قضاة الإسلام.. “أبو يعلى” شيخ الحنابلة أصر أن يكمل الطريق على درب أبيه
عرف بعالم العراق في وقته، وذلك لمعرفة وعلمه الشديد بعلوم القرآن والتفسير، بالإضافة إلى براعته في علم الفقه وسائر علوم الدين، والده كان من أحد أعيان الحنفية ومن شهود الحضرة، تولى منصب الضاء في حران وحلوان، كما إجادته تلاوة القرأن الكريم بالقراءات العشر ، وكان ذا عبادة وتهجد وزهد في الدنيا، كما كان متعففا صاحب عزة نفس قدرته كبير شديد الورع.
بعد مجيء الإسلام، وبعد أن مكن الله لهذا الدين، كان لازما وحتما أن يكون لهذا الدين نظام اجتماعى عادل يحتكم إليه المجتمع، ويحتمى به من بطش الظالمين والمعتدين، فكان ثمرة الإسلام غلغل العدل فى نفوسهم فأظهروه فى أحكامهم، وفقهوا واقع الناس وملابسات الحوادث فأسهموا فى إعادة الحقوق إلى أصحابها فى أقرب وقت، فهم نماذج مضيئة لقضاة اليوم من أبناء الإسلام فى أى مكان، وعليهم الأخذ بسننهم والاقتداء بأحكامهم، ليتحقق العدل على أيديهم، ويسود الأمن والأمان للناس فى وجودهم، وتسعد الدنيا بهم.
من بين هؤلاء القاضي الإمام العلامة ، شيخ الحنابلة ، القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد البغدادي ، الحنبلي ، ابن الفراء ، صاحب التعليقة الكبرى ، والتصانيف المفيدة في المذهب، ولد في أول سنة 380 هجريا، أفتى ودرس ، وانتهت إليه الإمامة في الفقه.
مات والد القاضي ” أبي يعلى ” وهو في سن الــ10 أعوام، فتولى تعليمه وتفقيه ” مختصر ” الخرقي ، وتحول إلى حلقة أبي عبد الله بن حامد شيخ الحنابلة ، فصحبه أعواما ، وبرع في الفقه عنده ، وتصدر بأمره للإفادة سنة 402 هجريا ، وأول سماعه من علي بن معروف في سنة 385 .
تولي القاضي ” أبو يعلى ” منصب القضاء بدار الخلافة والحريم ، مع قضاء حران وحلوان، حيث برع في تلاوة القرأن الكريم بالقراءات العشر ، وكان ذا عبادة وتهجد، إلا أنه لم تكن قوة علمه في علم الحديث كعلمه وبراعته في تلاوة قرأة القرأن بالتلاوات العشر أو الفقه الذى تعلمه.
ألف كتاب ” أحكام القرآن ” ، و ” مسائل الإيمان ” ، و ” المعتمد ” ; ومختصره ، و ” المقتبس ” ، و ” عيون المسائل ” ، و ” الرد على الكرامية ” ، و ” الرد على السالمية والمجسمة ” ، و ” الرد على الجهمية ” ، و ” الكلام في الاستواء ” ، و ” العدة ” في أصول الفقه ومختصرها ، و ” فضائل أحمد ” ، وكتاب ” الطب ” ، وتواليف كثيرة سقتها في ” تاريخ الإسلام ” .
توفي القاضي ” أبو يعلى ” في عام 458 هجريا، بعد أن قضا عمره في جمع العلم، وعمله في منصب القضاء لإعلاء راية الحق، وإنصاف المظلومين وإعادة حقوقهم من الجائرين عليهم دون وجه حق.