الأدب
قرأت لك.. “المجرات” هل ينتهى العالم عن طريق “الانسحاق العظيم” أم موت النجوم؟
نقرأ معا كتاب “المجرَّات: مقدمة قصيرة جدًّا” تأليف جون جريبين، ترجمة محمد فتحى خضر، والصادر عن مؤسسة هنداوى.
في هذا الكتاب يأخذنا الكاتب العلمى الشهير جون جريبين في رحلة حول الكون، نشاهد فيها المجرَّات بداية من المجرات الحلزونية المهيبة — مثل مجرتنا درب التبانة — والبقايا المهلهلة للتصادمات المجرِّيَّة الهائلة، والمجرات النَّشِطة التي تنفث تياراتٍ من الإشعاع في الفضاء، إلى تلك المجرات التي تمكَّنَّا من رصدها بالكاد في أقصى حدود المكان والزمن.
إن المجرات ليست بنًى فلكية رائعة في حدِّ ذاتها فحسب، بل إن دراستها كشفت لنا الكثيرَ ممَّا نعرفه عن الكون اليوم، مانحةً إيَّانا نافذةً نطل منها على “الانفجار العظيم” وأصلِ الكون، وفي هذا الكتاب يستعرض جريبين مجرَّتَنا — درب التبانة — بالتفصيل، بدايةً من الأنواع المختلفة من النجوم التي تُولَد داخلها، إلى منشأ بنيتها الحلزونية المدهشة.
وتحت عنوان “مصير المجرات” يقول الكتاب، يعتمد مصير المجرَّات على مصير الكون، هناك ثلاثة سيناريوهات أساسية يجب تدبُّرها، ومع أن المنظِّرين خرجوا علينا بالعديد من التنويعات على هذه الأفكار الأساسية، فإن هذه الفروق الدقيقة لا تغيِّر على نحو جذرى من الاحتمالات الثلاثة لمصير المجرَّات.
الاحتمال الأول هو أن الكون سيواصل تمدُّده بالطريقة عينها تقريبًا التي يتمدَّد بها اليوم، بتسارعٍ ثابت، وتؤيِّد الإحصائيات الخاصة بالمشاهدات المتاحة في الوقت الحاضر هذا الاحتمال، لكن ليس على نحو حاسم بما يكفي لاستبعاد الخيارَيْن الآخَرين.
الاحتمال الثانى هو أن معدل التمدد نفسه سيتسارع، أما الاحتمال الثالث فهو أن التسارع سينقلب إلى تباطؤ في نقطةٍ ما في المستقبل القريب؛ ومن ثَمَّ سينهار الكون في “انسحاق عظيم” هو النسخة المعكوسة زمنيًّا للانفجار العظيم.
كل هذه السيناريوهات محض تكهُّنات، وحين ننظر إلى الإطار الزمنى المعني فما من جدوى للحديث إلا باستخدام أرقام تقريبية، وبذا نبدأ بالعمر الحالي للكون وقد تمَّ تقريبه إلى 10 مليارات عام.
أيضًا نحن نعرف القليل جدًّا عن طبيعة المادة المظلمة، لدرجة أنه من العسير حتى التكهُّن بما قد يحدث لها في المستقبل البعيد، ومن ثَمَّ سأركِّز على مصير الباريونات، الجسيمات العادية التي نتكوَّن نحن أنفسنا منها.
إذا استمر تمدُّد الكون لوقتٍ طويلٍ بما يكفى، فسيستنفد في نهاية المطاف كلَّ ما هو متاح من غاز وغبار، وستتوقَّف عملية تكوُّن النجوم، وقد خلص الفلكيون، من واقع دراسات تاريخ عملية تكوُّن النجوم في المجرَّات القريبة، ومن المعدل الذي تتكوَّن به النجوم في مجرَّتنا اليوم؛ إلى أن هذا سيحدث في غضون تريليون عام من الآن، حين يكون الكون أكبر عمرًا بمائة مرة ممَّا هو عليه الآن، ستصير المجرَّات المنفردة أكثر احمرارًا وخفوتًا بينما تخبو نجومها وتبرد، وستُحمَل العناقيد المجرية بعيدًا، بحيث يكون من المستحيل على أيِّ فلكيين في ذلك الوقت النظر عبر الكون ورؤية أي شيء خارج العنقود المجرِّي الذي يُوجَدون به، ومع موت النجوم داخل كل مجرَّة، سينتهي بها المآل إلى حالة واحدة من ثلاثٍ: فالنجوم ذات الكتلة القريبة من كتلة شمسنا أو الأقل منها ستخبو ببساطة إلى جمرات تُسمَّى «الأقزام البيضاء»، وهي كتلٌ من المادة النجمية تحتوي من المادة على مقدار ما تحتويه الشمس في كرة تماثل كوكب الأرض حجمًا.
أما النجوم التي تُنهِي حياتها بكتلة تزيد قليلًا عن هذا، فستنكمش بدرجة أكبر، مكوِّنةً كراتٍ مضغوطة بحيث تحتشد كتلتها التي تقارب كتلة الشمس في حيِّزٍ يماثل قمةَ جبل إفرست، مثال ذلك النجوم النيوترونية التي تماثِل كتلتُها كتلةَ نواة الذرة.
أما إذا كان النجم يتمتع بكتلة أكبر عند موته، أو إذا اكتسب النجم النيوتروني ما يكفي من المادة من المنطقة المحيطة به، فسينهار بحيث يصير ثقبًا أسود.