آراء وتحليلات

اللصوص مقامات

 

كتب الإعلامي: محمد عبد المعز حميد

يعرف قانون العقوبات السرقة بأنها أخذ مال الغير دون رضاه، مسكين قانون العقوبات فهو لايدرك أن أنواعا جديدة من السرقات أبتكرت مع التقدم في فنون اللصوصية والحرمنة، ذلك أن أحدث وأخطر جرائم السرقة ليس فقط أن تأخذ أموال الأخرين دون علمهم ، ولكن حين يستغرق أحد البارعين ومن من يمتلكون موهبة التخطيط والمحاضرة وتزييف الحقائق في محاولة للسيطرة على تكميم أفواه الشهود على الجريمة ، فإنه فشل في تحسين صورته أولاً ، ويعتبر كل من ساند وخطط وأخفى يعد شريكاً في الجريمة. فيعتقد أنه قد أخفى جريمته كما تتطاير فقاعات الصابون في الهواء.

السرقة يا عزيزي ليست فقط أخذ مال الغير دون رضاه وإنما هي أيضاً المواجهة المضللة والتي من شأنها تسمح لصغار لصوصها أن يلعبوا دور المظلوم والا ينطقون الا مايؤذن لهم، أليست هذه عملية سرقة للحقيقة عن سابق أصرار، أن سرقة الحقيقة أخطر بكثير من سرقة المال، فالحقيقة هي نور الشمس المملوك على الشيوع لكل الناس بالتساوي وهنا تكون مصادرة الحقيقية عن أصحاب الحق سرقة ضخمة تتطلب العقاب، وإذا كان قانون العقوبات يعتبر أرتكاب السرقة ظرفاً يتطلب العقوبة فان إخفاء الحقيقة عن أصحاب الحق بمثابة تهيئة لجريمة أكبر وربما كارثة ليتمكن اللص فيما بعد من سرقة أكبر وربما أخطر عليه وعلى أسرته من أي أحد أخر. ولكن لايوجد في قانون العقوبات ما يعتبر سرقة الحقيقية وإخفائها جريمة بل يعتبرها كنوع من الحق في الدفاع عن النفس وربما تكون هي السر في الخروج من الأزمة.

وفي الوقت الذي فيه كل المؤشرات والدلائل تشير وتؤكد تورط اللص ومشاركة حلفائه في جريمته ستجد محاولاتهم المستمرة في تغيير مسار الحقائق والتعتيم على الواقعة وهي محاولة فاشلة بغرض قلب الطاولة، ولكنها لم تحقق مكاسب دفاعية في النهاية.

هذا نموذج من جرائم سرقة يجهلها قانون العقوبات ويعجز القانون وربما أصحاب الحق عن ملاحقتها، فالأمر يشبه تماماً ذلك السارق الذي أقدم على سرقة مبلغ من المال من حقيبة شخصية وجاء أحد المدافعين والتي تتوافر لديه مهارات المحامي فيعتقد أنه قد منح اللص البراءة في جريمة مكتملة الأركان. .. ولكن هيهات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *