الأدب
لماذا جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر؟.. فرنسا طرحت الفكرة قبل التنفيذ بـ 11 سنة
تمر اليوم ذكرى وصول الحملة الفرنسية إلى ميناء “تولون” متجهة ناحية مصر فى 15 مايو من عام 1798، وبعد كل هذه السنوات الطويلة، لا تزال هذه الحملة تحمل أسرارها، ولا يزال الاختلاف حولها كبيرا، حتى أسئلتها الأولى مثل: لماذا جاءت الحملة إلى مصر؟ لا يزال يستحق الطرح.
في وقت الحملة، كانت السلطة التنفيذية في فرنسا ملكا لحكومة الإدارة وكانت الحكومة تلجأ للجيش للوقوف أمام نادى اليعاقبة والأخطار الملكية الأخرى، مع الاعتماد بصورة رئيسية على نابليون بونابرت، الذى كان يعد قائدا ناجحا حينها، بعد الانتصار فى الحملة الإيطالية.
كانت فكرة السيطرة على مصر وجعلها مستعمرة فرنسية تحت النقاش منذ قام البارون دو توت بمهمة سرية إلى بلاد الشام في 1777، لفحص الجدوى، كان تقرير البارون إيجابيا، لكن لم يتم اتخاذ أي خطوات من قبل فرنسا حينها، أصبحت مصر محل نقاش بعد ذلك بين شارل تاليران ونابليون، وفي 1798، قدم نابليون اقتراحا إلى حكومة المديرين بالقيام بحملة للسيطرة على مصر، بهدف “الحفاظ على المصالح الفرنسية”، وتقليل قدرة بريطانيا على الوصول إلى الهند وإلحاق الضرر بتجارتها، وذلك بسبب موقع مصر الجيد بين خطوط التجارة، وأراد بونابرت تأسيس مستعمرة فرنسية في مصر، سعيا في نهاية المطاف للارتباط بحليف فرنسا السلطان تيبو في مملكة ميسور، بما إن فرنسا لم تكن مجهزة لهجوم مباشر على بريطانيا العظمى.
و قررت حكومة المديرين التدخل بصورة غير مباشرة، وعمل ميناء مزدوج يصل بين البحرين الأحمر والمتوسط (وهو ما سيتم تطبيقه في القرن العشرين عن طريق قناة السويس).
في هذا الوقت، كانت مصر ولاية عثمانية منذ 1517، ولكن لم تكن حينها تحت السيطرة المباشرة للعثمانيين، حيث كان يحكمها المماليك، وكان بينهم نزاعات على السلطة.
فى فرنسا، كانت “الموضة المصرية” رائجة، حيث شاع الاعتقاد بين المفكرين أن مصر هي مهد الثقافة الغربية، وكان تجار فرنسا في مصر يشتكون من معاملة المماليك لهم، كما كان نابليون يريد أن يسير على خطى الإسكندر الأكبر.
وأكد نابليون للحكومة الفرنسية أنه بمجرد السيطرة على مصر، سيقوم بالتحالف مع الأمراء الهنود والهجوم على بريطانيا العظمى في مستعمراتها، وفقا لتقرير قدمه تاليران في 13 فبراير 1798، جاء فيه:
«بمجرد السيطرة على مصر وتحصينها، سنقوم بإرسال 15 ألف جندي من السويس إلى مملكة تيسور لمساعدة السلطان تيبو في القضاء على الوجود البريطاني في الهند”
وافقت حكومة المديرين على الخطة في مارس 1798، على الرغم من عدم الاقتناع التام بكلفتها ونطاقها، ويقال أن أحد الدوافع السرية هي أنهم أرادوا إبعاد نابليون الشعبي وشديد الطموح عن مركز السلطة.
وقبل الرحيل من طولون انتشرت الشائعات حيث تم تجميع 40 ألف جندى و10 آلاف بحار في موانئ فرنسا المطلة على البحر المتوسط، وتم تجميع أسطول كبير فى تولون: 13 سفينة خط، 14 فرقاطة و400 ناقلة. لتجنب مواجهة الأسطول الإنجليزي تحت قيادة هوراشيو نيلسون، لم يتم الإعلان عن اتجاه الرحلة حينها وتم الاحتفاظ به كسر، ولم يعرف الاتجاه إلا بونابرت نفسه، بيرثييه، كافاريللي وعالم الرياضيات جاسبار مونج.
كان بونابرت القائد، وكان من مرؤوسيه توماس ألكسندر دوماس، كليبر، لويس دوزيه، بيرثييه، كافاريللي، لانس، داماس، يواكيم مورات، أندريوسي، بيليارد، جاك فرانسوا مينو، وزاجتشيك.
وشمل مساعدوه في المعسكر أخاه لويس بونابرت، دوروك، يوجين دو بوارنيه، توماس بروسبر جولين والنبيل البولندي جوزيف سوكوفسكي.
انضمت إلى الأسطول في تولون أسراب من جنوة، تشيفيتافيكيا وباستيا، ووضع الأسطول تحت قيادة العميد البحري برويس والعقيدون البحريون بيير تشارلز فيلنوف، دو كايلا، ديكريه وجانتيم. كان الأسطول على وشك الرحيل عندما حدثت مشكلة مع النمسا، واستدعت الحكومة بونابرت تحسبا لوقوع حرب. حلت الأزمة في خلال أسابيع، وتلقى نابليون أوامر بالعودة إلى تولون بأسرع ما يمكن.