مقتل «سليماني» يكشف ميليشيات إيران في الدول العربية
متابعه / ميريت يوسف
كانت وما زالت الحركات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط، قبل مقتل قاسم سليمانى قائد فيلق القدس والذراع اليمنى في إيران، تنفى نفيًا قاطعًا أى علاقة لها بطهران رغم الشواهد الكثيرة التى كانت تؤكد بل وتجزم على بوجود تمويلات وعلاقة تقارب كذراع إرهابية تستخدمها إيران في كل دولة لمحاولة الوقوع بها تخريبها خدمة لمشروعها – المد الشيعى – بالمنطقة.
وقرر أمير حاجى زاده، قائد القوات الجوية في الحرس الثورى الإيراني، الظهور في مؤتمر صحفى بخصوص تداعيات مقتل سليمانى قائد فيلق القدس وخلفه مجموعة من رايات الميليشيات، التى يفترض أنها تعمل مستقلة في دول أخرى، في اعتراف نادر بتبعية ميليشيات مسلحة مباشرة إلى إيران.
وتحدث المسئول العسكرى البارز من طهران، أمام أعلام إيران والحرس الثوري، إلى جانب رايات ميليشيات حزب الله اللبنانى وأنصار الله «الحوثيون» والحشد الشعبى العراقى وحماس الفلسطينية ولواء فاطميون الأفغانى ولواء «زينبيون» الباكستاني.
#ورغم ثبوت أن هذه الميليشيات تعمل لصالح إيران إلا أن وجود راياتها في هذا المشهد يعكس ما سيتم خلال الأيام المقبلة لتنتقل مرحلة التعامل بين الميليشيات وطهران إلى العلن وبشكل مباشر.
وكان لافتا وجود علم حركة حماس، خاصة أن هذه الحركة التى تتلقى دعما من إيران لا تعتبر نفسها وكيلا إيرانيا، وإنما «حركة مقاومة إسلامية» هدفها تحرير فلسطين، حسبما يعلن قادتها دائما. وبعض هذه الميليشيات، مثل الحشد الشعبي، يعد رسميا جزءا من القوات العراقية، وبعضها الآخر، مثل حزب الله، له تمثيل رسمى في الحكومة والبرلمان اللبنانيين.
أكدت الكلمة التى ألقاها حاجى زاده، على الأطماع التوسعية التى تشغل بال السلطات الإيرانية، بزرع ميليشيات تابعة لها في الدول المحيطة، بهدف زعزعة الاستقرار وفرض القرارات التى تخدمها، في كل من لبنان والعراق واليمن، وحتى أفغانستان.
نرصد ردود الفعل المتغاير لأبرز حركتين حاولا إخفاء علاقتهما المباشرة بطهران «حماس والحوثيين».
حماس
لعل حركة حماس الفلسطينية هى الأبرز حيث فضح الاغتيال الأخير كل محاولات الحركة لإخفاء تقاربها الإيرانى ومساعدتها في تنفيذ مشروعها في الشرق الأوسط، وما أثار الاستنكار هو ما قالته حركة حماس في بيانها حيث وصفت سليمانى بـ «شهيد القدس» كما وأثارت مواقف الحركة المنددة باغتيال قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، ردود فعل متفاوتة.
فقد رفض البعض تلك التعزية الحارة مذكرين بدور سليمانى في «استهداف العرب السنة في سوريا والعراق واليمن». كما رأوا أن التقارب الكبير، الحاصل بين الطرفين، سيضعف التأييد العربى لـ«حماس»، وسيزيد من تدهور علاقاتها مع دول الخليج العربي، وعلى رأسها «السعودية». وفى المقابل، رأى البعض أن حماس، مضطرة للتقارب مع إيران، بحثا عن الدعمين المالى والعسكري.
ورغم كل تلك الانتقادات لم يكتف إسماعيل هنية بإدانة الحادثة وذهب بنفسه على رأس وفد إلى طهران لتقديم العزاء وفتح بيت للعزاء بغزه ليعلن مباشرة أمام العالم أن علاقة حماس وطهران أصبحت الآن على مرمى ومسمع الجميع لا خلاف عليها.
ورغم كل تلك المحاولات التى سعى إليها هنية في الأيام القليلة الماضية كان رد إيران قاسيًا كما وصفه البعض وهو ما كان واضحًا، حيث هنية لم يلق ترحابًا كبيرًا من النظام الإيرانى أثناء مشاركته بتشييع سليمانى وهذا ما شهدناه حينما كان هنية في الصفوف الخلفية لجنازة سليماني، بحسب ما ذكره أحد أعضاء مكتب الحركة في تصريحات نشرها موقع المدن رافضا ذكر اسمه.
وعلى لسان مصدر آخر من الجهاد الإسلامى قال «إن علاقة حماس مع إيران كما الجهاد، متوجهة لتعزيز أكبر ضمن حالة حسم المحاور و«على المكشوف»، مستشهدا بحديث رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار في الأيام الماضية عن هذا التعزيز، وكذلك ظهور راية «حماس» إلى جانب رايات أحلاف إيران بالمنطقة، في خلفية قائد القوة الجوفضائية الإيرانية في مؤتمره الصحافى.
وأوضح المصدر أن موازنة فيلق القدس زادت بمقدار مئتى مليون دولار إضافيتين على الموازنة السابقة، ملمحًا إلى توجه إيرانى بدعم مالى وعسكرى أكبر لـ«حماس» و«الجهاد».
الحوثيون وتوعد الانتقام
لم يكن غريبًا على الجميع ما رأوه من سباق قيادات الميليشيا الحوثية «من ينع مقتل سليمانى أولا» كما واندلعت ردود فعل حوثية غاضبة إزاء مقتل سليمانى والقيادى البارز في ميليشيات الحشد الشعبي، أبومهدى المهندس، ورفاقهما، في عملية عسكرية أمريكية استهدفت موكبهم في مطار بغداد الدولي.
ورغم غياب الحضور العلنى والمباشر لسليمانى في أحداث اليمن الذى يمثل الحوثيون فيه محور ارتكاز الأحداث، فإن ردة الفعل الحوثية السريعة ظهرت غاضبة ومتشنجة إلى الدرجة التى لم يعهدها اليمنيون حتى عند مقتل أبرز قاداتها، كما لو كانوا هم الحرس الثورى الإيراني، حيث وصف زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، مقتل سليمانى بـ«الخاتمة المشرفة واللائقة».
وسارع زعيم جماعة أنصار الله «الحوثيون»، عبدالملك الحوثى إلى تقديم التعازى في مقتل سليمانى والمهندس ورفاقهما، وقال في بيان أصدره «إن سليمانى فاز ورفاقه بهذه الشهادة – على حد تعبيره – وأنها كانت خاتمة مشرفة ولائقة، وباعتداء مباشر من الشيطان الأكبر المستكبر الأمريكى الذى باشر جريمة عدوانه بمتابعة من مستوياته القيادية العليا». ودفع ذلك وزير الإعلام في الحكومة اليمنية، معمر الإرياني، إلى القول، «إن صدمة الحوثيين بمقتل قائد(فيلق القدس) في الحرس الثورى الإيرانى تؤكد تبعيتهم لإيران».
وقال الإرياني، في سلسلة تغريدات نشرها على صفحته الموثقة على موقع «تويتر»، «إن حالة الصدمة والدموع التى يسكبها الحوثيون في العاصمة المختطفة صنعاء ومناطق سيطرتهم بعد مقتل سليماني، تؤكد ما قلناه عن حجم العلاقة بين الميليشيا الحوثية ونظام الملالي، وأنها تتجاوز التنسيق وتلقى الدعم أو العمل كأداة أو الحرب بالوكالة إلى التماهى الكامل في المشروع والأهداف والأجندة». وأضاف «موقف الميليشيا الحوثية لا يمثل اليمن واليمنيين حتى في مناطق سيطرتها».
وأكد أن «الجميع يقف كتلة واحدة ضد المشروع الإيراني، وينظر إلى مقتل سليمانى وتقويض السياسات التوسعية ومساعى الهيمنة الإيرانية كخطوة مهمة لإنهاء الحروب النزاعات وإحلال الأمن والاستقرار الذى تستحقه دول المنطقة»
ميريت يوسف