حوادث وجرائم

“أغرب القضايا”.. قصة هروب رجل العصابات من جزيرة الشيطان

فى عالم الجريمة كل شىء مباح، فجرائم “القتل، السرقة، والنصب”، وغيرها التى اعتدنا على سماعها بشكل دورى، يصاحبها أشياء أخرى لا يكشف عنها إلا نادراً، وهذا ما يجعل بعضها من أغرب القصص والأحاديث، التى قد لا يصدقها عقل ولا تستوعبها النفس.

“اليوم السابع” يقدم فى سلسلة ” أغرب القضايا” قصص ليست دربا من الخيال ولا فكراً مجردا لمبدع، ولا صورة خيالية لفنان عن الواقع، وإنما هى قصص إنسانية صادقة وعميقة من داخل المحاكم خلال سنوات طويلة من الزمن.

 

“قصة هنري شاريير والهروب من جزيرة الشيطان”

 

هو رجل العصابات المغامر والكاتب الشهير هنري شاريير Henri Charrière ، الذي ادعى أنه تعرض للاعتقال الخاطئ على جزيرة الشيطان التي لا مفر منها، ثم هرب ! ولكن كيف فر هنري شاريير من أحد أسوأ السجون في التاريخ، واستطاع أن يفوز بحريته من الحكومة التي ادعى أنها سجنته بالخطأً في المقام الأول .

وإذا كانت حتى نصف الأحداث المثيرة التي حدثت لهنري، والتي تم وصفها في سيرته الذاتية صحيحة، فيبدو أنه قد عاش حياة مليئة بالمغامرات والفرار المتكرر من الموت، وهذا من شأنه أن يجعل  الباحثين عن التشويق يشعرون بالغيرة والإثارة .

بداية من أيامه مع إحدى العصابات في باريس، إلى هروبه من أحد أسوأ سجون التاريخ في غيانا الفرنسية، فقد عاش هنري شاريير حياة من الإثارة بين هذه التقلبات المثيرة في حياته .

ولد هنري شاريير في جنوب فرنسا عام 1966، وسعى إلى المغامرة بشروطه الخاصة منذ البداية، فبعد فترة قضاها في البحرية بعد أن أنهى دراسته، سرعان ما سقط شاريير مع عالم باريس السفلي، حيث أطلقوا على  شاريير لقب “بابيلون”، بسبب وشم فراشة بابيلون الموجود على صدره .

وهي عصابة صغيرة في العاصمة الفرنسية، كانت وظائفه بها هي سرقة وفتح الخزائن، وبعض الروايات قالت عنه أيضًا أنه قواد، وتلك قدرات وضعته في مكانة كبيرة بالنسبة للقراصنة المحليين، ومع ذلك  لم تتم ملاحقة بابيلون حتى قتل شخصًا ما .

على الرغم من كل نشاطه غير القانوني كواحد من رجال العصابات في باريس ، فلم يتم القبض على هنري شاريير إلا بعد قتل العصابات المحلية للقواد رولاند ليجراند في عام 1951، وأدعى شاريير البراءة في وفاة ليجراند، قائلًا إنه كان ضحية لمخبر غير شريف، ونظام العدالة الفرنسي الذي سعى لتسوية سريعة لهذه القضية ولهذا قاموا بالقبض عليه .

وبالرغم من ذلك حُكم عليه بالسجن مدى الحياة في كاين، التي كان بها مستعمرة السجون الفرنسية الشهيرة في غيانا، لكن هنري شاريير لم يكن لديه نية للبقاء محبوسًا هناك، فسعى للهروب أكثر من مرة وهذا كان من شأنه أن يجعله شهيرًا .

فر هنري شاريير من السجن في كاين وذلك  للمرة الأولى بعد ثلاثة أعوام في الأسر، حيث  أبحر في خليج ماراكايبو على متن قارب مؤقت، ولكنه اصطدم  بسفينة ورغم ذلك نجا حيث وجد نفسه بين قبائل أصلية في الغابات الكثيفة، واستطاع أن يعيش معهم لعدة سنوات .

وعندما عاد تشاريير مرة أخرى إلى باريس، تم إلقاء القبض عليه من قبل السلطات الفرنسية، وفي النهاية قرروا حبسه انفرادي لمدة عامين في جزيرة الشيطان سيئة السمعة، وقد كانت جزيرة Devil’s سيئة بقدر ما تبدو .

فالسجون لم تكن محصنة بأسوار عالية للغاية، لأنها لم تكن بحاجة لذلك حيث حذر أحد القادة السجناء الذين يفكروا في الهروب، بأن السجن محصن  بشكل لا تتخيلوه، وكان يقول للسجناء لدينا اثنين من أندر الحراس هما الغابة والبحر، إذا لم تأكلك أسماك القرش فسيلتهم عظامك  النمل بالصحراء المحيطة .

وإن هربت سوف تتوسل قريبًا للعودة، ثم ستعاقب بشدة وسوف تحصل على حبس انفرادي، وبعد المحاولة الأولى للهروب سوف تحصل على عامين إضافيين، والمحاولة الثانية ستجلب لك خمسة أعوام، ومع ذلك أراد شاريير أن يهرب لأنه قد نجا بالفعل وتمكن من العيش في الأدغال، وقد برهن على أنه يستطيع أن يفعل ذلك مرة أخرى .

وبشكل عام حاول هنري شاريير الفرار سبع مرات قبل محاولته الناجحة في المرة الثامنة، وبمجرد خروجه كان يبحر في مياه مليئة بأسماك القرش، على طوف مصنوع من جوز الهند ورغم ذلك نجا من كل تلك الأهوال، وفي عام 1945 هبط في فنزويلا حيث استقر وتزوج، حتى حصل على الجنسية الفنزويلية .

عاش هنري شاريير في فنزويلا حياة طبيعية نسبيًا، حيث عمل  بضخ الغاز واكتشاف الذهب، وفي إحدى الليالي كان بملهى وهو في سن الثانية والستين ، وقرأ كتاب مآثر ألبرتين سارازين وهي كاتبة فرنسية، وكان كتابها هذا هو الأكثر مبيعًا فألهمه هذا الكتاب بفكرة جديدة وهي الكتابة .

ومن هنا بدأ شاريير في الكتابة ثم الكتابة، حيث ملأ مجلدات لا تحصى وأرسل المخطوطات إلى ناشر فرنسي، وكانت عبارة عن  كتاب “بابيلون” الذي قال شاريير أنه صحيح بنسبة 75 %، حيث نشر به المغامرات التي مر بها بأسلوب رائع في السجن وروايات الهروب .

وقد بيعت 700،000 نسخة رائعة في الأسابيع العشرة الأولى فقط بعد نشرها في عام 1966، وقد كان سر نجاح الكتاب بسيطًا وفقًا لشاريير الذي قال “كل ما عليك القيام به هو كتابته بالطريقة التي تتحدث بها.

تم تحويل قصته إلى فيلم ثم أصبح هو الفيلم الأكثر مبيعًا عام 1973، وقد لعب به دور البطولة ستيفن ماكوين في دور شاريير ودوستين هوفمان كزميل سجين، وكان الفيلم يجسد الكثير من فرص الموت لشاريير وسط محاولات الهروب المختلفة من السجن .

وبعد أن أصبح  شاريير مشهورًا صدر في حقه أخيرًا عفوًا في عام  1970 من قبل المسئولين الفرنسيين، مما سمح له بالعيش في فرنسا مرة أخرى بعد انتهاء مدة التقادم، بسبب هروبه من السجن وفي نهاية المطاف سمح له نظام العدالة الفرنسي الذي انتقده في شبابه، بالعودة إلى باريس المحبوبة مرة أخرى .

ومع ذلك لم يعيش هنري شاريير طويلًا حتى يستمتع حقًا بثروته وحريته، فقد توفي في 29 يوليو 1973 عن عمر يناهز 66 عامًا، وفي وقت وفاته باع كتابه أكثر من ملايين 5 نسخة في جميع أنحاء العالم، ولا يزال يأسر القراء حتى يومنا هذا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *