الأدب

س و ج.. كل ما تريد معرفته عن طليطلة وسقوطها فى الأندلس

تمر اليوم ذكرى سقوط مدينة طليطلة أحد معاقل المسلمين فى الأندلس، فى 25 مايو عام 1085 م، وكان ذلك بداية سقوط معاقل الإسلام فى الأندلس تباعًا حتى انتهى الوجود الإسلامى بسقوط غرناطة سنة 897 هـ الموافق لعام 1492.

 

س/ ما مكانة “طليطلة” فى بلاد الأندلس؟

كانت طليطلة من أكبر دول الطوائف، وتحتل موقعًا مميزا فتقع على مشارف الأندلس الشمالية، وعرفت منذ قيام الأندلس بالثغر الأوسط، نظرًا لوجودها بجوار حدود الممالك الإسبانية.

 
وقامت فى هذه المنطقة بعد سقوط الخلافة الأموية دولة “بنى ذى نون” حيث تولى إسماعيل بن ذى نون حكم طليطلة سنة (427هـ= 1036م) لكنه لم يمكث فى الحكم إلا قليلاً، إذ توفى فى سنة (435هـ= 1043م) وخلفه ابنه يحيى بن إسماعيل، وتلقب بالمأمون.
 
وقد استطال مدة حكم “المأمون بن ذى النون” ثلاثة وثلاثين عامًا، أنفق معظمها فى حروب داخلية مع منافسيه من ملوك الطوائف، واستهل صراعه مع “ابن هود” صاحب مملكة “سرقسطة، واستعان كل منهما فى صراعه بملوك بقشتالة.
 
توفى المأمون سنة (467هـ= 1075م) بعد أن نجح فى بسط سلطانه على رقعة كبيرة من أرض الأندلس، وامتد حكمه ليشمل بلنسية وقرطبة، وقد خلفه حفيده “يحيى بن ذى النون” وكان فتى مترفًا قليل الخبرة والتجارب، وجنى يحيى بن ذى النون نتائج سياسته الحمقاء، فتعرض لدسائس خصومه بالداخل، وغارات جيرانه بالخارج، فالتجأ يحيى إلى قشتالة يلتمس منها الصون والحماية، نتيجة عجزه عن إدارة دولته، وضبط أمورها، وكان يحيى يعترف بطاعته لملك قشتالة ويدفع له الجزية، كما كان يفعل جده، ولكن ملك قشتالة غالى هذه المرة فى طلباته، واشترط دفع مزيد من المال، وتسليم بعض الحصون القريبة من حدوده.. كل ذلك “ويحيى بن ذى النون” عاجز عن رده، حتى كادت خزائنه تنضب.

س/ ما الذى تمثله طليطلة من أهمية فى ذلك الوقت؟

بحسب كتاب “بيت الحكمة العباسى ودوره فى ظهور مراكز الحكمة فى العالم الإسلامى” للدكتور حيدر التميمى، فإن سقوط طليطلة كان يمثل أهمية كبيرة للأسبان، وقد كان استيلاء ملك ليون وقشتالة على المدينة عام 1085 م، من أهم أحداث التاريخ الإسبانى فى العصور الوسطى، فقد كان له نفس الصدى الذى حدث عن سقوط هذه المدينة، يوم كانت عاصمة القوط الغربيين القديمة فى أيدى المسلمين، ونظرا للمكانة العظيمة التى تحظى بها هذه المدينة لدى الأسبان بعد استرجاعها، فقد أمتد اسمها إلى مناطق كثيرة فى أمريكا الجنوبية والفلبين والبرتغال.

 

س/ ما الذى حدث حتى سقطت “طليطلة”؟

يفسر كتاب “المدن والآثار الإسلامية فى العالم” للمؤلف أحمد الخالدى، إنه عندما توفى المأمون يحيى (ثانى حكام طائفة طليطلة من بنى ذى النون فى عصر ممالك الطوائف) عام 466 هـ/ 1074 م، تولى حفيده القادر بالله يحيى، وفى عهده ثار عليه أهل طليطلة لقتله وزيره ابن الحديدى، وأرغموه على الرحيل، فاستعان “القادر بالله” بألفونسو السادس ملك قشتالة لاسترداد ملكه، وأقبل ألفونسو بجيوشه، وحاصر المدينة، ودخلها واغتصبها من القادر بالله، فخرج له عنها فى شهر صفر 487 هـ/ 1085 م مقابل مظاهرة ألفونسو له على بلنسية.

 

 س/ كيف كان الوضع السياسى؟

يوضح كتاب “الأندلس من السقوط إلى محاكم التفتيش” أن أحداث سقوط طليطلة وسرقسطة، جاءت وقت تصاعد الخطر الإسبانى على بلاد المسلمين فى الأندلس، حيث كان بدأ ألفونسو السادس يسدد ضرباته القوية على ممالك الطوائف المختلفة، حتى أضعفها وأنهكها، مرة بالجزية، ومرة بالغارات المتتالية، والواقع أن أحوال يحيى القادر فى طليطلة كانت تنذر بالخطر ووقوع النكبة.

إذ اندلعت الثورة ضده فى المدينة، وهرب منها إلى حصن وبذة سنة 472 هـ، إلا أنه استطاع أن يعود على حراب ألفونسو مرة أخرى، والتى أعقبتها زواله وخروجه ذليلا من طليطلة، إذ وقعت النكبة وسقطت فى يد ألفونسو، وخرج عبد القادر إلى بلنسية تحت الحماية القشتالية.

 

س/ كيف أعدت قشتالة خطة سقوط “طليطلة” وكيف نفذتها؟

كان ملك قشتالة قد أعد خطة للاستيلاء على طليطلة، ساعده على تحقيقها تحالفات مخزية مع بعض ملوك الطوائف، مثل الحلف الذى عقده مع “المعتمد بن عباد” ملك إشبيلية، تعهد فيه بأن يعاون ابن عباد بالجند ضد أعدائه من الأمراء المسلمين، وفى مقابل ذلك يتعهد ابن عباد بأن يدفع لملك قشتالة جزية كبيرة، وأن يتركه حرًا طليقًا فى أعماله ضد طليطلة، وألا يعترض سبيله فى الاستيلاء عليها، وكان معظم ملوك الطوائف يؤدون فى ذلة الجزية لملك قشتالة خوفًا من تهديداته، وطلبًا لعونه ضد بعضهم بعضا، ولم يسلم من هذا التصرف الشائن سوى الأمير المتوكل بن الأفطس صاحب بطليوس.

ومن جانب آخر اتبع ملك قشتالة سياسة إرهاق طليطلة بشن الغارات المتوالية عليها، وتخريب مزارعها واستنفاد مواردها، وظل يمارس تلك السياسة أربع سنوات كاملة، منذ أن أعاد يحيى بن ذى النون إلى عرشه سنة (474هـ= 1081م)، حتى يجد الفرصة السانحة للانقضاض على المدينة المنهكة، فلا تقدر على دفع الخطر الداهم عنها.
 
وفى سنة (477هـ= 1084م) ضرب ألفونسو ملك قشتالة حصاره حول طليطلة، ولم يتقدم أحد لنجدتها، وكان يمكن لملك إشبيلية المعتمد بن عباد أن يكون أول من يقوم بالنجدة، لكنه لم يفعل هو ولا غيره، باستثناء المتوكل بن الأفطس، الذى أرسل ولده الفضل بجيش قوى لدفع ألفونسو عن طليطلة، لكنه لم يوفق، على الرغم مما أبداه من حماسة بالغة وما خاصة من معارك دامية.
 
استمر الحصار نحو تسعة أشهر، واستبد بالناس الجوع والحرمان، واشتدت الحاجة دون أن تلوح فى الأفق بادرة أمل، فاضطر يحيى إلى تسليم المدينة، وغادرها إلى بلنسية. أما ألفونسو فقد دخل المدينة ظافرا فى يوم الأحد الموافق 25 مايو 1085م).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *