الشلل والعمى والاكتئاب والسرطان.. نهايات مأساوية لفنانى الزمن الجميل
فنانو الزمن الجميل تمتعوا بكاريزما وثقافة وتلقائية ساعدتهم على الوصول إلى قلوب المشاهدين، سواء داخل مصر أو خارجها، فرسموا البسمة على شفاه الكبار والصغار، فأدوارهم السينمائية تفوح بخفه ظلهم، ولكن رغم ما قدموه للجمهور فى نشر حالة البهجة فى حياتهم، إلا أنه عانوا قبل رحيلهم.
زينات صدقى
بداية علاقة الفنانة زينات صدقى بالتمثيل “4 مايو 1912/ 2 مارس 1987م”، عندما درست فى “معهد أنصار التمثيل والخيالة”، الذى تأسس من قبل الفنان زكى طليمات فى الإسكندرية لكن والدها منعها من إكمال دراستها وقام بتزويجها ولم يستمر الزواج لأكثر من عام، لتدخل عالم الفن كمطربة وراقصة.
واجهت الفنانة الراحلة زينات صدقى أزمات عديدة قبل رحيلها، حيث الوحدة والمرض وانزواء الأضواء، وبيع “عفش” البيت حتى تستطيع أن تأكل، وعندما تتذكرها الدولة حيث كرمها الرئيس الراحل محمد أنور السادات عام 1976م، لا تجد فستانا يليق بالمناسبة، فتضطر لتدبير جيب وبلوزة بصعوبة بالغة، لترحل عن عالمنا بسبب إصابتها بماء على الرئة، وقبل وفاتها لم تقدم أى عمل طوال 6 أعوام إلا فيلما واحدا هو “بنت اسمها محمود” عام 1975، لتترك عالم الفن 2 مارس 1978م، تاركه خلفها تراثها الفنى الذى سيظل خالدًا.
بشارة وكيم
كانت بدايته بالسينما عندما أسند له المخرج محمد بيومى دورًا فى فيلم “الباشكاتب” عام 1923م، والذى يعتبره النقاد البداية الحقيقة للسينما المصرية، وفى عام 1934م يدخل بشارة مجال الإنتاج ويكون شركة أطلق عليها “شركة فيلم النصر”.
يصاب بشارة بالشلل لتتضاعف آلامه مع الوحدة والعزلة، ويضطر لملازمة البيت مجبرًا بعد أن حط المرض من قواه، لكن عشقه للفن يجعله يطلب من المحيطين به أن يذهب للمرح كمتفرج لآخر مرة فى حياته، ويذهب إلى المسرح لكن هذه المرة بين مقاعد المتفرجين، ولم يستطع أن يتحمل ذلك، وتملأ الحسرة قلبه، ليدخل المستشفى ويرحل عن عالمنا.
على الكسار
التحق الكسار بفرقة “الأوبرت الشرقى” التى تقدم رواية “حسن أبو على سرق المعزة”، ويقع على اختياره على دور خادم نوبى، والذى نجح فى تقديمها بشكل بارع، وحاول من تطوير الشخصية وهى “عثمان عبد الباسط” التى كانت سببًا فى أن يطلق عليها النقاد لقب “بربرى مصر الوحيد”.
وبعد سنوات من النجومية تعرض الكسار لتجاهل المنتجين، وارتضى الكسار بعد ذلك بالاشتراك فى أدوار ثانوية لا تتفق مع تاريخه ساعدت على تقليص اسمه الكبير الذى كان يعتلى الأفيش وحده، وتعامل الكسار مع النجومية بتواضع شديد وطيبة بالغة.
وبسبب تجاهل المنتجين له ازدادت حالته النفسية سوءا وسرعان ما أصابه المرض ليدخل مستشفى قصر العينى، ليلفظ أنفاسه الأخيرة على أحد أسرة الدرجة الثالثة، ليرحل وهو لا يملك شيئًا إلا حب الجماهير.
نعيمة عاكف
الفنانة نعيمة عاكف، فتحت عينيها حين لم يشتد ساقيها بعد على الألعاب البهلوانية والأكروبات فى سيرك والدها بطنطا، فلم يكن غريبًا أن تعلم الرقص فى سن الرابعة، وقد ساعدها ذلك فى مواجهة الجمهور من غير رهبة أو خوف فى هذه السن المبكرة، بعد انفصال والدها عن والدتها، نزحت الأم إلى القاهرة وسكنت فى شارع محمد على تحتضن بناتها واستطاعت تكوين فرقة متجولة، كان لابد من مصدر يطعم هؤلاء البنات ويسد عنهم الحاجة.
خلال تصويرها فيلم “بياعة الجرايد” شعرت نعيمة عاكف ببعض الألم أثناء عملها، وذلك فى عام 1963 وعند عمل الفحوصات اكتشفت أنها مصابة بالسرطان وصارعت المرض فى الثلاث سنوات الأخيرة من حياتها، ورحلت فى 23 أبريل 1966 بعد رحلة مع مرض سرطان الأمعاء.
عبد الفتاح القصرى
اشتهر عبد الفتاح القصرى بأدوار السنيد، ولم يقم طوال تاريخيه الفنى بأى بطوله، وإن كان اشتراكه فى أى عمل يمثل إضافة كبيرة فكثير من الأعمال التى شارك فيها لم يبق منها سوى قفشاته وعباراته التى مازالت الجماهير تحفظها عن ظهر قلب، كما جاء فى كتاب”أبيض وأسود” للكاتب أشرف بيدس.
وفى إحدى الليالى بينما كان يجسد أحد أدواره على خشبة المسرح، فوجئ بتلاشى نور عينيه حتى أظلمت الدنيا تمام، فراح يصرخ مفزوعًا، وظنت الجماهير بأن ما يحدث ضمن أحداث المسرحية، وكان تلك الضربة التى أجهزت عليه ودمرت حالته النفسية بصورة خطيرة أدت إلى تصلب الشرايين وفقدان الذاكرة.
رياض القصبجى
وحسب ما جاء فى كتاب “أبيض وأسود” للكاتب أشرف بيدس، اتسم رياض القصبجى بملامح ناشفة وصارمة وجسم ضخم يثير الرهبة، جعل المخرجين والمنتجين يحصرونه فى ادوار متشابهة ومتكررة لم تخرج فى كثير منها عن شخصيات الشريرة كزوج الأم القاسى، وأبو زعيم العصابة، ولكن نجح المخرج فطين عبد الوهاب أن يخرجه من نمطية أدوار الشر التى التصقت به، ورسم له شخصية الشاويش عطية.
وأوضح كتاب “أبيض وأسود”، أن رياض القصبجى عانى فى نهاية حياته حيث أصيب بالشلل ما أقعده عن العمل، وظل بمنزله يعانى ظروفًا حياتية شديدة القسوة أشبه بتلك التى مر بها فى بداياته، ولم تقم النقابة فى ذات الوقت بدروها بصرف معاش استثنائى أو دفع تكاليف العلاج، مما جعل قلة قليلة من زملائه من جمع 300 جنيه لإعانته على متطلبات الحياة والمرض.
فى آخر أيام رياض القصبجى حاول حسن الإمام مساعدته بإسناد دور له فى فيلم “الخطايا” لكن قدميه لم تستطع احتمال الوقوف فسقط قبل أن تدار الكاميرا، واقتربت النهايات التى جاءت سريعا، ورحل رياض القصبجى وهو لا يملك تكاليف جنازته.