الأدب
الحملة الصليبية الخامسة فى طريقها إلى مصر.. تعرف على التفاصيل
فى يوم 24 مايو من عام 1218 ميلادية غادرت الحملة الصليبية الخامسة عكا متجهة إلى مصر، فما الذى نعرفه عن هذه الحملة وما الذى فعلته بعد ذلك.
ونعتمد فى هذا الموضوع على المعلومات الموثقة التى ذكرتها صفحة “قراءة جديدة للتاريخ الإسلامى” على موقع التواصل الاجتماعى “فيس بوك”.
المعروف أن الحملات الصليبية توالت على الشرق طيلة أكثر من مائتين من السنوات، وقد كانت مصر هدفا أساسيا ومقصودا من هذه الحملات، لأن الغرب كان يعرف أن القاهرة هى أصل النهضة وبلد المقاومة، ومن ذلك ما حدث فى الحملة الصليبية الخامسة.
كانت البداية عندما قام البابا إنوسنت الثالث (594 – 613هـ/1198 – 1216م) الذى استطاع فرض سيطرته فى أوروبا بالدعوة للحملة الصليبية الخامسة، وفى “مجمع اللاتيران الكنسى” الذى عقد سنة 612هـ/ 1215م شرح البابا مدى سوء حال المستوطنين الصليبيين فى فلسطين، وأن المسلمين ينتهكون حرمات كنيسة القيامة ويتهكَّمون على صلب المسيح، وأوضح البابا أن المسلمين بنوا حصناً جديداً على جبل الطور، وهو المكان الذى شهد عظمة المسيح ومجده، وأنهم باتوا يهدَّدون عكا وهى آخر ما تبقّى من مملكة بيت المقدس، وناقش بعض الإجراءات الضرورية لتوفير النفقات الضرورية لتجهيز الحملة المقترح، على أن تكون وجهتها مصر.
لكن البابا إنوسنت الثالث مات سنة 1216م وخلفه الكاردينال المسن سافيللي (Savelli) ) تحت اسم البابا هونريوس الثالث (Honorius II) (1216 – 1227م). وتحَّدد تاريخ ربيع الأول 614هـ/يونيو 1217م، موعداً لانطلاق الحملة، وهو تاريخ انتهاء الهدنة مع المسلمين.
وكرَّس البابا الجديد جهده، وجهد المجتمع الغربي نحو الحرب الصليبية وحث ملوك أوروبا على الاشتراك بالحملة، غير أنه لم يستجب إلا عدد ضئيل منهم، فلبى النداء كل من “ليوبولد” ملك النمسا، و”أندريه الثاني”ملك المجر، و”بهمايو” ملك قبرص وغيرهم، وقد تقرر تغيير خط سير الحملات المعتادة، حيث كانت مصر هى الهدف هذه المرة وليست الشام.
وكانت هناك أسباب عديدة تحفز الصليبيين على النزول بقواتهم في دلتا النيل بدلا من ضفاف الأردن، أولها رغبة المدن التجارية الإيطالية (الممول الرئيس للحملة) في السيطرة على تجارة المتوسط وضرب المنافسة المصرية في عقر دارها بالسيطرة على ميناء دمياط أهم موانئ شرق المتوسط آنذاك، وثاني هذه الأسباب يكمن في المذهب السياسى/ العسكرى للصليبيين، ومؤداه أن هزيمة مصر أو تحييدها على الأقل خير ضمان لبقاء المستوطنات الصليبية، أما السبب الثالث فكان استرداد الشرف العسكري الذي تمرغ بهزيمة حطين وفقدان القدس.
وتجمَّع فى مدينة عكا عدد كبير من الصليبيين القادمين من أوروبا، وقد بلغ عددهم حوالى ثلاثين ألفاً، تألفوا من مجريين وإسكندنافيين ونمساويين وألمان، بالإضافة إلى القوات المحلية وبعض القوات من قبرص.
واستقل الجيش الصليبي، الذي تعداده حوالي أربعين ألفاً، السفن في عكا بقيادة الملك يوحنا بريين حيث وصل إلى دمياط بعد بضعة أيام، فنزل أفراده إلى البر، ونصبوا معسكرهم على الضفة الغربية للنيل المواجهة للمدينة، وقد وجدوها محصَّنة تحصيناً قوياً.
حيث كانت تمتد بعرض النيل، سلاسل من حديد عظام القدر والغلظ لتمنع المراكب الموصلة في بحر الملح من عبور أرض مصر، هذا بالإضافة إلى برج السلسلة، وهو بمثابة حصن وسط مجرى النيل لحماية المدينة، وصدَّ أى عدوان يقع عليها، وقد حال دون تقدمهم، لذلك كانت مهمتهم الأولى هي الاستيلاء على هذا البرج ليتمكَّنوا من النزول على الضفة الشرقية للنيل جنوبي المدينة فيسهل عليهم مهاجمتها .
عندما علم الملك العادل بنزول الصليبيين في دمياط، وكان بمرج الصَّفر، انتقل إلى عالقين بظاهر دمشق، وبدأ بإرسال العساكر إلى مصر، حتى أنه لم يبق عنده من العساكر إلا القليل، وطلب من ابنيه المعظم عيسى والأشرف موسى أن يغيرا على معاقل الصليبيين في بلاد الشام ليشغلهم ذلك عن دمياط.
وعندما علم الأمير محمد الكامل بنزول الصليبيين في جيزة دمياط وأقاموا معسكرهم على الشاطئ الغربي للنيل وأحاطوه بخندق “.. يمنعهم ممن يريدهم ..”، اتجه بجنده والعربان إلى دمياط وعسكر بالعادلية (بين دمياط وفارسكور على الضفة الشرقية للنيل، وأسسها العادل سنة 614هـ/ 1217م)، واتخذ كل الترتيبات لعدم تمكين الصليبيين من الاستيلاء على برج السلسلة الذي يعد مفتاح مصر، أو العبور إلى ضفة النيل الشرقية.
وظل الوضع متجمدًا قُرابة أربعة أشهر، نفذ خلالها الصليبيون محاولات عديدة لاقتحام برج السلسلة، آخرها كانت مهاجمة برج السلسلة براً وبحراً ونُفَّذ الهجوم في 29 جمادي الأولى، وكان يحمي البرج ثلاثمائة من المسلمين وجرى قتال عنيف بين الطرفين، ونجح الصليبيون في دخول برج السلسلة واستولوا عليه، وقطعوا السلاسل التي تعترض مجرى النهر، فأضحى بوسع سفنهم أن تجتاز النهر إلى أسوار دمياط ولا شك بأن سقوط برج السلسلة في قبضة الصليبيين، وتحطيم تلك السلاسل التي تحمي مجراه، جاء خسارة كبرى للمسلمين.
بعد سقوط برج السلسلة حاول الأمير الكامل حاكم مصر إعاقة تقدم الصليبيين، فصنع جسرًا عظيمًا أنفق عليه سبعين ألف دينار، فقاتل الصليبيون عليه قتالاً عنيفًا حتى قطعوه، فأمر الكامل بتفريق عدد من المراكب في النيل ليسد مجرى السفن، فعدل الصليبيون إلى خليج هناك يعرف بالأزرق وكان النيل يجري فيه قديمًا، فحفروه حفرًا عميقًا وأجروا فيه المياه إلى البحر المتوسط، مما يوضح مدى إصرار الصليبيين على القتال وصبرهم على ذلك، ولكن الوضع ظل متجمدًا بين الصليبيين والجيوش المصرية.
أرسل الكامل محمد إلى أبيه العادل، الذي كان لا يزال معسكراً قرب دمشق، يخبره بسقوط برج السلسلة، ويستنجد به، لكن هذا الأخير لم يتحمَّل الصدمة، فدق بيده على صدره أسفاً وحزناً، ومرض لساعته مرض الموت، ثم توفي يوم الخميس في 7 جمادي الآخرة 615هـ/31 أغسطس 1218م.