ليس دفاعآ عن “اللصيمة”….ولكن دفاعآ عن التراث .!
كتب / عبد العزيز الغالي
يتميز المجتمع السيناوى بمحافظتة على عاداتة وتقاليدة الموغلة فى القدم وقدأدت الطبيعة الصحراوية والتربة السيناوية المتميزة ألى التأثير فى هذة العادات والتقاليد فانسحبت على عاداتة الغذائية وطعامة.
فكان طعامة وأدواتة بسيطة مشابهة لبساطة الطبيعة المحيطة من حولة مما حدا بة لأختصار هذة الأدوات ألى أبسط صورها حتى لايتكلف جهدآ أو مشقة فى الحل والترحال.
ولأن العادات الغذائية هى وليدة أى مكان فكانت موادة ومنتجاتة أصلية ونابعة من الطبيعة المتفردة للتربة والمناخ الذى تتمتع بة شبة جزيرة سيناء أسيوية الجغرافيا وافريقية الهوية.
مما جعل تفردها هذا تميزآ لها عن باقى محافظات الوادى وأذا ماوجد مايشابه منتجاتها من حيث الأسم أو الشكل ألا أنة لايتساوى معها من حيث الجودة والطعم وحلاوة المذاق مثال:(الخوخ-الكانتلوب-التين-المشمش-البطيخ-الأعشاب العطرية-النباتات الطبية)وكلها “بعلية”أى مروية على مياة الأمطار وجود السماء ناهيك عن (سمانهاالبلدى المهاجر-الفرى-)وأسماكها المتميزة ومن مصادر عديدة سواءمن البحر الأبيض المتوسط ونقاؤة المشهود له بعدم التلوث أومن بحيراتها الثلاث-البردويل-الزرانيق-بورفؤاد-علاوة على “البحر الأحمر” بزراعية الخليجيين “العقبة” “والسويس” وتفردها بأنتاج”زيت الزيتون”البكر والفاخر الغنى بمكوناتة الغذائية العاليةوالذى يعتبر مكونآ رئيسيآ “للصيمة” موضوع مقالنا .
ويشكل الطعام السيناوى ببساطتة وطريقة طهية على الحطب المـأخوذ من الأشجار المتواجدة بالطبيعةميراث عريق وعظيم فهو جزء من ثقافة وحياة سكان شبة الجزيرة حيث يصل الماضى بالحاضر.
واللصيمة من أشهر أطباق وأكلات سيناء وألذها وأحبها وأقربها ألى قلوب أبنائها بدوآ وحضرآ يتنسمون فيها عبق الماضى والزمن الجميل وأن كانت مكوناتها لاتعدو أن تكون من المشهيات حين تصنع كسلاطة ولكنها تصبح طبقآ رئيسيآ حين يضاف أليها فت “قرص الملة” والذى يدفن فى رمضاء النار فيتطهر وينضج ومكتسبآ طعمآ ومذاقآ لايقاوم وأضحى لها موسم يتزامن مع بواكير وبشاير البطيخ متمثلة فى صغار ثمارالبطيخ قبل النطج مما يسمى “العجر”ويلذ تناولها بليالى الصيف المقمرة.
وهى أكلة جماعية لاتتم ولايستطاب طعمها ألا بوجود صحبة أو جماعة تتعاون على أنضاجها وتسويتها وصنعها ألم أقل لكم أنها عمل جماعى ومازال أهل سيناء يحافظون على تقاليدها وطقوسها ويأكلونها فى رحلاتهم الخلوية بالبروفى مدينة العريش تحايل الناس على الطبيعة داخل مدينتهم ووجدوا ضالتهم فى شارع العشرين بأتساعة وكثرة الغرود الرملية حولة مما يحاكى البر فيزدحم فى موسم “العجر” بكثرة مرتادية مساء كل يوم ويزداد الأزدحام كل يوم خميس/ليلةالجمعة من عشاق اللصيمة ونسى الناس أسمةالأصلى وصار يسمى ب” شارع اللصايم ”
وتعتبراللصيمة واحدة من مكونات هذا التراث مثلها فى ذلك مثل أكلات عديدة أشتهرت بها سيناء مثل:(الجريشة-الرقاقة- حرقة الأصبع-الطشطاشة-المنسف-المقلوبة-السمان-الصيادية-والبيض المقعد-وأخيرآ”شهقة العجوزة”).
لقد أضحى التراث السيناوى ومن ضمنة اللصيمة أحدى أبتكارات الفرد السيناوى تلبية لحاجات المجتمع ومستغلآ لمنتجات الطبيعة من البيئة البرية الخاصة والمحيطة بة وبما يتناسب مع أحتياجاتة الشخصية والمعيشية .
أن حبنا للصيمة ودون أن نشعر هو حفاظ منا على موروثنا الثقافى الخاص بالطعام ونراة تواصلآ مع آبائنا وجدودنا وأعتزازآ وتميزآ بشخصيتنا .
وقد أصبحت اللصيمة سواء فى البرأو على شاطئ البحر أو فى المزارع أو فى أفنية المنازل تمثل جزء من تراثنا يجب ألا نخجل ونتوارى منة.
لذا أصبح أحياء الموروث الطهوى أمانةتاريخيةوضرورة لابد منها لمواجهة تحديات الحداثة أمام عالم مهووس بأ طعمة باهظة الثمن فقيرة المكونات الغذائية ومسببة لأمراض متعددة و مكلفة.
وأن كان لدي البعض مشكلة فى اللصيمة لأنة يخجل من أسمها المتداول فما بال أقوام دول أخرى لايخجلون من أكلااتهم التراثية العريقة مثل:(المطازيز-الزربيان-المرهوك-الزمول-الربيص-المشخول-الفركاعة-المضروبة-الخبيصة-الزربيان-معصوبه-الفقشه-البلاليط-الكسكس-…ألخ). وهل الكبسة السعودية والتى جائت من كبس الشيئ أى ملئة عن أخرة اخف وقعآ وأجمل من “لصم” الذى اشتق منها لفظ”اللصيمة”-أنه ليس خجلآ ولكنة ضرب من الحساسية المفرطة.!
وتبقى مشكلة التقديم وهى خاصة بالمستوى الثقافى والأجتماعى والظروف الأقتصادية لصانعيها وطرق تقديم البعض لها فالبعض يقدم القهوة-رغم تقاليدها-فى أكواب زجاجية بدلآ من فناجين والهنود حتى الأثرياء منهم نادرآ مايتناولون الأرز بملاعق بل يتلذذون بتناوله بأيديهم ولم ينكر أحد على الصينيون تناولهم نفس الأرز حبة حبة بالعصى الخشبيةوذلك لتأصيل ثقافة وتراث فرضتها ظروف أقتصادية.
والتراث يحكى أنها كانت تقدم فى وعاء كبير يسمى”لقن”مصنوع من الفخارالذى يصنع منة الطواجن “البرام”و”لقن” كلمة “طاشقندية”نسبة ألى”طشقند”أحدى مقاطعات الأتحاد السوفيتى والتى وردت ألينا عن طريق الأتراك وهو صحى أكثر بكثير من الأوانى المعدنيةالحديثة المليئة بالعيوب الصحية من أول “الألومنيوم” وأنتهاءآ ب “التيفال” بل أن الفخار يضفى عليها مذاقآ مميزآ…او تقدم فى وعاء أصغر يسمى”الهنابة”كما أنها تقدم فى “باطية”من الخشب الجيد مما يصنع منة الجرن العرايشى الشهير وهى أدوات مناسبة جدآ للبيئة الصحراويةفألى جانب حفاظها على الطعم المميز لما يوضع بداخلها من طعام فهى ملائمة تمامآ مع ظروف المناخ والطقس وتتناسب مع أرتفاع وأنخفاض درجةالحرارة وتتسق مع تكيف الطعام مع البناء الفسيولجى والبيولوجى لجسد الأنسان مما يدفعة للتكيف مع البيئة المحيطة.
أما مكونات اللصيمة الغذائية البسيطة والصحية والغنية بفوائدهاتجعلها تتربع على قمة الأطعمة النباتية المتميزة من أول فوائد “العجر” المشوى و”البندورة” و”الفلفل” العرايشى الحار و”الثوم” و” الجرادة” و”البصل “الذى يضاف أليها او يقدم بجانبهآ.
ويعود شموخهاألى وجود” زيت زيتون سيناء المقدس(holy-oil) .بها والذى يعطيها مذاقآ متميزآبطعم عسلي مما لايضاهية مذاقآ آخرآ.فهو ألى جانب مكانتة الدينية المحترمة فهو صحيآ يتفوق عن باقى زيوت الزيتون الأخرى المنتجة فى العالم ب36 عنصرآ لاتتواجد ألا فى زيت زيتون سينا.!
وكل مكونات “اللصيمة” النباتية وخلوها من اللحوم جعلها تتسق مع الغذاء المتوسطى ووقوعها على ساحلة مما يؤهلها للأنضمام بفخر لعضوية نادى البحر الأبيض المتوسط العالمى”الميديتيريان” Mediterranean sea-clup”.
والذى يحعلها مثالية ومتوافقة مع شروط النادى الذى تتميز أطعمتة بخلوها من “الكوليسترول” وصحية لغناها بالألياف والخضروات الطازجة والتى تساعد على المحافظة على الرشاقة ولاتتسبب فى السمنة.
فالعجر المشوى”البطيخ البغو”المكون الأساسى للصيمة فوائدة لاتعد ولاتحصى فهو يغسل المثانة ومدر للبول وينظف البطن ويكثر ماء الظهر ويعين على الجماع وينقى البشرة وهو ملين خفيف يساعد فى حالات الأمساك ومدر للبول و وعلاج لضغط الدم المرتفع وهوكذلك من الأغذية المفضلة لمرضى قرحة المعدة والذين يعانون من الحموضة ويقوى الدم ويفتت حصى الكلى ويخفف الأمراض الجلدية .
ثم المكون الثانى وهو البندورة”الطماطم”ذات الأصل المكسيكى والتى نقلها للعالم بعد ذلك المكتشفون الأسبان وتعتبر من أهم الخضروات على أى مائدة فهى غنية بفيتامينات(ب)و(ج)و(أ)و(د)علاوة على أحتوائها على كمية لابأس بها من العناصر الغذائية الأخرى كالبروتينات والكربيوهيدرات والأملاح المعدنية والمواد الدهنية والملونة التى تمنع الأكسدة وتكفى ثمرة واحدة منها لتمد الفرد بحوالى ثلث حاجتة اليومبة من فيتامين (ج )وتوصف للألتهابات المفااصل والتعفنات المعوية ومكافحة الأمساك وخروج الفضلات وعصيرها سهل الأمتصاص ويدخل فى الدورة الدموية حاملآ معة أهم العناصر اللازمة لبناء الجسم.
وتناول البصل ألى جانب اللصيمة يساعد مساعدة فعالة فى علاج مرض السكر وأرتفاع ضغط الدم وتنظيم عملية هضم الطعام ناهيك عن فوائد الثوم الجمة والتى لاتعد ولاتحصى.
ألى جانب فوائد الفلفل الحارالفاتح للشهية والملئ بفيتامين(أ)و(ب)و(س)وغنى بالكالسيوم والفسفور والحديد وهو يحافظ على صحة القلب ومليئ بالبيتاكاروتين ويعمل كمضاد للأكسدة ومطهر ومساعد على الهضم ويساعد على التعرق(أفراز العرق)ويجعل ضخ الدم فعالآ ويساعد على تنظيف الدهون من الشرايين ويحسن من توزيع الأوكسجين فى الدم والذى يقطع البلغم ويطرد الريح ويقطع الرطوبات الفاسدة.
أما زيت الزيتون المكون العمدة الذى يوضع أخر شيئ على وجه اللصيمة فهو يتربع بمنافعة العديدة ويزهو ويتباهى بمنافعة وفوائدة العديدة فهو:مدر للبول وخافض لمعدل السكر ومفيد لتصلب الشرايين ومفيد للأمساك ومدر للصفراء وخافض للحرارة وملين للمعدة ومفيد فى التخلص من السموم المختلفة وطارد للديدان ويقلل حدوث مرض تصلب شرايين القلب التاجية ويقى من سرطانات الرحم والمبايض ويقلل من حدوث سرطان المعدة .
أنة ليس تعصبآ أعمى للصيمة ولكنة عودة لغذاء الطبيعة والبساطة والعادات الغذائية الجميلة.
وقد تلقى اللصيمة نفورآ فى بادئ الأمر من لم يجربها من قبل أو يتذوقها لكن سرعان ماينقلب هذا النفور والذى جاء من حيث الشكل الغريب ألى قبول صداقة حميمية من أول لقمة يتلذذ بها الفم وهو يلوك العجر المشوى بعصارتة الشهية التى تضاهى مذاق وحساء لحم الضأن ولكنها قد لاتلقى قبول لمن كانت عندة حاسة التذوق مريضة أو معطلة أو لأسباب نفسية أخرى.
أما أنا فعلى المستوى الشخصى أحلم بأن أرى اليوم الذى أطلب فية من المطاعم المنتشرة بالعريش”لصيمة دليفرى”–Take Away أو على الأقل أن تكون أحد مكونات البوفية المفتوح بالفنادق الكبرى.!
بقلم/عبدالعزيز الغالى.
(عضو أتحاد الكتاب وامين عام جمعية متحف التراث اليسناوى).