الأدب
قرأت لك.. كتاب “الإرادة الحرة” هل نحن مسيرون أم مخيرون؟
نقرأ معا كتاب “الإرادة الحرة: مقدمة قصيرة جدًّا” لـ توماس بينك، ترجمة ياسر حسن، مراجعة ضياء ورَّاد، والصادر عن مؤسسة “هنداوى” ويرى الكتاب أنه فى كل يوم من حياتنا، نتخذ كافة أنواع الخيارات الحرة ونتصرف بناء عليها، بعضها عديم الأهمية، وبعضها الآخر يكون له من التبعات ما يجعله قد يغير مسارَ حياتنا، ولكن هل هذه الخيارات حرة حقا أم أننا مسيَّرون للتصرف على النحو الذى نتصرَّف عليه بفعل عوامل تتجاوز نطاق سيطرتنا؟ هل الشعور أنه كان بإمكاننا اتخاذ قرارات مختلفة ما هو إلا وهم؟ وإذا كانت خياراتنا غير حرَّة، فهل من المنطقي في هذه الحالة أن يتحمل البشر المسئولية الأخلاقية عن أفعالهم؟
الاراده الحرة
يُلقي الكتاب الضوءَ على مجموعة من القضايا التى تكتنف هذا السؤال الفلسفى الجوهرى، ويعرضُ توماس بينك متبحرا في مشكلة الإرادة الحرة خلال أفكار الفلاسفة اليونانيين وفلاسفة العصور الوسطى حتى مفكري عصرنا هذا، ويقدم دفاعًا جديدًا عن حقيقة الإرادة الحرة الإنسانية.
إن القرارات التى نتخذها والطريقة التي نتخذ بها القرارات هى بلا شك من صنعنا، فالقرار ليس مجرد حدث يجرى دون تفكير وينتابنا مثل المشاعر، إنه أمر نقتنع به اقتناعًا عميقًا فى حياتنا اليومية، ولكن هذا الاقتناع لا يعتمد على أى اعتقاد بأننا مدفوعون إلى اتخاذ القرارات كما يحدث فى حالة الرغبات، هب أنى أقرر بالفعل أن أقوم بأمر ما، وأنني أتخذ هذا القرار دون وجود أية رغبة سابقة دفعتني إلى اتخاذ هذا القرار.
على أى مستوًى، لا يوجد دليل مستقل على وجود أى رغبة من هذا القبيل، ألا يمكن أن يظل اتخاذى لهذا القرار بعينه هو من صنيعى المقصود والمتعمد؟ هل ينبغى أن يقودنى الغياب الواضح لأى رغبة تدفعنى لاتخاذ هذا القرار أو أى قرار إلى التشكك فى كونِ هذا القرار من صنيعى، القرار المتَّخذ بشكل متعمد تمامًا؟ إن الشك المبنى على ذاك الأساس يبدو عبثيًّا، ووجود مثل هذه الرغبة يبدو أمرًا غير ضرورى بالمرة لاعتقادى أن قراراتى هى من صنيعى، إن قراراتى هى أفعالى الخاصة لا لسبب إلا لأنها قراراتى الخاصة، وليست بسبب أية مسببات مسبقة قد تكون لها.
إذا كان هذا الأمر صحيحًا، فالقرارات تصبح أفعالًا من خلال كونها نوعًا من الأحداث النفسية فى حد ذاتها، سواء أكانت تحدث بسبب الرغبات أم لا، ولكن كيف يكون هذا الأمر ممكنًا؟
ما الذى ينطوى عليه الفعل؟ لقد زعمت أن الأمر الوحيد الذي يتضمنه الفعل، والذى يجعله فعلًا أصيلًا، هو الغائية، فأن تقوم بأشياء من أجل قصد ما، كوسيلة للوصول إلى غاية، هو أن تكون منخرطًا فى فعل، وأي فعل أصيل يكون مفهومًا بوصفه أمرًا تم القيام به من أجل الوصول لغاية ما، فمن أين إذن تأتى الغائية؟