مدير مكافحة العدوى: “كورونا” مستمر 6 أشهر.. وتحاليل الفرق الطبية ليست أساسًا لحمايتهم (حوار)
حوار– أحمد جمعة:
قاعدة أساسية يضعها الدكتور إيهاب عطية، مدير إدارة مكافحة العدوى بوزارة الصحة، للوقاية من العدوى بفيروس كورونا، وهيّ التعامل على أساس أن “الذي أمامك مصابًا أو أنت مصاب”، وبالتالي يتخذ الجميع أكبر قدر من إجراءات التباعد الجسدي وارتداء الكمامات، ومن ثمَّ تنخفض نسب انتقال العدوى، في ظل التوقعات العالمية باستمرار الفيروس لمدة لا تقل عن 6 أشهر.
يرى “عطية” في حواره مع مصراوي، أن منشور مكافحة العدوى الذي أصدره للفريق الطبي فُهم بشكل خاطئ، ففي نهاية المطاف فإجراء مسحات كورونا ليست أساس حمايتهم، بل اتباع الإجراءات الوقائية وارتداء الواقيات الشخصية بشكل منضبط، فحسبما قال إنه “لو افترضنا أننا بحاجة لاكتشاف إصابة أي شخص، فهذا يعني أننا بحاجة لإجراء التحليل كل 12 ساعة”.
يكشف مدير مكافحة العدوى عن نتائج التحليل التي أُجريت لإصابات الأطقم الطبية، والتي أظهرت أن مستشفيات العزل الأقل في عدد الإصابات رغم أنهم يتعامون مع المصابين مباشرة، وزيادة النسبة في المستشفيات العامة، بخلاف أن التعامل مع المريض ليس هو السبب الأكبر في الإصابة، إنما العدوى نتيجة الاختلاط بين بعضهم البعض.. وإلى نص الحوار:
– لنبدأ من حيث انتهت الأحداث.. ما تعليقك على انتقادات الأطباء لبروتوكول التعامل مع الأطقم الطبية؟
قد تكون ظروف احتقان ما، لكن هذا المنشور ليس جديدًا، إذ تم تعميمه في 18 أبريل و30 أبريل، وما نُشر في شهر مايو كان مجرد توضيح لبعض النقاط السابقة.
لو افترضنا أننا بحاجة لاكتشاف إصابة أي شخص بكورونا، فهذا يعني أننا بحاجة لإجراء تحليل “Pcr” كل 12 ساعة، فضلًا عن أن نتائج التحليل بها عينات سلبية خاطئة (false negative) يعني أنهم مصابين وتأتي نتائج عيناتهم سلبية، وهؤلاء يتوهموا عدم الإصابة رغم إصابتهم ويكون خطرهم على أنفسهم والذين حولهم أكثر لإحساسهم أنه غير مصابين فيتعاملون بتلقائية.
– ما نسبة دقة تحاليل “Pcr” التي تُجرى للتأكد من الإصابة بكورونا؟
تُقدَّر حساسية تحاليل الـ “Pcr” من 65 : 80%، ما يعني أن نسبة العينات التي قد تظهر خاطئة من 35:20%، أي نحو 2 إلى 4 مواطنين من بين كل 10 تكون نتائج عيناتهم سلبية بينما هو مصاب.
ما يجب أن يصل للناس، أنه إذا أجري تحليل لبعض المتواجدين في أي تجمع بالوقت الراهن سنكتشف حالات مصابة.
– وما الحل؟
طوق النجاة الوحيد المفترض أن يتعامل به الإنسان مع نفسه أو زملائه باحتمالية أن يكون مصابًا أو يكونوا هم مصابين، لكي يكون هناك أكبر قدر من إجراءات التباعد والوقاية الشخصية، والالتزام بتوصيات مكافحة العدوى بالتباعد الجسدي وارتداء الكمامات خاصة في أماكن الازدحام، وهذا هو التحدي الأكبر لأننا لا نعرف متى ينتهي الفيروس سواء شهرين أو ثلاثة أو سنة.
– لكن الأطباء أكثر عرضة للإصابة والعدوى من خلال عملهم في المستشفيات؟
لأجل ذلك لابد أن يكونوا أكثر تمسكًا بتعلميات مكافحة العدوى وليس إجراء التحليل والمسحات، معنى إجراء التحاليل باستمرار لطمأنة الأطقم الطبية، معناها عمل تحليل لكل الموجودين في كل مستشفى كل 12 ساعة، وهذا لا يجدي.
– لكن على الأقل حال ظهور حالة إيجابية يتم إجراء تحاليل للمخالطين؟
الحالة المُكتشفة مجرد علامة، أن هناك شخص أصيب. اليوم مثلًا سنأخذ تحليلًا بعد ظهور إصابة، فما الوضع غدًا؟! ليس من المنطقي إجراء تحاليل للطاقم الطبي مع ظهور كل إصابة.
– هل هذا التوجيه بسبب ضعف الإمكانيات أم فلسفة علمية؟
ليس لضعف الإمكانيات بالطبع، ولكنه لأنه لا توجد مرجعية في العالم توصي بإجراء المسحات للأطقم الطبية مع ظهور كل إصابة، ففي إنجلترا على سبيل المثال إجراء المسحات للأطقم الطبية حال وجود أعراض فقط، وتوافر الإمكانيات لذلك، وحال عدم وجودها يتم الاعتماد على الأعراض وعلاجها، والذي لا يعاني من أعراض يعمل بشكل طبيعي، أما في مصر فالذين لا يعانون من أعراض يتم عزلهم.
– ما الحالات المحددة لإجراء تحاليل كورونا للفريق الطبي؟
تجرى المسحات للأطقم الطبية حال التعامل مع مصاب بالفيروس أثناء علاجه دون علمه بإصابته، أو مع مريض كورونا دون أن يكون مرتديًا الواقيات الشخصية، فهنا يكون الطبيب معرضًا بشكل كبير للإصابة، ولذلك يتم سحب عينة له مع العزل 14 يومًا فور إبلاغه للإدارة بأنه تعامل مع مريض كورونا.
أما باقي الفريق الذي لم يتعامل مع مريض بكورونا تعتبر خطورة إصابته منخفضة وينتظر ظهور الأعراض عليه لاجراء المسحة.
الحالة الثانية حال تعرض الطبيب لزميل آخر اتضح أنه مصاب بفيروس كورونا، هنا الأعراض هي التي تحكم مدى الحاجة لإجراء التحليل، ويقوم الطبيب بمراقبة نفسه 14 يومًا وفي حال ظهور الأعراض يتم إبلاغ الجهة التي يعمل بها ويعزل نفسه ذاتيا.
– ما السند العلمي لهذا التوجه؟
هذه قواعد علمية وجهت به منظمة الصحة العالمية، ومركز مكافحة الأمراض المعدية بالولايات المتحدة.
– لكن ظروف مصر وخاصة بيئة عمل الأطباء تختلف عن الخارج؟
لك أن تتخيل أن ظروفنا في مصر أفضل حاليًا، هناك البعض في أوروبا اضطروا لارتداء أكياس قمامة بدلًا الجاون للتعامل مع المرضى، وفي مصر يتم تطبيق مكافحة العدوى في المستشفيات والماسكات والكحول متوافرة في المستشفيات وتوصيات مكافحة العدوى واضحة للجميع بما يجب إجراءه.
– برأيك.. لماذا زادت نسبة الإصابات بكورونا بين الفرق الطبية مؤخرًا؟
الفريق الطبي معرض بشكل أكبر للعدوى، لأنه في الأساس جزء من المجتمع، والأمر الثاني أنهم من الفئات المحدودة الذين يمارسون مهام عملهم أثناء فترات الحظر وتوقف الأنشطة، وثالثا وهو الأهم أنهم يتعرضون لمرضى مصابين بالفعل.
كل ما نرجوه أن يتعامل الفريق الطبي مع الموجودين في المستشفى سواء مرضى أو زملاء على أساس قاعدة أنهم مصابين، بتحقيق التباعد الجسدي وارتداء الماسك، والواقيات الشخصية.
– يعني ذلك أن هناك سلوكيات خاطئة من بعض الفرق الطبية؟
ليست كذلك، ولكن ما أقوله إن بعضهم لا يفترض أو يشك في إصابة الذين يتعاملون معهم، وهناك مكانين يكون من الصعوبة بمكان ارتداء الماسك فيهما، سواءً أماكن الراحة أو تناول الطعام، وبالتالي هذه الأماكن إن لم يكن فيها تباعدًا جسدياً يكون هناك انتقال للعدوى.
– ما تحليل إدارة مكافحة العدوى للإصابات بالفيروس بين الأطقم الطبية؟
التحليل الذي أجريناه لإصابات كورونا أظهر أن مستشفيات العزل الأقل في عدد إصابات الأطقم الطبية رغم أنهم يتعامون مع المصابين بكورونا مباشرة، لأن الطاقم الطبي يؤمن نفسه جيدًا وهناك خوف من الإصابة.
أما المستشفيات العامة سواء التابعة للصحة أو للجامعات أو الخاصة تظهر فيها الإصابات بشكل أكبر، الأمر الأخر أن التعامل مع المريض ليس هو السبب الأكبر في الإصابة إنما العدوى من بعضهم البعض.
وبحسب آخر تحليل تم إجراؤه منذ 10 أيام كان هناك 610 إصابات بين الأطقم الأطبية، وجاءت أسباب إصابتهم كالتالي: 14% إصابة من المجتمع أي خارج المستشفيات، و23% بسبب التعرض المباشر لمريض مصاب بكورنا، و37% بسبب عدوى داخلية نتيجة الاختلاط بين الفريق الطبي.
– هل ترى أن نسبة إصابات الأطقم الطبية مرتفعة في مصر؟
العالم كله أصبح به إصابات بكورونا بين الفرق الطبية، مع العلم أن هناك عدد من الدول تُخفي الإصابات وتُعلن دول أخرى ومنها مصر ذلك بشفافية، لكننا في كل الأحوال في المعدل الطبيعي للإصابات بين الأطقم الطبية أو الأقل من الطبيعي.
– لماذا تنتقد نقابة الأطباء بروتوكول إجراء المسحات وتطالب بإجراء تحاليل لكافة المخالطين؟
المنشور فهم بشكل خاطئ على منحنى عدم تقدير تضحيات الفريق الطبي، وسيتم توضيحه لجميع الجهات وبفيديوهات. الأطباء يعتقدون أننا نمنع أخذ العينات والعزل لكن الواقع أن هناك أوقات لابد من أخذ عينات منهم وعزلهم، حال التعامل مع مريض مباشرة دون ارتداء واقيات.
– هل هناك خطة للاستجابة لمطالبهم؟
ما الهدف من أخذ العينات لكل الحالات من الفريق الطبي وفي كل الأوقات وما الهدف من تضليل 4 من كل 10 أفراد تأتي نتيجة عيناتهم كاذبة، وما الهدف من اعتقاد الاطباء أن الشيئ الوحيد لمعرفة إن كانوا بصحة جيدة هو التحليل!
– لكن من يطالب بذلك هم أطباء أيضًا؟!
في النهاية هيّ مطالب بغض النظر عن الرأي العلمي فيها، نحن على أبواب مرحلة سنحتاج فيها كل الأطباء في أي مكان وفي أي تخص، في الوقت القادم سيكون هناك احتياج للأطباء بشكل كبير ولا يوجد رفاهية لمجرد لعزل الطبيب لمجرد الاشتباه في إصابته.
– إذًا كيف تؤمن وزارة الصحة الأطقم الطبية؟
المسحات والعزل ليست من ضمن عناصر تأمين الطبيب، لكن العناصر التي تؤمنه أولًا تدريبه على كيفية التعامل مع الحالات المصابة أو المشتبه بإصابتها بإجراءات بسيطة أكثر حذرًا من التعامل العادي، وتم إصدار كُتيّب لطرق مكافحة العدوى والتعامل مع الحالات في كل أقسام المستشفى، مع توفير الواقيات الشخصية المنصوص عليها ومتى يتم ارتدائها، وليس ما يُشاع عن ارتدائها بشكل خاطئ، وعلى سبيل المثال “كمامات N95” تكون للرعايات المركزة ولا يوجد بدل وقائية سواء صفراء أو بيضاء حتى للذين يتعاملون مع المرضى، لأنها ليست للتعامل مع كورونا والأساس في ذلك ارتداء الجاون والكمامة والنظارة والجوانتي فقط، إنما البدل “بدعة” فالبدل الصفراء مخصصة للإيبولا لأنه كان ينتقل عن طريق الجلد، وتناثر الدم.
وقبل ظهور أول حالة في مصر، تم تدريب الأطقم الطبية سواءً في الحميات أو الصدر، والتدريب “أون لاين” سواء في العزل أو الحميات أو الصدر، ونعد مكتبة الكترونية لتدريب الأطباء مثل معلومات عن مكافحة العدوى.
– هناك شكاوى من الأطقم الطبية من أن فحص الكواشف السريعة لا يكفي لاكتشاف الإصابة.. ما تعليقك؟
الكواشف السريعة (RAPID TESTS)، تقيس التعرض للفيروس وهل حدث تعرض من عدمه، ونتيجته تكون إيجابية أو يكتشف الفيروس بعد 5 أيام من التعرض للفيروس، ويتم إجراءه بعد هذه المدة، وحال كانت نتيجته إيجابية يتم إجراء تحليل الـ pcrـ، لأن الكواشف السريعة حال إيجابية العينة يعني ذلك وجود مناعة للمرض في الجسم لكن لا تُحدد إن كان الشخص مريض من عدمه فذلك يحدده الـPCR، وهناك نسبة خطأ بالكواشف السريعة حوالي 40%، فلابد من أخذ الموضوع بجدية أكثر من ذلك على جميع المستويات.
– لماذا يرتفع معدل الإصابة بالفيروس يومًا تلو الآخر؟
هذا المرض يختلف عن غيره من الأمراض الأخرى بسرعته في الانتشار، ولذلك لا بدَّ أن يأخذ الجميع الأمر بجدية شديدة جدًا خاصة الفترة القادمة لأن من الممكن أن نضطر إلى العودة للعمل، ولذلك لا ينبغي النزول من المنزل إلا بارتداء الكمامة وغسل اليدين بالماء والصابون أو الكحول باستمرار قبل وضعها على الوجه.
– هل كل الإصابات بالفيروس يتم اكتشافها؟
الحالات المصابة والتي تعاني من أعراض يتم الكشف عليه وإجراء التحاليل لها، بينما الكشف عن الحالات الأخرى التي لا تعاني من أعراض فهناك صعوبة فيها.
– هل تعتبر أن إجراء التحاليل الخاصة بالفيروس لمن تظهر عليه أعراض مؤشرًا على قياس الإصابات في المجتمع بشكل عام؟
لا يمكن تحديد معدل الإصابة بعدد المرضى فقط، حاليًا نحن في منحنى تزايد الإصابات وبالتالي فالأعراض ستكون الأساس في التشخيص، ومن تظهر عليه أعراض هو من يحتاج حاليًا الرعاية الصحية، والمصاب دون أعراض يمكن أن يصاب بالمرض ويشفى منه ولا يعرف ذلك.
– هل وصلنا لمرحلة الذروة في انتشار الفيروس؟
منحنى الإصابات هو من يحدد ذلك، فالاستمرار فترة طويلة في انخفاض الإصابات يعني أننا نسير في الطريق السليم لكن هل يحدث ارتفاع مجدد بعد ذلك أو تعود موجة ثانية من كورونا، فهذا غير معروف.
– هناك تخوف من زيادة عدد الإصابات مع تطبيق خطة التعايش.. كيف ترى ذلك؟
الأمر يعتمد على التزام الناس بالخطة، فأغلب الإصابات تأتي بسبب بسبب عدم الالتزام، كان بامكاننا ألا نصل إلى هذا العدد، وبدون وعي الناس فكل شيئ بلا قيمة.
– ما الفترة المتوقعة لاستمرار كورونا؟
منظمة الصحة العالمية تقول إن أكثر السيناريوهات تفاؤلًا 6 أشهر من الآن أو لحين تعميم اللقاح، وإذا لم نفهم الإجراءات الوقائية ونطبقها فلن ينتهي الفيروس وهي إجراءات دولة قائمة ومعتمدة على المواطن ووعيه.
– أخيرًا.. ما رسالتك للفرق الطبية في المستشفيات؟
نقدر تضحياتكم الفترة الماضية والمتوقعة خلال الفترة القادمة ونحاول تقديم كل الدعم لكم ونحتاج منكم ألا تستمعوا إلى الشائعات، لأننا نولي اهتماما خاصًا بحمايتكم؛ إما سنخرج من هذه الأزمة جميعًا بخير أو لا نخرج.
على الطبيب الاعتماد على الاطمئنان على نفسه بالالتزام بالتوصيات والإجراءات الوقائية في عمله فهي طوق نجاة له في أي مكان، وكل شخص يلتزم بمكان عمله في قسمه، وألا يعتمدوا على التحاليل فقط.