فى 17 أبريل من كل عام .
