الرياضة في زمن الكورونا
أحمد النجدى
في الوقت الذي قامت فيه الدولة بتعليق النشاط الرياضي والتجمعات الشبابية لمدة 15 يوما لمنع فيروس كورونا المستجد من الوصول لصناعة الرياضة والرياضيين، قامت الأندية المصرية بتعليق أغلب أنشطتها كمحاولة للحد من التجمعات البشرية ضمن إستراتيجية الدولة لمنع تفشي الفيروس داخل البلاد. كما تقوم الجهات المختصة بتطهير وتعقيم المنشآت الرياضية المختلفة.
ومصر في ذلك لا تتخذ إجراءا غريبا، فقد تم تعليق كافة الدوريات الكبرى مثل الدوري الإنجليزي والإيطالي وغيرهم. لكن يتبقى أسئلة هامة يجب أن يتم الإجابة عليها:
أول تلك الأسئلة، ماذا سنفعل بعد انتهاء فترة التعليق الأولي؟ هل سيتم استئناف النشاط الرياضي بدون جماهير أم سيستمر التعليق؟ هل سيتم تجميع الفرق كلها في أماكن محددة واستئناف الأنشطة الرياضية في أماكن محددة وقليلة لمنع وتقليل الاحتكاك بين عناصر صناعة الرياضة والعناصر الأخرى في المجتمع؟
ثاني تلك الأسئلة، ماذا لو لا قدر الله طالت الأزمة، كيف ستتمكن الاتحادات من إدارة النشاط الرياضي، وكيف سيتمكن الاتحادات والنوادي من الحفاظ علي لياقة اللاعبين وأيضا الحفاظ على المنشآت الرياضية؟
ثالث تلك الأسئلة، ماذا سنفعل بعد انحسار تلك الأزمة طالت المدة أو قصرت؟
رابع تلك الأسئلة، هل للأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني دور في ذلك؟
سأحاول بشكل مختصر ووافي الإجابة على تلك الأسئلة، لأن ذلك يحتاج إلى مجهود جمعي من عدد كبير من المعنيين بالأمر حتى نصل إلى أفضل الحلول وذلك ضمن إستراتيجية طويلة الأمد نسبيا لإدارة الأزمة.
نعم، للأحزاب ومنظمات المجتمع المدني دور في صياغة سياسات عملية واقعية لإدارة الأزمة أثناء سريانها وتمتد إلى ما بعد انحسار تلك الأزمة علي خير وفي زمن قصير بإذن الله كما نأمل. كما أن عليها دور في توعية العناصر الشبابية والرياضية (الأعضاء منهم في تلك الأحزاب والمنظمات أم لا) بكيفية مواجهة الأزمة الحالية وتدريبيهم على إدارة الأزمات وحل المشكلات الناتجة عنها.
أما ما بعد انتهاء فترة التعليق الأولي، فإن تباطؤ معدل انتشار الفيروس بإذن الله فمن الممكن أن تقام المنافسات المختلفة علي ملاعب محددة. فمثلا على سبيل المثال لا الحصر، يمكن أن تقام كل مباريات الدوري الممتاز لكرة القدم في ملاعب مثل السلام وبتروسبورت والكلية الحربية و المقاولون العرب مثلا بحيث لا تتكبد الفرق عناء السفر، وعلى الفرق تحمل ضغط المباريات المتتالية، وفي تلك الحالة يقوم اتحاد الكرة بالتعاون مع الجهات المختصة بتخفيف عبء تكاليف إقامة تلك الفرق وتوفير وسائل الرعاية والوقاية لهم، كما أن على الإتحاد المعني القيام بما يلزم نحو تطهير المنشآت الرياضية بشكل مستمر منعا لعودة الفيروس من الانتشار. وبالمثل يطبق ذلك على كافة الاتحادات.
أما إن لا قدر الله استمرت الأزمة، ففي تلك الحالة قد يكون من الصائب إنهاء المسابقات المختلفة على الوضع الحالي ويفوز من يفوز ويخسر من يخسر ويصعد من يصعد ويهبط من يهبط، فتلك ستكون خسارة ثانوية غير مهمة مقارنة بخسارة الأرواح. وستكون المنظومة الرياضية أمام اختيارات صعبة، إما الحفاظ علي سلامة اللاعبين وخسارة لياقتهم، أو الحفاظ على لياقتهم مع وجود مخاطرة على أرواحهم.
أما بعد انتهاء تلك الأزمة بإذن الله، فقد يتطلب الأمر طريقة مختلفة لإدارة الأزمات ولإدارة المنظومة الرياضية. علي سبيل المثال لا الحصر، سيكون من أوليات المنظومة الرياضية تعليم مجالس إدارات الألعاب المختلفة والنوادي كيفية إدارة الأزمات بشكل علمي، وذلك حتى لا يكون كامل العبء علي الدولة والإتحاد المعني. كما سيكون من المفيد أن يتم تقسيم المنافسة نفسها إلى مجموعات وإقامتها بشكل مجمع، كما قد يكون من الضروري ضغط الوقت اللازم بين كل مباراة وأخري.
وأخيرا، فإن هناك حاجة ماسة لأن تقوم الجهات المختلفة من أجهزة حكومية واتحادات وأندية وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني بالجلوس معا والتحاور والنقاش وذلك للخروج بأفضل طريقة لإدارة الأزمة والخروج منها بسلام وأمان بإذن الله تعالي.