آراء وتحليلات

من الذاكرة بيوت العريش “بيوت المواجهة و المقاومة الوطنية فى الخامس من يونية ١٩٦٧”

صباح الخير اليوم هو الخامس من يونية هذا التاريخ يمثل بالنسبة لى ولكل اطفال جيلى حينها يوم له ذكرى لاتنسى مازلت عالقة فى الذاكرة منذ ٥٣عاما مرت لكنها مازل ضجيج صداها واثاره واقع لايمكن ان ننساه فيوم الخامس من يونية ١٩٦٧م يوم اسماه البعض بحرب يونية ٦٧ ومنهم من اسماه بحرب الايام الستة ومنهم من اسماه بالنكسة لقد تعددت الاسماء عن هذا اليوم وايا كانت المسميات فهو فى الحقيقة حدث مؤلم هز منطقة الشرق الاوسط كافة ومازالت تداعياته تلقى بظلالها المؤلمة على المنطقة العربية وبلاد خط المواجهة العربية مع اسرائيل .
فهى بالتأكيد كونها مناسبة وحدث مؤلم قد لايرغب البعض فى تذكرة او احياء ايامه واحداثه القاسية
ولكنى احرص على ان اوثقه واتحدث عن احداث هذا اليوم فى كل عام فحديثى ليس للوجاهة او لاجترار الالم الناجم عنه ولكنه للتوثيق والتذكير للأجيال بتاريخ لم يكتب االكثير منه وعنه خاصة مشاهده الوطنية للمقاومة الشعبية واليات المواجهة التى عاشها اهلنا على ارض سيناء وكيف تعاملوا مع صدمة النكسة والم الاحتلال .
غفى الحقيقة انها احداث مازالت محفور ة في ذاكرة الطفولة وارى انه من واجبي أن انقلها بتجربتى المتواضعة بعيون سجلتها عدسة الطفولة ومشاهدها و أنقلها للأجيال التى لم تعاصر هذا الحدث حتى يعلموا قيمة الأرض والوطن والتراب الوطني وذلك النموذج الوطنى العظيم الذى صنعه اهلنا على ارض سيناء الابية وكيف تعاملوا وتعايشوا مع هذا الحدث وصنعوا تلك الملحمة الو طنية العظيمة انها ملحمة البطولة والفداء لأهلنا في مدينة العريش خاصة ومدن سيناء عامة وكيف كانت المواجهة من اولى لحظاتها عندما انسحبت وتراجعت كل المؤسسات و بقى الشعب الصامد على الأرض متمسكا بها والتحم مع قواته المسلحة على أرض المواجهة فالتحمت القوى الشعبية مع ابنائها من افراد القوات المسلحة لتسطر اروع ملاحم للمقاومة الوطنية على أرض العريش حيث شهدت بيوت العريش وشوارعها ملاحم البطولة والمقاومة وتحولت الى ثكنات عسكرية للمواجهة والمقاومة ورفض الاحتلال الذى وطأ ارض الوطن .
حقا لقد كان صباح يونية ١٩٦٧م صباح مؤلم ولكن اهلنا استطاعوا ان يحولوا هذا الالم وتلك المحنة الى ملحمة للمقاومة فكانت بيوتنا مرتكزات لانطلاقة هذه المقاومة ولعلي اعرض نموذج عايشتة فى طفولتي لبيت عائلتى الذى مثل نموذج من نماذج بيوت المقاومة الوطنية بمدينتى الغالية العريش
هذا البيت الكبير الذى تساوى مساحة الف متر مربع ، والكائن فى مدينة العريش الباسلة، والذى تربيت فية فكانت طفولتى قضيت فيه اجمل سنوات حياتى فيه ، انه بيتنا العامر بيت العائلة الكبير بيت جدى ووالدى تربينا فيه واحتضنت جدرانة الطينية الفخمة ، احلام طفولتنا وشهدت ساحة حديقته الكبيرة ذات الحديقة المثمرة ، العابنا البريئة ، فى هذا البيت الذى كان مكون من 10 حجرات وجناح خاص للضيوف فى مدخل المنزل وشقتين للاسرة ، وخلف المنزل كانت به ملاحق منها : حجرة الفرن والخبز ، وحجرة الخزين ، وحجرات خلفية بها مخبأ ، وكان به حوش كبير لتربية كافة انواع الطيور والماعز ، هذا البيت بنى عام 1935م اى قبل الحرب العالمية الثانية وكان وجهاء مدينة العريش يبنون بيوتهم بهذا النمط ، وكانوا يلحقون بها حجرات خلفية بها مخبأ احترازا لإحتمال قيام الحروب التى كانت قد بدأت تعصف بالمنطقة بعد اتفاقية سايكس بيكو ، والحرب العالمية الاولى ،فكانت بيوتهم تشبة القلاع المحصنة التى لايعرف مداخلها إلا اصحاب البيت .
شهد هذا البيت فى مساء ٥ يونية ١٩٦٧م والذى كانت حجراته تمتلى بأكثر من٥٠٠ مقاتل من قواتنا المسلحة ، وبدأخلة كان اهل البيت وشباب اطباء سيناء وأعضاء الهلال الاحمر يقوموا بعمليات اسعاف لابنائنا من الجنود الجرحى والمصابين
هذا البيت كان أحد مراكز التخطيط لعمليات المقاومة فى الفترة من ١٩٦٧م وحتى انتصار ١٩٧٣م ، وايضا اصبح فيما بعد التحرير مركز التخطيط السياسى لقيادات شمال سيناء ، هذا البيت هو بيت جدى احد كبار مشايخ العريش وبيت والدى قيادة من قيادات سيناء رئيس مجلس محلى العريش ومدير عام والمؤسس لمشروعات الامن الغذائى بسيناء بأمر مباشر من الرئيس أنور السادات ، واحد قيادات شباب المقاومة الشعبية خلال حرب 1956م وعضو مؤسس لمنظمة سيناء العربية واحد اقطاب المقاومة فى سيناء خلال فترة الاحتلال (١٩٦٧م : ١٩٧٩م ) ورمز من رموز المقاومة الوطنية ضد قوات الاحتلال الاسرائيلى .
افخر بأنى تربيت فى هذا البيت الذى يمثل جزأ هاما من تاريخ المقاومة فى سيناء ، فهو احد بيوت مدينة العريش الباسلة التى ضربت مثالا عظيما فى المقاومة منذ يونيو١٩٦٧م وحتى رفع العلم المصرى على مدينة العريش ١٩٧٩م ، واستمر الدعم لفئات المقاومة وحتى اكتمال تحرير سيناء ١٩٨٢م .
رحم الله الاباء والاجداد الذين افنوا أعمارهم دفاعا عن الوطن وذرات ترابه الغالى .
إنها رسالة للذكرى وحتى لاننسى تاريخ اهلينا وبطولاتهم الذين علمونا قيم الفداء فى حب الوطن انها تجارب وامتحان التاريخ التى تقوينا وتخرجنا من الأزمات أقوى واشد حبا للوطن وأكثر لحمة لنسيجنا الوطني وتمسكنا بارضنا وترابها الغالي
فهذه الكلمات ليس للوجاهة وإنما هى رسالة ننقلها عن مسيرة اهلينا وبطولاتهم تمثل ذكرى لأبطال يجب ومن الواجب ان يسجلهم التاريخ بأحرف من نور ، وذاكرة وطن مدونة فى وجداننا وجب علينا ان نقدمها لاجيال المستقبل .
——————————————-
خالص تحياتى / سهام عزالدين جبريل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *