ما بعد كورونا – الأحزاب و وصفة العلاج
كتب محمد عزت
رغم المجهودات العظيمة التي تبذلها مصر في مواجهة فيروس كورونا ، فإن الدولة المصرية ما زالت وحيدة في تلك المعركة رغم المجهودات العظيمة التي قامت بها و تقوم بها الحكومة المصرية بالتعاون مع الأجهزة المعنية و علي رأسها قواتنا المسلحة العظيمة .
فذلك الفيروس الذي ليس له علاج بعد و الذي ظهر في مصر يوم ١٤ فبراير الماضي ليس حالة تتفرد بها مصر ، فالفيروس الذي ظهر فى الصين في ديسمبر الماضي وصل أكثر من مائة دولة محدثا ٢٠٠ ألف إصابة و ما يقرب من ٩ آلاف حالة وفاة .
و كما وضح للكثير من الناس ، فإن الفيروس ساهم بشكل كبير في تغيير القواعد الإقتصادية و السياسية و كيفية التعامل مع حقوق الإنسان الفردية و الجماعية . فعلي السبيل الإقتصادي ، ضرب الكساد السوق العالمية و فتوقف حركة الطيران ستسبب خسائر تفوق ال١٠٠ مليار دولار ، هذا فضلا عن خسارة الأموال الواردة من قطاع السياحة و ما يستتبعه من كافة القطاعات . كما أن البترول قد هبط بشكل كبير متقربا من حاجز ال٢٤ دولارا للبرميل الواحد و كذلك الغاز مما يعني خسارة كبيرة للدول المصدرة للنفط والغاز و توفيرا كبيرا للدول المستوردة . و أخيرا و ليس آخرا ، فإن الإغلاق التام للدول مثلما هو حاصل في الصين و إيطاليا و الأردن و أوكرانيا و غيرهم قد شل الحياة الإقتصادية و مسببا قطعا للعلاقات الإجتماعية .
أنا علي الصعيد السياسي ، فيبدو أن مرور الصين بسلام من تلك الجائحة بسبب كيفية تعاملها مع الأزمة ، قد كشف سوءات الكثير من الأنظمة الصحية الأوروبية و الأمريكية و التي كنا نظنها متقدمة من نقص في الأسرة الطبية و المعدات اللازمة و الأطقم الجاهزة للتعامل مع مثل تلك الأزمات العنيفة .
أما علي سبيل حقوق الإنسان و حرياته ، فإتضح صواب نظرية أن أمن الدولة مقدم علي حرية الشخص ، فبالإضافة إلي حظر التجوال في الدول الأوروبية تم تعليق اتفاقية شنجن و منع المواطنين الأوروبيين من التنقل حتي وصل الأمر إلى منع الخروج من المنازل .
أما بالعودة إلي مصرنا الحبيبة ، و مع وجود توقعات كثيرة بإمكانية حصار الفيروس في فصل الصيف المقبل ، غاب أحد الأطراف المعنية عن التعامل مع المشهد الحالي ، و هو أحزابنا السياسية . فعلي الرغم من أن الفيروس بدأ في مصر منذ شهر تقريبا فإن الأحزاب التي وصل عددها إلي ١٠٦ حزب امتنعت عن الإدلاء بدلوها و عن القيام بواجبها مع إكتفاء قلة منها بانتقاد بعض إجراءات الحكومة و قيام قلة أخري بتوزيع كمامات و مطهرات علي المواطنين و تطهير بعض الأماكن المحدودة جدا كنوع من أنواع الظهور
الإعلامي .
و قد تناست تلك الأحزاب أن دورها أساسي جدا علي محورين رئيسيين و هما :
– التدريب و التثقيف : فكان يجب علي الأحزاب أن تقوم بتدريب المواطنين علي إجراءات الوقاية و علي رأسها النظافة الشخصية مع بيان أهميتها ، و أيضا تثقيفهم بضرورة الالتزام بتعليمات الحكومة فلا يصح أن تمنع الحكومة التجمعات بينما يقوم أحد الأحزاب بخلق تجمع جماهيري داخل أحد مراكز الشباب تحت ستار التوعية ! كما يجب علي الأحزاب أن تشرح للناس أن ليس معني تعليق الدراسة هو التجول في المولات و التكدس في مراكز الدروس الخصوصية المحرمة أصلا .
– صياغة سياسات عامة : فللأسف الشديد لم يقم أي حزب بإعلان أي خطط مقترحة منه لكيفية التعامل مع الأزمة الحالية إن طالت لا قدر الله ، و علي كيفية التعامل مع آثارها بعد التخلص من الفيروس سواء تم التخلص منه قريبا أو تم ذلك في مدي زمني أطول ، فالآثار كارثية علي كافة
المستويات .
و لكيفية القيام بذلك ، يجب على الأحزاب بداية أن تفكر كحزب سياسي يسعي للوصول إلى السلطة أو المشاركة فيها بدلا من أن تفكر كجمعية خيرية أو أهلية ، و أن تصيغ بشكل محترف حملات توعية مع شرح الأهمية السياسية للخطوات التي تقوم بها الحكومة .
الخطوة الثانية التي يجب على الأحزاب إتخاذها هو أن تضع نفسها موضع صانع القرار و تجيب علي السؤال التالي : ماذا ستفعل الأحزاب لو كانت مكان الحكومة أثناء الأزمة ؟ و بناءا على ذلك ينبغي علي الأحزاب أن تصيغ سياسات عملية و واقعية حول كيفية التعامل مع الأزمة سواء طال أمدها أو قصر .
أما الثالثة ، فيجب على الأحزاب أن تعلن عن مقترحاتها لمواجهة آثار ما بعد إنتهاء الفيروس سواء علي المستوي المحلي أو المستوى الدولي .
في تقديري الخاص ، فأثناء التعامل مع الأزمة ، فإن إجراءات الحد من التجمعات تمضي بشكل جيد ، و يجب علي الأحزاب اقتراح وسائل تمكن الحكومة أثناء تلك الأزمة من تطوير منظومتها الإلكترونية لتمكينها من أداء كافة الخدمات دون الحاجة إلى التواجد شخصيا .
و علي الصعيد العالمي ، فزيارة وزيرة الصحة إلي الصين مع إرسال مساعدات طبية كانت خطوة أكثر من ممتازة ، و أري أننا نحتاج إلي تكرار تلك الخطوة مع إيطاليا و الدول الأفريقية و ذلك لبناء علاقات إنسانية مع شعوب تلك الدول . كما أن مساعدة الدول الأفريقية في تخطي الأزمة يساهم في زيادة الترابط بين مصر و أفريقيا و يساهم في تقوية الدور المصري هناك مما يساعدنا في قضايا كثيرة كسد النهضة و التنمية المستدامة .
و يمكن للأحزاب المساهمة في ذلك بالعديد من الوسائل المختلفة .
أما ما بعد إنتهاء الأزمة باذن الله ، فيجب علي الأحزاب أن تعلن عن مقترحاتها لتنشيط القطاعات المتضررة و علي رأسها قطاعي السياحة و الغاز ، فتضررهم معناه فقد مصر لموارد مالية كانت تحتاجها . فضلا خطط لكيفية الإستفادة من إنخفاض سعر البترول مما يساهم في تقليص العجز في الموازنة العامة . و أخيرا علي الأحزاب إقتراح كيفية إستغلال إرتفاع حالة الوعي الصحي و جعل تلك الحالة دائمة و مستدامة .