الأدب

الأوبئة والتآمر.. كيف تناول أصحاب نظرية المؤامرة انتشار الأمراض المعدية؟

منذ بداية التاريخ ارتبطت الأوبئة والأمراض المعدية بالشائعات ونظرية المؤامرة التى يتبناها الكثيرون بأن انتشار الفيروسات الفتاكة والأمراض أسلحة أو سلاح لتدمير البشرية، وهى النظرية الذى يتبناها الآن، البعض بأن فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” ما هو إلا فيروس مصنع داخل إحدى المختبرات.
 
ويبدو أن نظرية المؤامرة والأوبئة قديمة جدا، حيث يرى باحثون أن الحديث عن مؤامرة إسلامية – يهودية تستهدف فرنسا فى العصور الوسطى عارً تماما عن الصحة مثلما هو حال النقاش الحالى عن استهداف صحة البشر بتدابير خفية من أجل أهداف تبدو غير قادرة على الصمود أمام التحليل المنطقى.
 
وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية “bbc” بدأت المؤامرة الإسلامية اليهودية المزعومة مع “اكتشاف” حكام فرنسا فى عام 1321 “للجريمة التى دبرها حكام دول إسلامية مثل سلطان القاهرة لنشر مرض الجذام في البلاد عبر تلويث آبار المياه هو ما كان سيتم بالتعاون مع يهود فرنسا”.
 
وبحسب تفاصيل المؤامرة فإن “المصابين بمرض الجذام سيلوثون آبار فرنسا بمخلفات ودماء السحالى وذلك بالاتفاق مع اليهود الذى سيسلمهم ملوك المسلمين القدس كجائزة على التعاون معهم للقضاء على المسيحيين في فرنسا”.
 
ونشرت إذاعة صوت ألمانيا “دويتشه فيله” عددا من المؤامرات التى صاحبت انتشار عدد من الأوبئة والأمراض المعدية فى العالم، وتبنى أصحابها نظرية المؤامرة حينها، ووجهوا إليها أصابع الاتهام الأولى وراء تفشيها، وهى:
 

الموت الأسود

وعندما اجتاح الطاعون مثلا أوروبا في القرن الـ 14 لم يكن أحد يعرف أصله، وبسرعة ظهرت شائعات حول تسميم آبار، وبنفس السرعة تم الكشف أيضا عن الجناة المفترضين: اليهود “بمخططهم الشيطاني للسيطرة على العالم”.
 

“السم الألماني”

في غضون سنتين فقط (1918 ـ 1920 ) أدت “الانفلونزا الإسبانية” إلى وفاة ما بين 25 و 50 مليون شخص أكثر من الحرب العالمية الأولى التي انتهت لتوها، وبما أن أصلها تم إخضاعه للبحث فقط ابتداء من الثلاثينات، أعلن الكثير من المعاصرين المرض بأنه “سم ألماني”، سلاح طوره الجيش الألماني بشكل اصطناعي.
 

“خنافس ضد ألمانيا الشرقية”

 لم يكن مرضا ولكن آفة خنفس البطاطس في جمهورية ألمانيا الديمقراطية سابقا. فعندما كاد في 1950 أن يدمر تقريبا محصول البطاطس، أعلنته الدعاية الاشتراكية بسهولة أنه “سلاح أمريكي” تم استخدامه للتدمير ضد الشرق. فالنظام الشرقي الألماني الجديد أراد بذلك صرف الانتباه عن الإخفاقات الذاتية.
 

“الإيدز والتضليل الإعلامي”

أكثر الأمراض التى شهدت تضليلا إعلاميا هو الإيدز، وانطلاقا من 1983 روج جهاز المخابرات السوفيتى السابق “كى جى بيى” عالميا للشائعة التى تفيد أن الولايات المتحدة الأمريكية طورت الإيدز كسلاح بيولوجى وجربته على سجناء وأبناء أقليات ومثليين جنسيا وألقت بالمسؤولية في ذلك على إفريقيا كأصل للمرض، وبالرغم من أن علماء البيولوجيا والأطباء في كل مكان في العالم نفوا صحة هذه النظريات، فإن نظرية المؤامرة هذه تبقى إلى يومنا هذا رائجة.
 

“شائعات حول إيبولا”

ما نجح في الترويج للإيدز تم نقله إلى أمراض أخرى، في منتصف التسعينيات انهار الاتحاد السوفيتى، وتمكنت السلطات الصحية من السيطرة بشكل أفضل على الإيدز، لكن في أفريقيا حصل تفجر شديد لمرض إيبولا، وبعض المنظرين للمؤامرة المؤمنين بأصل الإيدز في المختبرات الأمريكية ألقوا مجددا بالمسؤولية في انتشار إيبولا على محاولات اختبار أسلحة بيولوجية في مؤسسات البحوث العسكرية في فورت ديتريك بالولايات المتحدة و في بورتون داون ببريطانيا.
 
 

أسلحة بيولوجية مفترضة أم كورونا

وللإنصاف يجب الإشارة إلى أن نظريات أخرى تروج حول فيروس كورونا تصف الأخير بأنه سلاح بيولوجي اصطناعي من إنتاج صينى، وكيفية التعليل هى دوما متشابهة ولا وجود لأدلة. وهذا النوع من نظريات المؤامرة ينشأ لاسيما في الفترات الأولى للأوبئة التي يبقى أصلها وانتشارها غير واضح نسبيا.
كما زات الثورة الرقمية من تعقيد الوضع، لأن الشائعات والأخبار الكاذبة تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشكل أسرع من علم البيولوجيا والطب وقدرة السلطات الطبية على توفير المعلومات. فالزمن الرقمي له مفعول شاحن توربيني على نظريات المؤامرة حول الأمراض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *