أبيض×أسود.. عزيزة أمير صانعة السينما المصرية التى رحلت قبل مشاهدة فيلمها الأخير
نشأت السينما على يديها حيث ضحت بأموالها وجهدها ووقتها من أجل هذا الوليد الجديد الذى راعته واعتنت به، فقد كانت تملك الجرأة والشجاعة ما جعلها تخطو هذه الخطوة الغامضة، ورغم الانتقادات التى وجهت إليها لم تهتز ثقتها، هى عزيزة أمير، التى فتحت مجال العمل للمرأة والرجال فى هذا المجال دون خوف، ونستعرض لمحة من حياتها عبر كتاب “أبيض وأسود” للكتاب أشرف بيدس.
عزيزة أمير
عزيزة أمير، أول رائدة سينمائية فى الشرق والغرب، فهى من قال عنها العملاق طلعت حرب :” إن ما فعلته عزيزة أمير لم يفعله الرجال” فاستحقت بحق لقب “أم السينما المصرية”.
أخذت عزيزة أمير على عاتقها النهوض بهذه الصناعة الوليدة والتشجيع على خوضها وخصوصًا الفتيات وفك القيود التى كبلتها عبر عصور التخلف والنسيان، وفى ذلك تقول “سأعمل على فتح الباب لبنات الأسر الراقية واشجعهن على هذا العمل بقدر ما استطيع”، ولم تنحسر قضيتها فى حدود انثوية شيقة، إنما حاولت أن تكون أكثر شمولية، وسعت لتوفير الأيدى العاملة من المصريين الرجال.
عزيزة أمير
وكانت تقول عزيزة أمير “لا استعين بالأجانب إلا فى الأعمال التى لا يتقنها المصريون، وسأعمل على تعليهم هذه الأعمال وتدريبهم عليها حتى يستطيعوا أن يخدموا البلاد من هذه الناحية ويقوموا بما يقوم به الأجانب الآن، وأؤكد أن فيلمى المقبل “بنت النيل” سيكون من أول لقطة فيه إلى أن يعرض مصنوعًا بأيد مصرية وأموال مصرية”.
التحقت مفيدة محمد غنيم “19 ديسمبر 1901/ 28 فبراير 1952م”، بفرقة يوسف وهبى الذى أسند لها دورًا فى مسرحية “الجاه المزيف” واختار لها اسم “عزيزة أمير”، وانتقلت بعد ذلك لفرقة التمثيل العربى والتى قدمت معها “ليون الأفريقى، إحسان بيك، المجاهدون، فرانسيسكو، الشرف اليابانى”، وتوجهت بعد ذلك لفرقة نجيب الريحانى وقدمت مسرحية “أولاد الذوات”.
عزيزة أمير
بدأت عزيزة أمير التفكير فى فيلمًا لها ووقع اختيارها على المخرج التركى “وداد عرفى” ليكتب ويخرج لها الفيلم، والذى كان يحمل اسم “نداء الله”، وحتى تضمن انجاز الفيلم فى فترة قصيرة عقدت معه اتفاقًا خصصت بمقتضاه حجرة فى فيلتها كى يقيم بها شاملة الوجبات الثلاثة.
ولكن المخرج على حد قول عزيزة أمير افسد الفيلم بسبب فشله فى الإخراج، وحينها لجأت إلى الفنان استيفان روستى وأحمد جلال لإصلاح ما أفسده المخرج التركى، وبالفعل تم إنجاز الفيلم وتغير اسمه ليصبح “ليلى” أول فيلم صامت فى تاريخ السينما المصرية، والذى نجح ناجحا باهرا وحقق إيرادات مرتفعة تفوق تكاليفه.
وتأتى التجربة الثانية فى فيلم “بنت النيل”، عام 1929م، والذى كتبه محمد عبد القدوس، كأول كاتب مصرى لفيلم سينمائى، ونجح أيضًا نجاحًا كبيرًا.
مشوار عزيزة أمير الفنى امتدت إلى 28 عامًا قدمت من خلاله 25 فيلمًا منها “بياعة التفاح، ابن البلد، ليلة الفرح، ابنتى، الفلوس، شمعة تحترق” وغيرها الكثير، كما أنها اقتحمت عالم الكتابة وشاركت محمود ذو الفقار “الورشة 1940 ـ عودة طاقية الإخفاء 1946 ـ خدعنى أبى 1951″، وقامت بإخراج فيلم “كفرى عن خطيئتك 1933”.
عزيزة أمير
توقفت عزيزة أمير عن الإنتاج لمدة 3 سنوات ولكنها عادت من جديد فى عام 1936م وشاركت الفنان الراحل نجيب الريحانى فيلم “بسلامته عوز يتجوز”.
لم يمهلها القدر لترى آخر أفلامها “آمنت بالله” 1952م، فقد فارقت الحياة قبل عرضه، ولكنها دائما ستبقى فى ذاكرة السينما المصرية.