الأدب
اقرأ مع الإمام محمد عبده.. “الثائر الإسلامى” عن شخصية جمال الدين الأفغانى
شغل الشيخ جمال الدين الأفغانى الدنيا فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر ، وتتلمذ على يديه عدد كبير من الشخصيات المصرية والعربية على رأسهم الإمام محمد عبده، واليوم نتوقف مع كتاب “الثائر الإسلامى” لنعرف ما قاله محمد عبده عن الأفغانى.
يقول الكتاب الذى صدر عن دار الهلال، أنه يتناول قصة حياة رائد من رواد الدعوة إلى الوحدة الإسلامية والتمسك بتعاليم الإسلام وعلم من أعلام الفكر السياسى والاجتماعى والأدبى، وثائر دعا للجهاد فى سبيل تحرير الوطن العربى والوطن الاسلامى.
ومن يتعمق فى دراسة تاريخنا الحديث ويتابع جهاد هذا العالم الثائر الفذ وكفاحه فى مصر وفى باريس، ويطالع كتاباته الجريئة وأحاديثه التى أيقظت المشاعر ونبهت العقول إلى الحريات المسلوبة والحقوق المغتصبة، يقطع بأن دعوة جمال الدين كانت أساسا للثورة العرابية فى مصر، وثورة المهدى فى السودان، وغيرهما من الثورات فى ليبيا والمغرب وبلاد الشام، بل يقطع بأن ما يعيشه الوطن العربى اليوم ليس سوى نتاج هذه الحركات والثورات.
وكاتب هذه السيرة هو الشيخ محمد عبده الذى أحب جمال الدين وتتلمذ عليه وعمل معه فى جريدة العروة الوثقى، والذى كان يلازمه ملازمة ظله ويحضر دروسه وناديه وسامره، وكانت كلها مجالس علم وحكمة وأدب ودين وسياسة.
وفى قراءة قدمها Marwa Madian على موقع good reads نقرأ:
هو كتاب بقلم الشيخ محمد عبده الذى يعد من زعماء الإصلاح فى العصر الحديث، كتبه عن السيد جمال الدين الأفغانى.
ولد الشيخ محمد عبده عام 1849 وتوفى فى عام 1905. عُرف بنبوغه منذ نعومة أظفاره. تلقى تعليمه فى الأزهر واشتهر بفكره المتجدد والمتعمق فى ذات الوقت. اشتغل بالقضاء وعمل كمفتيا للديار المصرية. أوكلت إليه مهمة إصلاح الأزهر. عُرف بغيرته الشديدة على الإسلام والمسلمين وشغف بالتفسير والتصوف. صاحب الأفغانى لسنوات وساعده فى إصدار جريدة العروة الوثقى.
استهل كتابه بأن روى ألو لقائه بالسيد جمال الدين الأفغاني، والعلوم التى تلقاها على يديه والكتب التى قرأها عليه مثل: الزوراء للدوانى فى التصوف، وسُلّم العلوم من كتب المنطق، وكتاب “الهداية” و”الإشارات” و”حكمة العين” من كتب الفلسفة.
انتقل بعدها ليتناول تفصيلا شخصية الأفغانى كما عرفه بداية من ولادته ونشأته. ولد جمال الدين الأفغانى عام 1839 فى بلاد الأفغان. ويعود فى نسبه إلى سيدنا الحسين بن على رضى الله عنه. عُنى والده بتربيته وحرص على تعليمه، فتلقى من العلوم الكثير مثل العربية فدرس النحو والصرف والمعانى والبيان والكتابة والتاريخ العام والخاص. وعلوم الشريعة من تفسر وحديث وفقه وأصول فقه وكلام وتصوف. وكذلك علوم عقلية من منطق وحكمة عملية سياسية ومنزلية وتهذيبية وحكمة نظرية طبيعية وإلهية، ومنها علوم رياضية من حساب وهندسة وجبر وهيئة وأفلاك، ومنها نظريات الطب والتشريح. وقد استكمل كل ذلك فى الثامنة عشر من عمره!
بدأ الأفغانى أسفاره برحلة إلى الحجاز لأداء فريضة الحج. ثم سافر إلى الهند ثم الآستانة ثم مصر. وفى مصر استماله صاحب الدولة مصطفى رياض باشا للبقاء وخصصت له الحكومة مبلغ “ألف قرش مصري” كل شهر إكراما له وليس فى مقابل وظيفة يعملها. ولكنه فارق مصر فى عام 1879 إلى حيدر أباد ثم كلكتا ثم أوروبا حيث نجح هناك بالتعاون مع الشيخ محمد عبده فى إصدار جريدة العروة الوثقى.
تحدث الشيخ محمد عبده عن منزلة الأفغانى من العلم فوصفها قائلا: “أما منزلته من العلم وغزارة المعارف فليس يحدها قلمى إلا بنوع من الإشارة إليها. لهذا الرجل سلطة على دقائق المعانى وتحديدها وإبرازها فى صورها اللائقة بها. كأن كل معنى قد خُلق له. وله قوة فى حل ما يعضل منها كأنه سلطان شديد البطش، فنظرة منه تفكك عقدها.”
وعندما تناول أخلاقه قال: “له حلم عظيم يسع ما شاء الله أن يسع، إلى أن يدنو منه أحد ليمس شرفه أو دينه، فينقلب الحلم إلى غضبـ تنقض منه الشهب، فبينما هو حليم أواب، إذا هو أسد وثاب.”
روى الشيخ تجربتهما مع العروة الوثقى التى صدر عددها الأول سنة 1884، وكانت نفقاتها باهظة لأنها تصدر من باريس، وكانت تهدى إلى ملوك العرب وأمرائهم وقادتهم، وترسل إلى كل من يطلبها مجانا.