صدرت حديثاً عن منشورات المتوسط رواية “دورة أغرار” للكاتب السورى نبيل محمد، وتتناول فترة ما قبل اندلاع الثورة ضد نظام بشار الأسد.
وترصد الرواية الحياة فى دمشق وبدايةَ تفكك ودمار أجهزة الدولة، عبر تتبع مصير أفراد أسرة على اللواء، الضابط الذى ينتمى لريف الساحل السورى، ويعيش هو وأبناؤه تحت ظل الرتب العسكريَّة التى يحمِلُها على كتفيْه. هناك أيضًا شوشو، ابنةُ الضابط الجميلة والغبيّة، والتى تعمل بداية كمحرِّرة فى صحيفة يوميّة، ثم مُقدِّمة برنامج شو فى فضائيّة خاصة يملكُها أحد المتنفِّذين فى النِّظام، كما تربطُها علاقة عاطفية بجارها الشاب الدِّمشقى الذى يخدم دورة الأغرار الإلزامية فى الجيش، ثمَّ حسام، الطالب الجامعى، وأخيرًا سُليْمانة (أم حسام) زوجةُ الضَّابط، التى أكثر ما يربطها بزوجها هى رتبته العسكرية.
فى “دورة أغرار” تتصاعد جملةُ العلاقات المُتشابكة مع شخصيات أخرى، من النجاح المزيف إلى العجز ثم الانهيار، فيما تتجه حياةُ آخرين فى الرواية إلى الخروج من العجز إلى رفض الأوضاع الاجتماعيّة والسياسية.
أخيرا جاءت الرواية فى 328 صفحة من القطع الوسط، بسرد محكم يعكس الاشتغال العميق للكاتب نبيل محمد، وكأنَّها ليست هذه روايته الأولى.
من الكتاب:
كانت مواصفات حسام غير ثابتة فى نَظَر والده، ونَظَر والدته أحياناً، فعندما انتقى فرع الأدب الإنكليزى فى الجامعة كان “فلهوي، ويُحبّ اللغات والأجانب”، على الرغم من أن حسام لم يُعبِّر سابقاً عن أى شيء يدلّ على ذلك، وكان والده أيضاً يصفه بـ “العرصة” عندما يراه ذاهباً أو قادماً من سهرة قضاها مع أصدقائه. كان أيضاً يقول عنه “دَرِّيْسْ ومُجِدّ” عندما يراه يدرس، و”فاشل” عندما يرسب فى إحدى موادّه، و”ناجح” عندما انتقل من السنة الأولى إلى الثانية فى جامعته بصعوبة بالغة. . سليمانة لم تكن تهتمّ لتلك التفاصيل كثيراً، لكنها كانت تدرك حقيقة أن ابنها ما زال يتصرّف تصرّفات طُفُوليّة أحياناً، وأن شخصية أخته أقوى من شخصيته، لكنْ، لا يهمّ، فهي، فى الأحوال كلها، تدرك تمام الإدراك أن وَلَدَيْها لن يواجها صعوبات مستقبلية، فوالدهما لديه الكثير من العلاقات مع مسؤولين فى الدولة، ومن السهل أن يحصل الولدان على وظيفة جيّدة، إن أرادا ذلك.. وظيفة جيّدة فى الدولة هى أهمّ ما يمكن أن يطمح له شابّ بنَظَر أُمّ حسام.