آراء وتحليلات

التاريخ الاسود للعثمانيين (2)

 

بقلم اللواء ناصر قطامش
ان البعد التاريخى مهم جدا ليكون مدخلا واقعيا لدراسه السياسه المعاصره التى تتبعها تركيا الان وبغير ذلك يعتبر الحديث عما تفعله تركيا مجرد كلام سطحى لهذا يجب قراءه التاريخ جيدا لمعرفه اصل هذه الاقوام وما يسعوا اليه إن الحكم العثماني للمنطقة العربية المسؤول الأساسي عن تخلفها عن ركب التقدم، فلم ينقل مصر إلى العصر الحديث، وأدى إلى توقف تطورها ثلاثة قرون، وهي ذاتها التي أنجز فيها الغرب نهضته الحديثةوتكمن خطورة الاحتلال العثماني في أنه وقع في لحظة تشكل نظاما عالميا جديدا، فحال دون انخراطنا فيه، وأعاق مساهمتنا في صياغته، فعندما عبرت أوروبا من عصر الثورة الزراعية إلى الصناعية، وقف الأتراك عائقا في طريق البلاد العربية، فبقيت مصر ترزح في ظلمات العصور الوسيطة، حتى بدأت تجربتها في التحديث مع عصر محمد علي”.رغم الادعاء أن الأتراك احتلوا مصر لتخليصها من المماليك، إلا أنهم تحالفوا معهم للسيطرة على البلاد، وأصبحوا القوة السياسية الأولى وسلموهم الإدارة فعليا عبر منصب شيخ البلد، وبات الباشا العثماني مجرد ظل للسلطان لا يملك في معظم الأحوال الكثير من أمر أهل المحروسة.شهدت مصر الكثير من الاضطرابات السياسية على يد العثمانيين، ففي عام 1524 حاول الوالي أحمد باشا الملقب بالخائن أن يستقل، وسك النقود باسمه وأمر بالدعاء له على المنابر، وانتهت حركته بإعدامه وتعليق رأسه على باب زويلة.توالت ثورات واضطرابات جنود الحامية العثمانية وصراعاتهم، فعلى مدار 20 عاما (1589 – 1609) عانت مصر من عبثهم بأمنها، خاصة فرق الفرسان “السباهية”، وذلك في محاولة فرض ضرائب على الفلاحين عرفت باسم الطُلبة، وباتت القاهرة وقرى الريف ميدانا للصراعات بين عسكر العثمانلي، هلكت فيها الأرواح ودمرت الممتلكات.فضح المؤلف ظاهرة الرشوة التي أطلق عليها العثمانيون البقشيش بقوله: “باتت جزءا من الحكم وامتدت إلى جميع أركان الإدارة، فأصبحت الوظائف تولى بالرشوة أو تشترى من السلطان، وابتعدت الكفاءات الإدارية، فتولى المناصب مجموعة من الفاسدين، الذين بالغوا في فرض الرسوم والإتاوات على الأهالي حتى يعوضوا ما دفعوه”.امتدت ظاهرة تولي الوظائف بالرشوة إلى المحاكم، فأصبح منصب قاضي القضاة رهنا بما يدفعه الساعي إلى الوظيفة للسلطان أو القاضي التركي، ثم يلجأ إلى تعويض ما دفعه من الناس بفرض رسوم باهظة، كما تدخل الفساد في شراء الذمم لصالح الأغنياء فضاعت حقوق الفقراء والضعفاء. ، وظل المجتمع في أزمة طاحنة، بعد أن اتبعت الدولة سياسات خاطئة فاقمت المشكلة، وأهملت الزراعة والتجارة والصناعة، وبات الحديث عن ارتفاع أسعار السلع أو ندرتها متكررا طوال 3 قرون، ونادرا ما تمر سنة دون أزمة ومجاعة وقحط وأوبئة، فانتشر الفقر والجهل والمرض كل ذلك يثبت ان العقلية العثمانية المتحجرة عجزت عن خلق حلول مبتكرة للأوضاع المتردية، وعجزت عن دفع مرتبات الموظفين والجنود، فاتجهت إلى غش العملة بتخفيض نسبة الذهب والفضة فيها، أو إنقاص وزنها أو عيارها، وأرغمت الناس على التعامل بها بقيمة أعلى من الحقيقية، وكان لهذه السياسات آثار سلبية على الأوضاع المعيشية، فزاد الفقر وانتشرت البطالة”. أن العثمانيين عملوا على وأد الصناعة المصرية، بعد أن خطف سليم الأول العمالة الماهرة ورحلها إلى إسطنبول، “تراجعت الصناعات المحلية التي اشتهرت بها مصر في العصر المملوكي، كما توقفت محاولات تطوير الإنتاج الحربي، فبعد ثلاثة قرون من هزيمة مرج دابق سقطت القاهرة بيد نابليون بونابرت بفعل تفوق السلاح الناري الفرنسي”.كما اتباع العثمانيين مخطط تخريب الزراعة، فبعد أن كانت مصر المملوكية سلة غلال العالم القديم،باتت لا تستطيع توفير غذاء أبنائها، فحين وزع سليم الأراضي على الملتزمين كان غرضه جمع أكبر قدر من الضرائب، وبات الفلاح عبدا يعمل بالسخرة في الوسية، دون تقديم أية رعاية صحية أو اجتماعية.يضيف :”تفنن العثمانيون في فرض الضرائب الباهظة على الفلاحين، بالإضافة إلى إرهاقهم بالإتاوات والمغارم، ما أدى إلى اتساع ظاهرة هجرهم للأرض، وبالتالي مزيد من النقص في مساحة الزراعة، وبارت أراضٍ شاسعة”.تجلت جرائم الأتراك في عجز الفلاح عن توفير رغيف الخبز المصنوع من القمح، الذي كان غذاء المصريين الرئيس منذ عرفوا الزراعة قبل آلاف السنين، لكن الملتزمين استولوا عليه لتأكله الصفوة العثمانية فقط، والفائض يصدر إلى أسواق أوروبا لتوفير النقود لخزائن السلطنة الخاوية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *