أخبار مصر

السيسي يطالب باستمرار التجديد..ومناوشات بين الطيب والخشت بسبب الأشاعرة..ماذا حدث في مؤتمر الأزهر؟

 

اختتمت مساء الثلاثاء، فعاليات مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر والعلوم الإسلامية، الذي عقد على مدار يومين بالقاهرة، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي.

 

وشهد المؤتمر الذي عقد في اليوم الأول بمركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر، والثاني بأحد فنادق القاهرة، علماء ووزراء ووفود من أكثر من 46 حول العالم.
وركزا المحاور الرئيسة للمؤتمر على أطر مفاهيم التجديد، وآلياته، وتفكيك المفاهيم المغلوطة، وقضايا المرأة والأسرة، ودور المؤسسات الدولية والدينية والأكاديمية في تجديد الفكر الإسلامي.

وناقشت محاور المؤتمر شروط التجديد ودواعيه وضوابطه، والأحكام الشرعية بين الثابت والمتغير، والمؤسسات المعنية ودورها في التجديد، وعرض مظاهر التجديد التي قام بها الأزهر قديمًا وحديثا.

بدأت فعاليات اليوم الأول للمؤتمر، بكلمة للرئيس عبدالفتاح السيسي، ألقاها نيابة عنه الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء.

كلمة الرئيس

وقال السيسي في كلمته: “لقد طالبتُ المؤسسات الدينية منذ عدة سنوات، وفي مقدمتها مؤسسة الأزهر الشريف، بأن تولي الأهمية القصوى لموضوع تجديد الخطاب الديني، من منطلق أن أي تقاعس أو تراخي عن الاهتمام بهذا الأمر من شأنه ترك الساحة لأدعياء العلم وأشباه العلماء من غير المتخصصين ليخطفوا عقول الشباب ويزينوا لهم استباحة القتل والنهب والاعتداء على الأموال والأعراض، ويدلسوا عليهم أحكام الشريعة السمحة، وينقلوا لهم الفهم الخاطئ المنحرف في تفسير القرآن الكريم، والتشويه المتعمد للسُنة المطهرة، ومن ثم جاء انعقاد هذا المؤتمر الحافل بهذه النخبة المختارة من كبار العلماء، ومُمثلي المؤسسات الدينية من الوزراء والمُفتين والمستشارين الدينيين من 41 دولة”.

وأعرب السيسي، عن أمله في أن ينتهي المؤتمر إلى حلول عملية لمختلف المشكلات والقضايا الفقهية والتشريعية، التي ينقسم حولها المسلمون، وتُشعل فتيل الاختلاف بينهم، مُوجها الحديث للعلماء والحضور بالمؤتمر قائلا: إننا حين نطالبكم بتجديد الخطاب الدينيّ فإن ذاكرتنا تعي وتستوعب نهج النبي الكريم صلى الله عليه وسلّم في هذا الإطار، مؤكداً أن التجديد الذي نتطلع إليه ليس هو التجديد في ثوابت الدين، ولا في العقيدة، أو غيرها من الأحكام، التي اتفق أئمة الدين على إثباتها؛ فلا يوجد مسلم يؤمن بالله وكتبه ورسله يطلب تحليل الحرام، أو إباحة الكبائر، أو أي تشريع جديد يعارض القرآن والسنة الصحيحة، أو يصدم المقاصد العليا للشريعة.

وأوضح الرئيس السيسي، أن التجديد الذي ننتظره هو التجديد في فقه المعاملات في مجالات الحياة العملية، ونحن متفقون على أن كثيراً من أحكام هذا الفقه تغيرت من جيل إلى جيل على مدى عشرة قرون على الأقل، فلماذا يُحرم جيلنا من هذه الأحكام التي تُيسر الحياة، وجيلنا أحق الأجيال بالتجديد لما يواجه من تحديات تتغير كل يوم بل كل لحظة، وأنتم أهل هذا العلم والمتمكنون من ضوابطه وشروطه أدرى الناس بأن من رحمة الله بنا أن شرع لنا أحكاما ثابتة لا تجديد فيها وأحكامًا تتغير تبعاً للتطور، والفتوى هي الأخرى تتغيّر من بلد إلى بلد، ومن عصر إلى عصر، ومن شخص لآخر.

شيخ الأزهر يعلن إنشاء مركزا للتراث والتجديد

وفي كلمته أعلن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، إنشاء مركز الأزهر للتراث والتجديد، لمن يرغبون الإسهام في عملية التجديد من المتخصصين.

وقال الطيب، إن المركز يضم علماء المسلمين من داخل مصر وخارجها، وأساتذة جامعات ومتخصصين في مجالات المعرفة ممن يريدون ويرغبون في الإسهام في عملية «التجديد» الذي ينتظره المسلمون وغير المسلمين.

ولفت الإمام الأكبر في كلمته إلى أن التيار الإصلاحي الوسطي هو الجدير وحده بمهمة “التجديد” الذي تتطلَّع إليه الأمة، وأعني به التجديد الذي لا يشوِّه الدِّين ولا يُلغيه، وإنما يأخذ من كنوزه ويستضيء بهديه، ويترك ما لا يتناسب من أحكامه الفقهيَّة إلى الفترة التاريخيَّة التي قيلت فيها، وكانت تمثِّل تجديدًا استدعاه تغيُّر الظروف والأحوال يومذاك.. وهذا ما نأمل أن يعكسه مؤتمر الأزهر العالمي حول “تجديد الفكر والعلوم الإسلامية”.

ونوه إلى أن الأسباب التي أدَّت إلى غلق باب الاجتهاد وتوقف حركة التجديد، في عصرنا الحديث، تُظهر عدم الجدِّيَّة في تحمُّل هذه المسئولية تجاه شبابنا وأمتنا؛ فقد صمت الجميع عن ظاهرة تفشِّي التعصُّب الدِّيني سواء على مستوى التعليم أو على مستوى الدعوة والإرشاد، مؤكدًا أن دعوات التعصُّب هذه لا تعبر عن الإسلام تعبيرًا أمينًا، إلا أنها تحظى بدعمٍ ملحوظ مادي وغير مادي، يضاف إلى ذلك ظهور كتائب التغريب والحداثة، والتي تفرَّغت لتشويه صورة رموز المسلمين، وتلويث سمعتهم والسخرية من تراثهم، وأصبح على كثير من الشباب المسلم أن يختار في حلبة هذا الصراع: إما الانغلاق والتعصُّب والكراهية ورفض الآخر، وإما الفراغ والتِّيه والانتحار الحضاري.

فعاليات اليوم الثاني

بدأت فعاليات اليوم الثاني، بكلمة للدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، أكد خلالها أن الأزهر الشريف حافظ على مر العصور على الثوابث، وتفنيد الأفكار الشاذة والمتطرفة، والتجديد في الفكر الإسلامي

وقال علام، إن جماعات التطرف والإرهاب تعاملت مع نصوص التراث تعاملا لا يمت للإسلام الوسطي بشئ واستخدمتها لتحقيق أغراضها، مشيرا إلى أن المنهجية العلمية التي يقوم بها الأزهر الشريف في علومه ونصوصه تتمثل في توثيق النصوص.

ولفت مفتي الجمهورية إلى أن دار الإفتاء قامت بدورها في الحفاظ على الثوابت وتجديد الخطاب الديني والفكر من خلال عقدها لعدد من المؤتمرات العالمية، ورصد وتفنيد الأفكار المتطرفة التي تسعى لهدم الوطن.

مناوشات بين شيخ الأزهر ورئيس جامعة القاهرة

وشهدت جلسة «دور المؤسسات الدولية والدينية والأكاديمية في تجديد الفكر الإسلامي»، مناوشات بين فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والدكتور محمد الخشت، رئيس جامعة القاهرة، في إطار الحديث عن تجديد وتطوير علوم الدين لما يواكب العصر الحديث.

وقال الخشت، إن تجديد الخطاب الديني أمر غير ممكن لأنه نصوص قديمة مرتبطة بتفسير النص الآلهي.

وأضاف، أن المؤتمر منعطف هام في مسار الأزهر نحو التجديد، مشيرا إلى أن ما يردد عن اقتصار تجديد الخطاب الديني على الأزهر هو أمر غير صحيح.

وأشار رئيس جامعة القاهرة، إلى أن الخطاب أنشي لعصر غير الذي نعيشه حالياً، وتحديات مختلفة أغلبها انتشر في عصر الفتنة، متابعا :” إنشاء خطاب ديني غير ممكن دون إنشاء فكر ديني جديد”.

وقال الخشت، إنه لابد من تطوير العقل الديني وفق متطلبات العصر، متابعا ” لا زلنا أسرى أفكار الاشعرية والمعتزلة، وأن العقيدة الأشعرية تقوم في جزء كبير منها على أحاديث الآحاد”.

وأضاف:” لابد من تجديد علم أصول الدين، وان التجديد يتطلب تغير طرق التفكير ورؤية العالم، من خلال تصحيح الصورة للقرآن الكريم أمام المجتمعات الغربية، وأن الواقع الحالي للعلوم الدينية ثابت و قائم على النقل والاستنساخ، فنحن لانزال نعيش فترة فتنة سيدنا عثمان حتى الآن”.

وقال رئيس جامعة القاهرة:”ندعو إلي تطوير العلوم الدينية وليس إنشائها من جديد، فهناك فرق بين المذهب والمنهج، وأن التجديد يتطلب الخروج من الدائرة المغلقة من العلوم الإنسانية والاجتماعية”.

 

وعقب شيخ الأزهر، على كلمة رئيس جامعة القاهرة، بقوله «البعض لا يعلم العلاقة مع الخشت فهي قديمة بجانب أن هناك مناوشات بيني وبينه، هو قال لو بقول غلط قولي، ولولا ذلك مكنتش أساهم بالتعليق، أو الملاحظة السريعة وأوعدك سأكون طيباً».

وتابع: «كنت أود أن كلمة ستلقى في مؤتمر عالمي دولي وفي موضوع دقيق عن التجديد، أن تكون هذه الكلمة معدة سابقًا ومدروسة، لا أن تأتي نتيجة تداعي الأفكار وتداعي الخواطر، حضرتك قلت كرئيس للجامعة إن التجديد هو مثل أن تُجدد منزل والدك تحبه دون أن تسكن فيه وتتركه لتسكن في بيت جديد».

وأضاف: «هذا ليس تجديدًا هذا إهمال وترك وإعلان الفُرقة لبيت الوالد، التجديد في بيت الوالد يكون في بيته، ولكن أعيده مرة أخرى بما يناسب أنماط البناء المعاصرة».

وأكمل: «رئيس الجامعة نادى بترك مذهب الأشاعرة، لأنهم بنوا، وتحدث عن أحاديث الأحاد، فأقول، الأشاعرة لا يقيمون عقيدتهم على أحاديث الأحاد، وأنا درست ذلك في المرحلة الثانوية في 60 و65 من القرن الماضي، وهم لا يمكن أن يقيموا مسألة واحدة في أصول العقائد إلا على الحديث المتواتر».

وأشار: «الكلام عن التراث كلام عجيب، خسارة ما يقال عن التراث هذا مزايدة على التراث، هذا التراث الذي نهون من شأنه اليوم ونهول في تهوينه، التراث خلق أمة كاملة وتعايش مع التاريخ، قل حضرتك قبل أن نتلقي بالحملة الفرنسية كيف كان يسير العالم الإسلامي كان يسير على قوانين التراث».

وتابع الطيب: «الدول الإسلامية والحضارة التي تغيرت، وجاءت قوة فوق قوة كان التراث هو من يحمله، تصوير التراث بأنه يورث الضعف ويورث التراجع هذا مزايدة عليه».

وأكمل: «ونحن نحفظ من الإمام أحمد بن حنبل ما يؤكد أن التجديد مقولة تراثية وليست مقولة حداثية، والحداثيون حين يصدعوننا بهذا الكلام هم يزايدون على التراث ويزايدون على قضية الأمة المعاصرة الآن، والتراث ليس فيه تقديس، وهذا ما تعلمناه من التراث لم نتعلمه من الحداثة».

وأكد: «أما قصة أن القرآن قطعي الدلالة وظني الدلالة ليست مقولتي ولا مقولتك، تلك مقولة التراثيين، وتعلمناها من التراث»، موضحًا: «درست العلوم الحديثة في المرحلة الثانوية، ودرسنا في أصول الدين البحث العلمي وعلم الاجتماع، أما تصويرنا أننا لسنا معنا سوى المصحف والتفسير هذا الأمر يحتاج إلى مراجعة».

واستطرد: «الفتنة الكبرى من عهد عثمان هي فتنة سياسية وليست تراثية، وأنت كرئيس للجامعة يقتدي بك ويستمع لك طلاب، والسياسة تختطف الدين اختطافًا في الشرق والغرب، حين يريدون تحقيق غرض لا يرضاه الدين».

 

وعقب رئيس جامعة القاهرة على رد فضيلة الإمام الأكبر بقوله:”إن البعض فسر حديثي عن الأشاعرة بشكل خاطئ، أنا أعي تماما ما أقوله، ولي مؤلفات وكتب تدرس في الجامعات منذ فترة طويلة”.

وأشار إلى أنه أراد من كلمته تصحيح معنى المفاهيم الهامة التي تقوم عليها الشريعة الإسلامية، مشيراً إلى أنه ليس من دعاة هدم التراث أو حذفه، وإنما يجب مراعاة عدد من المقومات الهامة عند الأخذ به.

وقال رئيس جامعة القاهرة، من يعتقد بعصمة التراث فعلية أن يراجع نفسه جيدا، مضيفاً :”الجميع يصيب ويخطئ، وأنا مسلم ولست أشعري أو اتبع أي تيار آخر”.

وتابع الخشت:” أحترم الأزهر بشدة وأتفق معه في بعض الأمور ويختلف في أخري، موجها رسالة لفضيلة الإمام الأكبر قائلاً” أحترم رأيك بشدة ولست معك في كل شيء ولست ضدك”.

وأعلن فضيلة الإمام الأكبر، البيان الختامي للمؤتمر الذي عقد على مدار يومين بالقاهرة.

وقال فضيلة الإمام الأكبر، إن الأزهر دعا أبرز علماء المسلمين للتباحث في التجديد في الفكر الإسلامي، موجها الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي على رعايته مؤتمر تجديد الفكر الإسلامي، وكلمته التى كان لها أثر البالغ على فعاليات المؤتمر، وإنابة رئيس مجلس الوزاء لحضور المؤتمر.

وأضاف، أن الجماعات المتطرفة عملت على تشويه صورة الإسلام في الدول الغربية، ومن واجب المؤسسات دعم جهود الدول للتخلص من شرور هذه الجماعات، خاصة وأنها تعتد في فكرها على مجموعة الأفكار المغلوطة التي لا اساس لها في الإسلام.

وتابع، أن التكفير فتنه ابتليت به المجتمعات قديما وحديثا ولا يقول به سوى متجرئ على الله وعلى أحكامع، وأن ما ينادي به الجماعات الإرهابية بالهجرة من أوطانهم واللحاق بالقوات المسلحة في الجبال والصحارى.

وأوضح شيخ الأزهر الشريف أن الإلحاد هو خطر يعمل على ضرب الاستقرار في المجتمعات المحافظة على دينها، وأنه سبب مباشر من اسباب التطرف والإرهاب ويجب على العلماء التسلح بمذهب تجديدي للتعامل مع ظاهرة الإلحاد.

وتابع: أن المنوط بالجهاد هو الجهة المختصة في البلاد وليس من حق أفراد أو جماعات أي جماعة أن تعطى لنفسها هذا الحق فهي محاربة لله ورسوله، وأن الإسلام لا يعرف مصطلح “الدولة الدينية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *