من هم “المعتزلة” ومتى ظهروا وهل كفرهم أهل السنة والجماعة؟
عرف التاريخ الإسلامى على مر العصور العديد من التيارات والفرق الكلامية أبرزها كانت “المعتزلة” الذين عرفوا بتغليبهم العقل على النقل، وقالوا بالفكر قبل السمع، ورفضوا الأحاديث التى لا يقرها العقل حسب وصفهم، وقالوا بوجوب معرفة الله بالعقل ولو لم يرد شرع بذلك.
والمعتزلة فرقة إسلامية تنتسب إلى واصل بن عطاء، تميزت بتقديم العقل على النقل، وبالأصول الخمسة التى تعتبر قاسما مشتركا بين جميع فرقها، من أسمائها القدرية والوعيدية والعدلية، سموا معتزلة لاعتزال مؤسسها مجلس الحسن البصري بعد خلافه معه حول حكم الفاسق.
وبحسب دراسة بعنوان “المعتزلة” للدكتور مصطفى حلمى، تكاد تجمع المصادر التاريخية وكتب الفرق على أن نشأة مذهب الاعتزال ترجع إلى اختلاف واصل بن عطاء مع شيخه الحسن البصرى (110هـ) في الحكم على مرتكب الكبيرة، واعتزاله مجلسه لهذا السبب، فيما عدا هذه الرواية الشهيرة فإن الملطى – توفي سنة (377) – يعود بنشأة المعتزلة إلى أيام تنازل الحسن بن على عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان، لأنهم كانوا من أصحاب على فاعتزلوا الناس ولزموا البيت والمساجد قائلين “نشتغل بالعلم والعبادة فسموا بذلك المعتزلة”.. والأرجح الرواية الأولى.
ومن أشهر الأقوال فى هذا الإطار ما يرويه الشهرستانى أن واصل بن عطاء تلميذ الحسن البصرى اعتزل مجلس الأخير حين اختلف معه فى مسألة مرتكب الكبيرة من المسلمين، وأنه ليس بمؤمن ولا كافر بل هو فى منزلة بين المنزلتين، حيث قال الحسن البصرى تعليقًا على انفصال ابن عطاء عن حلقته “اعتزل عنا واصل”، وهنا بحسب هذا القول جاء اسم المعتزلة.
في المقابل، يعترض المستشرق السويدى هنريك صمويل نيبرج على هذا التفسير التاريخي لاسم المعتزلة، وقد أورد المؤرخ الشهير المسعودى أن أصل كلمة “اعتزال” هو القول بالمنزلة بين المنزلتين، أى باعتزال صاحب الكبيرة عن المؤمنين والكافرين، إذ جاء المصطلح من طبيعة المعتقد نفسه كالمرجئة الذين بالغوا فى الرجاء أو أرجؤوا العمل، والرافضة الذين قالوا برفض خلافة أبى بكر وعمر.
ويميل المفكر المصري أحمد أمين إلى أن هذا الاسم جاء من إطلاق بعض اليهود الذين اعتنقوا الإسلام، بسبب الفرقة اليهودية التى ظهرت بعد السبى البابلى والمعروفة بـ”الفروشيم”، وهى كلمة عبرية يردافها بالعربية اسم “المعتزلة”، وكانت تنفى القدر كالمعتزلة وتؤمن بأن الله ليس هو خالق أفعال البشر.
ومن أقوال المعتزلة نفى الصفات وخلق القرآن، ومعنى هذا أن الصفة مجرد قول نطلقه للدلالة على الموصوف، وليس معنى ثابت حقيقى، وعدم رؤية الله بالأبصار فى الآخرة، وحكم الفاسق فى الدنيا ليس بمؤمن ولا بكافر، لا خلاف بين المعتزلة وخصومهم من الفرق الإسلامية على أنه الله تعالى متكلم وأن له كلاماً وأن القرآن كلامه، لكن الخلاف حول معنى الكلام وحقيقة المتكلم وهل القرآن مخلوق حادث أم غير مخلوق؟
ويرى كثير من علماء المسلمين، أن المعتزلة تأثرت بكتب الفلاسفة وآرائهم فقدمت المعقول على المنقول فى فهم العقيدة، وابتلوا الناس بعقائدهم بقوة السلطان فضلوا وأضلوا ومن أسمائها: القدرية، والعدلية، والمقتصدة، والوعيدية، وقال ابن تيمية فى مجموع الفتاوى: أصولهم – يعني المعتزلة – خمسة يسمونها التوحيد والعدل والمنزلة بين المنزلتين وإنفاذ الوعيد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.