الفراعنة المحاربون.. تحتمس الثالث قائدًا عسكريًا لم يعرف الهزيمة عبر تاريخه
كانت مصر القديمة فى موعد مع القدر كى يمن عليها بإنجاب أعظم الفراعنة المحاربين وأعظم ملك مصرى على الإطلاق، الملك تحتمس الثالث، فرعون المجد والانتصار وسيد الملوك المحاربين والعسكريين الاستراتيجيين، ومكمل الإمبراطورية المصرية فى العالم القديم متخذًا من جده الملك المؤسس تحتمس الأول قدوة ومثلاً أعلى.
تحتمس الثالث
ويقول كتاب “الفراعنة المحاربون.. دبلوماسيون وعسكريون” للدكتور حسين عبد البصير، كان أبوه هو الملك تحتمس الثانى الذى مات وترك الفرعون الذكر وولى العهد الأمير تحتمس وحيدًا تحت وصية عمته وزوجة أبيه الملكة الشهيرة حتشبسوت التى داعبها سحر السلطة وأغوتها لذة الحكم، فاغتصبت الحكم من الملك الصغير، وأبعدته إلى رحابة الظل.
تحتمس الثالث
وأوضح الكتاب، أن تحتمس الثالث ظل فى الظل فترة طويلة إلى أن تم غياب أو إقصاء الملكة حتشبسوت عن المشهد السياسى فى البلاد، وخرج الأسد من عرينه لتظهر لنا شخصية الملك تحتمس الثالث الأسطورية مسجلاً مجد مصر العسكرى المدون بأحرف من نور وإعزاز فى كل كليات وأكاديميات العالم العسكرية.
تحتمس الثالث
لقد تزوج تحتمس الثالث من أخته غير الشقيقة الأميرة نفرو رع، ابنة حتشبسوت وأبيه تحتمس الثانى، وماتت قبل العام الحادى عشر من حكمه، وعندما تولى الحكم، تزوج من حتشبسوت مريت رع التى صارت زوجته الأساسية والتى أنجبت له ولى عهده الملك أمنحتب الثانى، وبينما كان تحتمس الثالث فى الظل، استثمر وقته فى تعلم فنون القتال وأصول الحرب مما جعل منه قائدًا عسكريًا فذًا قلما يتكرر أو يجود الزمان بمثله فى أرض المعارك.
تحتمس الثالث (4)
وأضاف كتاب “الفراعنة المحاربون”، استغل البعض من أمراء ممالك بلاد الشام فترة حكم حتشبسوت وانفصلوا عن الإمبراطورية المصرية وعقدوا تحالفات مع مملكة ميتانى القوية، وفى العام الثانى من حكمه المستقل عن حتشبسوت (حوالى العام 23 من حكمهما المشترك)، قام الملك الشجاع تحتمس الثالث ببدء حملاته العسكرية فى بلاد الشرق الأدنى القديم، ونعلم عن حملات هذا الملك الحربية من خلال حولياته التى قام بتسجيلها أحد قواده على جدران الكرنك، وتذكر الحوليات أن الملك انتصر فى كل بلد حارب فيه.
ولم يقم تحتمس الثالث بحروبه كى يخلد اسمه فقط، وإنما أيضًا كى يمجد من اسم ربه الأعلى المعبود آمون رع سيد طيبة ورب الدولة الحديثة الذى كان يحارب تحت رايته ويجلب خيرات تلك البلدان إلى معبده وكهنته الذين كانوا يباركون الابن البار بأبيه آمون رع الملك المحارب العظيم تحتمس الثالث، وكانت الحملة العسكرية عبارة عن خطة رائعة وقوية الإحكام والتنفيذ، فنراه يزحف نحو غزة فى عشرة أيام ويحتل المدينة ويأخذ طريقه إلى مجدو التى تمردت على حكمه بقيادة أمير قادش.
ولفت الدكتور حسين عبد البصير، كانت هناك مشكلة فى اختيار الطريق المناسب الذى على القوات أن تسلكه إلى مجدو، فكان هناك طريقان معتادان غير أن تحتمس الثالث اختار الطريق غير المتوقع والضيق والأشد خطورة ووعورة حتى يحدث المفاجأة للعدو ويقضى عليه، وكان النصر العظيم حليف الفرعون المحارب تحتمس الثالث بعد أن حاصر المدينة لمدة سبعة أشهر.
وكان يخرج على رأس جيشه محاربًا فى سوريا كل صيف لمدة 18 عامًا، وكان يستخدم القوات البحرية المصرية لنقل القوات المصرية إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، واحتل قادش فى العام 42 من حكمه، ودانت أكثر من 350 مدينة بالولاء لحكم مصر فى بلاد الشام، وقام بحوالى 17 حملة عسكرية فى غرب آسيا، وقام بحملات فى بلاد النوبة وأقام بها عددًا من المعابد وساهم فى تمصيرها بشكل كبير.
وأطلق عليه عالم الآثار الأمريكى الشهير جيمس هنرى بريستد “نابليون مصر القديمة”، غير أن هذه التسمية غير موفقة، لأن تحتمس الثالث لم يهزم فى أية معركة قام بها، كما أن إمبراطورتيه المترامية الأطراف استمرت بعد وفاته فى أسرته لفترة طويلة.
وأكد كتاب “الفراعنة المحاربون”، أن تحتمس الثالث فرعون لم تنجب مصر الفرعونية مثله على الإطلاق، وكل شىء قام به كان من أجل بلده مصر العظيمة وأبناء وطنه المصريين العظام مما جعل منها سيدة العالم القديم حقًا وصدقًا ومن تحتمس الثالث أسطورة خالدة نفخر بها إلى يومنا هذا.