المال للناشر والمحبة للكاتب.. منشور لطارق الطيب يثير الجدل
“يجب على المبدع أن يتبنى فكرة أنه لا يكتب من أجل الربح أو المكافأة المادية، وأن تكون الكتابة وظيفة جانبية إلى أن تتمكّن من تحقيق دخل يسمح لك بالحفاظ على لقمة العيش، ويتدرب بما فيه الكفاية على إحكام السرد والحبكة، وسوف يأتى الربح لاحقا حينما تكون أديبا قويا ذا قيمة إنسانية عالية” بهذه النصيحة يقدم كبار الكتاب والأدباء نصائحهم للشباب الذين يبدأون أولى خطواتهم فى عالم الإبداع، والذى قد يتصور بعضهم أن الكتابة ربما هى وظيفة تحقق له الرغد أو حتى اليسر المادى.
الكتابة أو كونك أديبا روائيا كنت أو شاعرا، فهذه ليست وظيفة فى مجتمعتنا العربية تضمن من حياة كريمة، هى مجرد هواية، وشعور أكبر بالقيم الإنسانى وبالوجود، يقوم الأديب بالتعبير عنها فى كتاباته، التى تخرج على هيئة كتاب يقوم ناشر أو جهة معينة بنشره.
الأديب المصرى من أصول سودانية طارق الطيب، كتب تدوينه على حسابه بموقع التواصل الاجتماعى “فيس بوك” قال فيها: “القسمة هكذا: المال للناشر والمحبة للكاتب.. الناشر يعيش من النشر، الكاتب يعيش من عمل آخر” ربما كلمة بسيطة آراد بها التأكيد على أن المكسب الذى يجنيه الأديب من كتابته الإبداعية هى المحبة، وهو أمر ربما أفضل عند كبار الكتاب من النقود، فهى تضمن لهم على الأقل الخلود والمحبة.
نجيب محفوظ كمثال لكن يكن غايته الربح، كان موظفا فى وزارتى الأوقاف والثقافة، وأنضم لكتاب مؤسسة الأهرام بعد خروجه على المعاش، ربما حقق مكاسب لكنها جاءت بفعل المحبة والشغف بأعمال لدى الجمهور، والذى أوصله كى يكون الأديب العربى الوحيد حتى الآن الذى حصل على جائزة نوبل فى الأدب عام 1988، ولتأكيد أن الربح ليس غاية، تبرع بنصيبه من الجائزة، والباقى وزعه على بناته، ومات ولم يكن يملك الكثير من الثروة، لكنه امتلك حب الناس، وبقى خالد به معانا وسيبقى.
البعض تفهم كلام الكاتب المصرى صاحب الأصول السودانية، على أنه إهانة للناشرين، وأنه يندب حظ الكتاب والأدباء العرب الذين لا يحققون مكاسب مادية من أعمالهم تجعلهم لا يضطر للعمل فى وظائف أخرى، وأخذ البعض يردد كلمات لم تأتى فى بال “الطيب” سواء من الناشرين أو الكتاب عندما كتب تدوينته حيث قالت الناشرة المصرية الدكتورة فاطمة البودى متسائلة:” أنت بالذات من الكتاب المحظوظين يا طارق، عندك بدا الدار اربعة خمسة وتعاني معهم جميعهم ؟؟!!
فيما قالت الناشرة السوادنية سناء أبو الجاسم:” كل يعاني النشر لا يأكل عيش ياصديقي حسابات كدى حترثي لحال الناشر”، فيما ذهب كتاب إلى اتهام الناشرين بالتربح من وراء الكتابة فقال الكاتب محمد شمروخ: مصاصي دماء الا من رحم ربي، وأتهم حسام موسى بعض الناشرين بـ”النصب”.
طارق الطيب، الذى يعيش فى النمسا، ويعمل أستاذا فى الجامعة هناك منذ سنوات، كتب تدوينته الأخيرة بمحبة وبصدق وبلا إهانة لأي ناشر، لأنهم “صديقاتنا وأصدقاؤنا الأعزاء” كما عبر هو، وهو الأمر الذى تفهمه واحد مثل الروائى الشهير المستشار أشرف العشماوى الذى علق قائلا :” تحياتي لك ولروحك الجميلة وقناعتك الطيبة التي لم يفهمها الكثير ممن علقوا على كلماتك”.
تدوينه طارق الطيب كتب تدوينته لعبر عن الذى يجنيه من الكتابة، لكنه تحولت إلى معركة كلامية الناشرون والكتاب ربما تعبر تماما عن المثل الشعبى الشهير “محدش عجبه حال” الناشرين حاولوا تبرير خسائرهم وصعوبة مجال صناعة النشر فى العالم العربى، وبعض الكتاب ندبوا الحظ الذى يجعلهم لا يتفرغون لإبداعهم.