آراء وتحليلات

حديث عن سيناء (٣)

حقا لقد كان مشهدا مهيبا

صباح الخير ياوطنى كل عام وطنى العظيم بالف خير ومنتصر دوما بعزة وكرامة بمناسبة اغلى ذكرى فى تاريخ مصر الحديث وهى ذكرى عودة سينا ورفع العلم المصرى على بوابة مصر الشرقية فى ٢٥ ابريل 1982. فى الحقيقة إن هذا اليوم يمثل بالنسبة لى اشراقة بوم عظيم فى حياتى ونقطة فارقة لها تأثيرها وترك بصاماتة على شخصيتى وكافة أبناء جيلى ممن عايشوا هذا الحدث ، عشت هذه المرحلة وكان لى شرف أن أكون من ضمن أول قافلة إعلامية تدخل الارض المحررة فى صباح ذلك ، كان أول تكليف لى بعد تخرجى مباشرة شرفت أن اكون فى هذة القافلة الاعلامية التى قادت قول سيارات دخول الأرض المحررة ذكرياتى لهذا اليوم محملة بزخم غنى من الذكريات الرائعة يحمل فى طياتة ذاكرة حب عميق لتراب مصر الغالى وإحتضان الوطن الذى عاد بعد سنوات مريرة من إحتلال بغيض ، ومن هنا سوف ابدأ الحكاية ،
في 26 مارس 1979، وقعت مصر وإسرائيل معاهدة السلام ونصت على إنهاء حالة الحرب بين الطرفين وإقامة سلام بينهما، وانسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية والمدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب، على أن تستأنف مصر سيادتها الكاملة على أرض سيناء.
نصت بنود معاهد السلام على وضع جدول زمني وخطة لعملية انسحاب إسرائيل من سيناء، حيث قسمت خطة الانسحاب إلى مناطق جغرافية مقرونة بمراحل زمنية
فشهد صباح يوم 26 من مايو 1979تنفيذ المرحلة الاولى من ا/لإنسحاب حيث رفع الرئيس السادات العلم المصري على مدينة العريش وانسحاب إسرائيل من خط العريش / رأس محمد وكان ذلك بدء تنفيذ اتفاقية السلام ، ثم تلتها المرحلة الثانية فى 26 يوليو 1979 للإإنسحاب الإسرائيلي من سيناء (مساحة 6 آلاف كيلومتر مربع ) التى شملت من أبوزنيبة حتى أبو خربة ، وفي 19 نوفمبر 1979: تم تسليم وثيقة تولي محافظة جنوب سيناء سلطاتها من القوات المسلحة المصرية بعد أداء واجبها وتحرير الأرض وتحقيق السلام ، وفي 19 نوفمبر1979 تم الإنسحاب الإسرائيلي من منطقة سانت كاترين ووادي الطور،
– وفي 25‏ إبريل‏ 1982‏، تم رفع العلم المصري على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوب سيناء واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من سيناء بعد احتلال دام 15 عاماً، وإعلان هذا اليوم عيداً قومياً مصرياً في ذكرى تحرير كل شبر من سيناء فيما عدا الجزء الأخير ممثلاً في مشكلة طابا التي أوجدتها إسرائيل في آخر أيام إنسحابها من سيناء والذى تطلب جهود دولية ومعركة دبلوماسية إستمرت 7سنوات حتى تم تسليم مثلث طابا فى 19مارس 1989م .
وكما أشرت أن يوم ٢٥ ابريل 1982م يمثل بالنسبة لى إشراقة يوم عظيم فى حياتى عشت هذه المرحلة وكان لى شرف انى اكون من ضمن اول قافلة اعلامية تدخل الارض المحررة فى صباح ذلك كان اول تكليف لى بعد تخرجى وتعينى بمركز إعلام العريش مباشرة هو أن أكون فى هذة القافلة الإعلامية ،
ذكرياتى لهذا اليوم محملة بزخم رائع من الذكريات التى تلمس شغاف القلب والوجدان ، تحمل فى طياتها مخزون حب عميق لتراب مصر الغالى ، الذى يعادل الحياة ذاتها ، أتذكر هذه الذكريات وكانها حاضرة اليوم ، فقد أخذت إهتمام وجهد عالى جدا من قبل كافة أجهزة الدولة ، التى كانت حاضرة على أرض سيناء بقوة ، حيث الاعداد والتجهيز لهذه المناسبة العظيمة قبلها بفترة طويلة ،
كان من حسن الطالع ان حظيت وكل ابناء دفعتى من ابناء سيناء بقرار خاص بالتعيين بعد التخرج فورا ، بتوجيهات السيد الرئيس ميباشرة ، من منطلق قناعته وحرصة علىى ان يشارك ابناء سيناء من شباب الخريجين للمساهمة فى بناء اسس التنمية على أرض سيناء وتعويض سنوات الإحتلال بمزيد من الدفعات القوية للتنمية فى كافة المجالات ،
والحمد لله تنحقق حلمى فى أن اشارك فى رسم الخريطة الإعلامية على أرض سيناء ، حيث بدأنا العمل الميدانى بتأسيس المركز الصحفى لتسهيل مهمة الزملاء الصحفيين سواء على المستوى المحلى والقومى والعالمى ، واتذكر اننا فى ليلة 25ابريل 82 لم ننم حيث قمنا بعمل كافة التجهيزات الخاصة بتوفير أحدث أجهزة وقنوات الاتصال الخارجية والداخلية التى تم تدعيم المركز الصحفى بها ،
وفى فجر 25ابريل كان إفتتاح المركزالصحفى من قبل اللواء يوسف صبرى ابو طالب محافظ شمال سيناء حينها ، وأتذكر أن أول إتصال أجراه كان مع نجلة الطبيب الذى كان يدرس الدكتوراه فى امريكا ، وأصر أن يقوم بدفع التكلفة ، لكنا اخبرناه أن خدمة المركز الصحفى هذه هى هدية مقدمة من الهيئة العامة للإستعلامات بمناسبة تحرير سيناء ، وهى متاحة لكل المسؤليين والصحفيين والمراسليين طيلة فترة الإحتفالات لتغطية الأحدات ،
وبعد إجراء مراسم الإفتتاح ، تجمعت قافلة سيارات دخول الارض المحررة حيث طلب منا اللواء يوسف صبرى ابوطالب أن تكون عربة مركز اعلام العريش هى من تقود القافلة الاعلامية لدخول الارض المحررة برغم وجود كافة أجهزة ووسائل الاعلام الوطنية من تلفزيون وقنوات وصحف قومية ودولية ، لكن كانت توجيهاته أن نقود نحن شباب الاعلام من ابناء سيناء على رأس القافلة ،
إنطلقت سياراتنا الإعلامية المكسوة بالإعلام المصرية المزودة بإذاعة متجولة والتى جهزت خصيصا لهذه المناسبة حيث كنا نقودها بفرحة عظيمة وكنا نرتب فقرات لبث الاغنيات والاناشيد الوطنية وفقرات اخرى من كلماتنا للترحيب بالضيوف وعرض المعلومات عن كل المناطق المحررة التى كنا ندخلها ، حيث أنطلقت سياراتنا ثقود قافلة إستلام الأرض المحررة من خط الفصل الذى كان شرق مدينة العريش حيث حى الريسة ومنطقة المغسلة وشهدنا الاعلام الاسرائلية التى كانت تتهاوى وقوات الإحتلال تنسحب وهى ذليلة وأصوات صراخ وأنين المستوطنينن وهم يحبرون على الرحيل وحرق المستعمرات التى كانت قد أقامتها سلطات الاحتلال مثل مستوطنة ياميت ، حيث يرتفع العلم المصرى مرفرفا محتضنا لتراب الوطن الغالى ، كنا نشارك ونتوقف لرفع الاعلام المصرية على كل المدن والقرى التى كنا نمر بها حيث كان الاهالى يستقبلوننا بالورود والاحضان يريددون معنا الاغانى الوطنية والرقصات الشعبية المحلية ،ويقبلون الاعلام ويلفون بها أنفسهم بها ، فمن حى الريسة ثم قرى السكاسكة ثم الطويل ثم قبرعمير ثم الشلاق ثم مستوطنة ياميت فمدينة الشيخ زويد ، ثم قرية ابو طويلة ثم الماسورة الى أن وصلنا الى مدينة رفح ثم بوابة صلاح الدين حتى خط الفصل بين مدينة رفح المصرية ومدينة رفح الفلسطينية حيث ميدان النصر ومراسم رفع العلم المصرى على التراب المصرى ،انه مشهد من عديد من المشاهد العطيمة التى عشناها فى ذلك اليوم ، حقا لقد كان مشهد مهيبا ، ويوما عظيما ،
إنه يوم 24 ابريل 1982 يوم إحتضان الوطن
——————————-
خالص تحياتى
سهام عزالدين جبريل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *